تقارير

لماذا تخشى بعض الأطراف الاحتفال بذكرى الوحدة وتحذّر منه وتمنعه؟

24/05/2025, 08:47:31

في كلِّ ذكرى للوحدة اليمنية، يتجدَّد الجدل حول تاريخها وواقعها ومصيرها.

في هذا العام، ومع الذكرى الخامسة والثلاثين لها، ظهر صوت يتحدث عن عدم جدوى الحديث عن الوحدة في ظل سيطرة مليشيا الحوثي على جزء كبير من البلاد.

هذا الصوت ليس جديدًا، لكنه تصاعد هذا العام بشكل لافت، بدفع من أطرافٍ تسعى لتكريسه واقعًا يخدم مشروعها السياسي.

- الوقت غير مناسب

يقول الكاتب عبدالسلام القيسي: "الوحدة هي أكبر تحوُّلٍ في تاريخ اليمن الحديث، ولا ينكرها إلا جاحد، لكن المتغيِّرات الحالية والسياق الذي تمرُّ به اليمن يحتِّمان علينا إدراك الواقع، وأن نتوحَّد في معركتنا ضد الحوثيين والمليشيات".

وأضاف: "أما أن نعيش شراكة الفشل وننسى عدونا الحقيقي، لنذهب للحديث عن الوحدة لا من أجل معناها، بل لاستفزاز الآخر وفض الشراكة، فهذا لا يجوز".

وأوضح: "البلاد تُعاني من فشلٍ سياسي واجتماعي متراكم، وإذا لم نحتمل بعضنا في ظل هذا الإرث من الفشل، فلن نصل إلى شيء".

وتابع: "لو كانت البلاد تسير بشكل سليم، لكنا في صنعاء، ولن نتحدث عن جدلية الوحدة والانفصال والحوثي، هناك أولويات يجب أن نرتبها؛ أنا من بلاد محتلة، وأريد أن أتوحَّد مع وطني الذي يعبث به الكهنوت".

واستطرد: "نحن نعيش الوحدة عمليًا في عدن، وحضرموت، وكل مكان قاتلنا فيه معًا، في الحديدة ومأرب، الوحدة ممارسة لا شعار، ولا أريد وحدة الشعار التي تُمزقنا، بل وحدة الجبهات".

وأضاف: "من كان انفصاليًا في السابق، كان نكاية بعلي عبدالله صالح لإفشال منجزه، ومن صار وحدويًا اليوم، يفعل ذلك فقط لإفشال طارق صالح، وخلق نقيضٍ بينه وبين الانتقالي الجنوبي".

ولفت: "نحن جميعًا مهزومون أمام الحوثي، فنُفرِّغ غضبنا في معارك وهمية عن الوحدة والانفصال".

وبيّن: "الشمال جغرافيًا وسياسيًا بات مع الحوثي، والزبيدي عضو في مجلس القيادة الرئاسي، ومعه ثلاثة من الانتقالي، نحن أمام واقع جديد".

وتساءل: "من حقك أن تحتفي بالوحدة، لكن ليس من حقك أن تحوِّلها إلى خنجر ضد الجنوب؛ الهوية والجواز ما زالا يمنيَّين، فلماذا نحرق مراكبنا في الجنوب بعد أن أحرقناها في الشمال؟".

وأكد: "ليس كل الجنوبيين انفصاليين، ولا كل الشماليين حوثيين، لكن القوَّة الصلبة اليوم مع الانتقالي في الجنوب، ومع الحوثي في الشمال، ونحن نصرُّ على خسارة الجميع".

وقال: "كفرد، إذا خُيِّرت بين وحدة مع الحوثي أو انفصال من دونه، سأختار الانفصال".

وحول المواقف من الوحدة، يوضح: "المقاومة الوطنية توجُّهها مواجهة الحوثي، وعلاقتها متوازنة مع الجميع، علي عبدالله صالح أنجز الوحدة، ونحن نعتز بذلك، لكن بنية الدولة تفككت، ولم تعد موجودة لنستحضر شعور التسعينات".

وتساءل: "مع من سنتوحد؟ مع الحوثي؟!! الشمال نفسه ممزّق، لا وحدة في تعز، ولا الحوبان، الحوثي فصل العملة، حاصر تعز، وقطع الماء، ثم نعود للحديث عن الوحدة بطريقة هجومية!".

وأضاف: "أريد الوحدة مع بلادي، واستعادة الدولة هي الطريق لإصلاح كل شيء، في مؤتمر الرياض قال الزبيدي: نستعيد صنعاء ثم نتفق على صيغة الحكم، وحدة أو انفصال، وطارق صالح قال: نستعيد الدولة ثم يقرّر الشعب مصيره، هذا هو المنطق".

وختم القيسي كلامه: "أعتقد أن الشعب اليمني مع الوحدة، لكن الوقت غير مناسب للنقاش، تمامًا كما تحدَّثنا عن هيكلة الجيش في 2012 والحوثي كان يطرق أبواب صنعاء، إذا لم نُوحِّد الخطاب فلن نصل إلى شيء".

- مرحلة وطنية

من جانبه، يرى الصحفي عبدالعزيز المجيدي أن الجدل المتكرر حول الوحدة يُستخدم كأداة لإعادة تمزيق اليمن ضمن مخططات خارجية، قائلا: "نظام صالح أضرَّ بالوحدة بعد تحقيقها، بممارساته التي خلقت شرخًا في الوجدان اليمني، ونتج عنها احتجاجات الحراك الجنوبي في 2007، ثم الحرب التي خاضها مع الحوثيين في 2015، فمزَّقت ما تبقّى من اللحمة الوطنية".

وأضاف: "التحالف الذي جاء لدعم الشرعية كان من المفترض أن يدعم الوحدة أيضًا؛ لأنها جزء من الكيان القانوني للجمهورية اليمنية وفق المرجعيات والقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 2216".

وتابع: "محاولة اختزال الوحدة باعتبارها 'ممارسة' فقط، هو شكل من أشكال المغالطة، يُمرر أجندات خارجية تهدف إلى تفتيت اليمن، الواقع أن أطرافًا يمنية ارتبطت بالخارج وأصبحت تفرض خيارات على الناس دون تفويض، مثل عيدروس الزبيدي".

وتساءل المجيدي: "من فوض الزبيدي للحديث باسم الجنوب؟ ومن فوض غيره لتحديد شكل الدولة بينما هم يعتمدون فقط على دعم خارجي؟".

وزاد: "من يدعو إلى تجاوز قضية الوحدة، تحت ذريعة مواجهة الحوثي، هو نفسه من قوض المعركة ضد الحوثيين منذ توقُّفها عند حدود الشطرين في نهاية 2015، وبدء تشكيل قوى بديلة للشرعية".

وبيّن: "تحالف طارق صالح اليوم مع المشروع الانفصالي ليس رؤية وطنية، بل امتدادٌ لمشروع عائلي يُحدد الوطن حسب مصلحة العائلة، لا مصلحة اليمن".

وأردف: "ما يحدث هو جزء من مشروع إقليمي بدأ مع انقلاب الحوثي - صالح، وقوّض أول رئيس جنوبي، ودمّر الوحدة الوطنية".

وأكد أن "الأطراف الخارجية لا تريد جنوبًا مستقلًا ولا شمالًا مستقرًا، بل تشكيلات مسلحة تخدم مصالحها، مثل قوات طارق صالح وغيرها".

وقال: "عندما أحتفي بالوحدة، لا أحتفي بمن وقَّعها، بل لأنها مرحلة وطنية يجب الدفاع عنها، مهما كان المنفذون، فهم موظفون في نهاية المطاف".

وأضاف المجيدي: "طارق صالح ذهب إلى عدن ورفع العلم اليمني، معتقدًا أن الخارج سيدعمه، لكنه طُرد من قصر المعاشيق وأُهين، لم يعد إلى عدن حتى اليوم لأنه يعلم أن الخارج فرض هذا الواقع، ويتماهى معه".

وتابع: "لم أؤمن يومًا بأن التحالف جاء لمواجهة الحوثي، بل جاء لتمزيق اليمن، منذ 2015 توقفت المعارك عند حدود الشطرين، وبدأ الحديث عن أطراف خارجية، ثم تم خلق تشكيلات عسكرية بديلة للشرعية".

وأوضح: "التحالف هو من رسَّخ الحوثي كسلطة أمر واقع في الشمال، بسياساته التي أنشأت مليشيات خارج الشرعية، ودمَّرت بنية الدولة، بدلاً من توحيد الصف، قام بتمزيق الشرعية، وتشكيل فصائل متنازعة".

واستطرد: "المعركة ضد الحوثي أُضعفت منذ اللحظة الأولى، برفع شعارات دون مضمون، وتسليح أطراف لا تعمل تحت مظلة الدولة".

وزاد: "الزبيدي مثلًا كان يعلن نية الوصول إلى صنعاء، لكنه اليوم يتصرف ككيان منفصل في عدن، دون صيغة قانونية أو سياسية".

وتساءل المجيدي: "كيف تكون شريكًا في الحكومة، وتمنع وجود مسؤولين، وترفض حتى رفع العلم اليمني؟ وتُقصي الجنوبيين الذين يدافعون عن الوحدة؟ هذا الخطاب يخدم الحوثي، وهو ما أضعف المواجهة الحقيقية ضده".

وتابع: "لو كانت هناك نية صادقة لمواجهة الحوثي، لما تم تشكيل عشرات الفصائل، الإمارات تفاخر بتدريب 200 ألف جندي، لكنك لن تجد واحدًا منهم ضمن الشرعية، فهل هذا من أجل استعادة الدولة؟ من نغالط؟ من نكذب عليه؟".

وأضاف: "نحن ضحية إرادات خارجية، وجدت أطرافًا يمنية مستعدة لتنفيذ أجندتها بمرونة".

ويرى أن "الحوثي يمارس الانفصال فعليًا، على المستويين السياسي والاقتصادي، لديه حدوده وجماركه، والدعم غير المباشر من التحالف مكَّنه من السيطرة، مثلما حدث حين تم الضغط على البنك المركزي لتمكينه ماليًا".

ويختم المجيدي: "الهزيمة الحقيقية لليمنيين هي حين يُسلِّمون قرارهم للخارج، ويجعلونه يحدِّد مصيرهم، كما حدث منذ اقتحام صنعاء، والتحالف مع الحوثيين، وحتى اليوم، حين لا يزال البعض يُداهن الخارج على حساب الثوابت الوطنية".

وفي تعليقه على لقاء إعلاميين من المجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية، يقول المجيدي: "تحدَّث الطرفان عن الثوابت المشتركة، لكن ما هي هذه الثوابت؟ الانتقالي يُطالب بالانفصال ويعتبره حقًا مكتسبًا، بينما لا أحد يعرف على ماذا تقوم ثوابت المقاومة الوطنية، سوى ما تحدده أطراف خارجية".

تقارير

البدو الرُّحل في صحراء مأرب يصارعون الهوية والبقاء في وجه النزوح والتغيّرات

تغيَّرت ملامح الحياة البدوية شيئًا فشيئًا في قلب صحراء مأرب الواسعة شرق اليمن، فلم تعد قوافل التنقل تسير في هدوء كما اعتاد البدو الرّحل، ولم تعد خيامهم المنزوية على أطراف المراعي كما كانت لقرون.

تقارير

السلطة الشرعية.. من موقع القيادة إلى هامش المشهد

لم تعد مظاهر التراجع في أداء السلطة اليمنية الشرعية خفية أو قابلة للتجاهل، بل أصبحت تتجلى حتى في تفاصيل رمزية تعكس عمق أزمتها، كما حدث في الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية، التي مرت بصمت رسمي مريب، دون احتفال أو حتى إجازة، في مؤشر صارخ على تفكك الهوية الجامعة، وانفصال السلطة عن رموز الدولة ومعناها.

تقارير

سببت انتكاسة للمزارعين.. عائدات محاصيل المانجو لا تغطي نفقات الإنتاج

يتحسر المزارع الستيني عبدالله الغُزي على مبيعات مزرعة المانجو التي يمتلكها في محافظة حجة شمال غرب اليمن، ولم تغطِ عائداتها تكاليف العمل والمصروفات التي أنفقها على المبيدات الحشرية، والسماد، ومياه الري.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.