لعبة العصا والجزرة.. كيف تمكنت مليشيا الحوثي من السيطرة على القبائل؟

طوال السنوات الماضية، مارست مليشيا الحوثي لعبة العصا والجزرة مع القبائل والمشايخ في مناطق سيطرتها، وبعد أن تمكنت من إحكام قبضتها على السلطة، مارست العنف المفرط تجاه القبائل وقتلت العشرات من المشايخ والوجاهات القبلية بطريقة بشعة.

في مديرية همدان (شمالي العاصمة صنعاء) بعد أن شنت مليشيا الحوثي حملة اختطافات واسعة على بعض مناطق وقرى المديرية، قالت مصادر محلية إن قيادات حوثية طلبت مبالغ مالية مقابل الإفراج عن 13 مواطنا من أبناء همدان؛ كانت قد اختطفتهم نهاية ديسمبر الماضي.

وكانت مليشيا الحوثي قد أطلقت حملة عسكرية على مناطق في مديرية همدان، لا سيما منطقة "الجاهلية"، واقتحمت فيها القرى والعزل، واختطفت وروّعت الآمنين، وجرفت المزارع بذريعة البحث عن أسلحة.

- نُسخ مكررة

يقول المحلل السياسي، فيصل الحذيفي: "إن مليشيا الحوثي أم المصائب، التي حلت على الدولة، وطالما انقلبت على الدولة ولا تفكر بإدارة البلد بسلطة أمرها الواقع بعقلية الدولة فهي مصيبة".

وأوضح أن "ما حدث في عزل وقرى الجاهلية، في مديرية همدان، هو عبارة عن نسخ مكررة لما حدث في إب، وفي بعض مناطق تعز، وأكثر من جغرافيا يمنية، وهي أعمال قمع للمشايخ والمواطنين الذين كان لهم موقف مساند للمليشيا، وتسهيل الطريق أمامها أثناء انقلابها على الدولة في عام 2014م، بتوجيهات من الرئيس الأسبق علي صالح".

وأضاف: "شاهدنا قبائل حاشد وبكيل كيف ساندت الحوثية أثناء الانقلاب على الدولة، ورأينا كيف قام القيادي الحوثي أبو علي الحاكم بإهانة مشايخها بلطم أحدهم، وسحل الآخر، واعتقال وسجن آخرين، وتفجير منازلهم، وهذا أقل جزاء لمن خذل البلاد وباعها لهذه المليشيا".

ولفت إلى أن "مليشيا الحوثي فجرت المنازل والمساكن والمساجد ودور القرآن والمعاهد، منذ العام 2004م، على وقع صرختها [الله أكبر الموت لإسرائيل]، وما يحصل اليوم في المناطق الواقعة تحت سيطرتها هو امتداد لما حصل في العام 2004م".
وتابع: "قال لي أحد مشايخ صعدة إنهم وقعوا مع مليشيا الحوثي أكثر من 200 اتفاق ومعاهدة ومسالمة ومساكنة وحسن جوار وحسن نية، إلا أنها كانت لم تلتزم وتنصلت عنها جميعها، وكانت دائما تهاجم القبائل بذرائع مختلقة كما يحصل اليوم في قرى همدان".

وبيَّن أن "القبائل في اليمن بطبيعتها متسيدة لا تحب أن تُحكَم، حتى في عهد الدولة، فجاءت اليوم من تحاول كسر رقبتها وأذرعتها وتكبيلها وتحويلها إلى كائن طيع لها، وهو ما حصل، وإذا حاولت أي قبيلة أن تتحرر من هذا التكبيل تضرب وتداهم بقوة".

وقال: "إن القبائل اليمنية هي في الأصل حرة وعنيدة وكريمة لها عادات وتقاليد وأعراف، ونحن قبلنا بها كنوع من التعايش الاجتماعي والعرف الذي ساد في مختلف أجزاء اليمن، لكن مليشيا الحوثي هي من تقف ضد القبيلة وتستنقص منها، وتعتبرها مواطنين من الدرجة الثانية".

وأضاف: "القبيلة بالنسبة لمليشيا الحوثي إذا لم تكن مطيعة لها، فهي عدو، حتى الإمام كان يستهين بالقبيلة بقوله [الحجر من القاع والدم من رأس القبيلة]، لذا تحاول مليشيا الحوثي تطويع القبيلة بالقوة".

ويرى أنه "إذا تمردت القبيلة وتمسكت بشموخها وعزتها في وجه مليشيا الحوثي، ستنتصر"، مضيفا: "لدينا شواهد كثيرة حتى في ما قبل 1962م، وما القردعي إلا واحد من أبناء القبيلة الذين حاولوا الانتصار للحرية والعدالة الاجتماعية والعرف السائد، وكانت رصاصته هي التي أصابت رأس يحيى حميد الدين".

وأفاد بأن "حكم الأئمة المتعاقب لم يكن مستمرا، وإنما كان في فترات متقطعة، وكان قائما على القتل والدمار والسحل وحالة اللا دولة، كما هو حاصل الآن تماما مع مليشيا الحوثي، التي لن تستمر".
وقال: "عملية تجريف المزارع وأعمال تفجير المنازل، التي تقوم بها المليشيا، الهدف منها الترهيب والتخويف، فإذا فجرت بيتك وجرفت مزرعتك وأعز ما تملك فما البديل الذي ستملكه كمواطن في الريف؟".
وأضاف: "المليشيا تقوم بالدراما بعد أعمال الترهيب والتخويف، حيث يأتي محمد علي الحوثي، مع مجموعة من الأثوار، ويعمل زامل، ويجمع الجموع ويقولون بأن ذلك كان خطأ، وتم معالجته".

- نهب وتجريف

من جهته، يقول رئيس المركز الأمريكي للعدالة، عبدالرحمن برمان: "نحن تابعنا ما تتعرض له قرى وعزل مديرية همدان بصنعاء من انتهاكات واسعة؛ سواء من حصار ونصب النقاط على مداخل المناطق التي تعرضت للهجوم، إضافة إلى اعتقال نحو 13 شخصا، وتعرض الكثير من الأشخاص للضرب والاعتداء أثناء المداهمة".

وأضاف: "قامت مليشيا الحوثي بالسيطرة على مساحة واسعة من أراضي أبناء همدان، وهذا الأمر قد تكرر في مناطق مختلفة تسيطر عليها المليشيا".
وتايع: "مليشيا الحوثي تنهب أراضي المواطنين، التي توارثوها أبا عن جد منذ مئات السنين في مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بذرائع أنها أراضي أوقاف أو تابعة للدولة، وترى نفسها أنها هي الدولة، وبعد الاستيلاء عليها يتم توزيعها لمقربين من جماعة الحوثي، بدون أي مبرر قانوني لذلك".

وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي استولت حتى على القضاء، وجاءت بمشرفين خاصين في كل محكمة، وتم تغيير مجلس القضاء الأعلى والرقابة والتفتيش، وتتواجد المليشيا في كل مفاصل القضاء، حتى في المحاكم".
وأكد أن "المليشيا قامت بتشكيل المنظومة العدلية برئاسة محمد علي الحوثي، الذي لم يدرس حتى الابتدائية، الهدف منها مناقشة أحكام القضاء الأعلى هل هي موافقة للقانون أو لا".