تقارير
كيف نجح ثوار 11 فبراير في الحفاظ على حضورهم ورغبتهم في التغيير؟
لم تكن ثورة 11 فبراير 2011 مجرد خيار سياسي مؤقت، بل كانت ضرورة فرضتها عقود من الحكم الفردي، الفساد، والإقصاء، في ظل نظام قائم على التوريث والاستبداد. ورغم كل المحاولات لإخمادها، بقيت كفكرة تقاوم، ولا تزال الصوت الأقوى في مواجهة ميليشيا الحوثي والانقلاب على مشروع الدولة.
علمتنا الثورات عبر التاريخ أنها تمر بموجات قد تخفت أحيانًا، لكنها لا تموت. فالثورات ليست مجرد لحظات انفجار سياسي، بل هي قوة مجتمعية تدفع نحو التغيير المستدام، حتى وإن بدا الطريق شاقًا وطويلًا. فالنجاح لا يُقاس فقط بإسقاط نظام، بل بإرساء مشروع يضمن استمرار التغيير نحو الأفضل.
ورغم الانتكاسات التي واجهتها، لم تنتهِ ثورة فبراير، بل تأخر مسارها بفعل القوى التي تكالبت عليها، والتي عملت على تفكيك الدولة وإعاقة أي تحول ديمقراطي حقيقي.
الثوار تسامحوا أكثر من اللازم
يقول عبد الهادي العزعزي، رئيس تيار فبراير الوطني، إن الصورة المشوشة التي رُوّجت عن الثورة جاءت من أطراف تخشى التغيير، مضيفًا: “هناك نخب سياسية كانت مسكونة بأوهام الماضي، غير قادرة على التكيف مع المستقبل، ولا تزال تعيش في صراعاتها القديمة.”
ويتابع: “أولويات الثورة اليوم تتجلى في استعادة الدولة، وبسط نفوذها على كافة الأراضي اليمنية، ثم تقديم نموذج ناجح لإدارة المناطق المحررة، مع التركيز على الإصلاحات الاقتصادية كأحد محاور الصراع الرئيسية. فالمعركة ليست فقط عسكرية، بل تمتد إلى الجوانب الاقتصادية، الثقافية، والاجتماعية.”
وينتقد العزعزي أداء القيادات الحالية قائلًا: “يجب أن تكون بحجم المسؤولية الأخلاقية، فالانهيار الاقتصادي واضح، وسعر الصرف تجاوز 630 ريالًا مقابل الريال السعودي، وهو مؤشر كارثي. ومع ذلك، لا تزال الحكومة غارقة في معارك جانبية، كما أدخلنا الحوثيون منذ 2015 في صراع أهدر عشر سنوات من عمر المجتمع.”
ويضيف: “نحن ثوار فبراير كنا متسامحين أكثر من اللازم، سلمنا نصف السلطة للنظام السابق في إطار التوافق السياسي، لكن ذلك لم يكن كافيًا لهم. حاولنا طمأنة الإقليم بأننا لا نحمل عداءً لأحد، بل نسعى لحل مشاكلنا الداخلية، لكننا واجهنا حربًا مفتوحة على مشروع الدولة.”
فعل سياسي مقاوم
من جانبه، يرى الباحث السياسي الدكتور متعب بازياد أن ثورة فبراير كانت فعلًا سياسيًا شاملًا، انخرطت فيه مختلف فئات الشعب، وليس مجرد حدث عابر.
ويقول: “رغم مرور 14 عامًا، لا تزال الثورة حاضرة بقوة في المشهد السياسي، حتى وإن اتخذت أشكالًا مختلفة. فقد تحولت مفاعيلها إلى فعل مقاوم للانقلاب الحوثي، عبر المقاومة الوطنية والشعبية، وإعادة بناء الجيش في المحافظات المحررة.”
ويضيف: “نجحت الثورة عندما أوصلت اليمن إلى مؤتمر الحوار الوطني، حيث جلست كل القوى السياسية، بما فيها النظام السابق، لصياغة مشروع مستقبلي للدولة اليمنية الحديثة. لكن هذا المشروع أُجهض بانقلاب الحوثيين في 2014، لتعود قوى فبراير مجددًا إلى مواجهة الانقلاب.”
ويؤكد بازياد أن “ثورة فبراير ليست مجرد ذكرى، بل مشروع سياسي لا يزال مستمرًا، وإن كان يواجه تحديات كبرى. فاليمنيون لم يتخلوا عن مطالبهم في بناء دولة مدنية، وما يحدث اليوم هو امتداد لمعركة طويلة ضد الاستبداد، بدأت قبل 14 عامًا، لكنها لم تنتهِ بعد.”