تقارير
سببت انتكاسة للمزارعين.. عائدات محاصيل المانجو لا تغطي نفقات الإنتاج
يتحسر المزارع الستيني عبدالله الغُزي على مبيعات مزرعة المانجو التي يمتلكها في محافظة حجة شمال غرب اليمن، ولم تغطِ عائداتها تكاليف العمل والمصروفات التي أنفقها على المبيدات الحشرية، والسماد، ومياه الري.
ويؤكد الغُزي أن العام الحالي والذي سبقه كان أشد خسارة لمزارعي المانجو، حيث وصلت أسعار المانجو إلى الحضيض، وإلى مرحلةٍ، إذا استمرت، قد تدفع المزارعين إلى التوقف عن الاهتمام بأشجار المانجو، والانصراف إلى زراعة محاصيل أخرى.
يقول الغُزي: "مزارعو المانجو يكابدون مشقة الاهتمام بأشجار المانجو طوال العام، وبشكلٍ خاص منذ ظهور الزهرات، لاسيما مع التقلبات المناخية التي تسببت في انتشار الحشرات والآفات الزراعية والجفاف والمناخ المتقلب، وفي النهاية لا تغطي عائدات المحصول".
- تأرجح الإنتاج
يُقدَّر إنتاج اليمن من فاكهة المانجو بـ 402 ألف طن، وتحتل زراعتها مساحةً تصل إلى ما يقارب 26 ألف هكتار، تقع أغلبها في محافظات حجة والحديدة وتعز، مقارنةً بـ 291 ألف طن من المحصول، ومساحة قدرها 23 ألف هكتار خلال العام 2018، بحسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2021، الذي يوضح أيضًا أن إنتاج المانجو وصل إلى 383 ألفًا و107 أطنان، على مساحةٍ مزروعةٍ تقدر بـ 25 ألفًا و953 هكتارًا في العام 2013.
وتُظهر الإحصائيات الزراعية التأرجح في مستوى إنتاج المانجو في السنوات الماضية بسبب مشاكل متنوعة، إلا أن المشكلة الرئيسية تكمن في تحوُّل المانجو من مُنتَج مربح إلى حالةِ كسادٍ ألحقت بالمزارعين خسائر فادحة وجعلته يخسر أسواقه.
المهندس والمرشد الزراعي عبدالسلام غالب يؤكد أن خسائر المواطنين ليست ناتجة عن زيادة العرض وقلة الطلب فقط، وإنما أيضًا التغييرات المناخية التي تسببت في انتشار وتكاثر الحشرات الضارة والأمراض، وتغيير مواعيد الزراعة، وتناقص كميات المحصول.
ويقول المهندس غالب لـ"بلقيس": "توقف التصدير إلى الدول المجاورة عاملٌ هامٌ في ركود سوق المانجو، بالإضافة إلى عدم وجود سياسةٍ تسويقيةٍ، وغياب الاهتمام من قبل الدولة، وعدم وجود ثلاجات تبريد مركزية تضمن استمرارية المحصول في الأسواق طوال العام".
- مشاكل مركبة
تتنوع أشجار المانجو في اليمن بين أصناف السمكة، السوداني، قلب الثور، والتيمور الذي انتشرت زراعته في السنوات الأخيرة، واحتل الصدارة في مستوى الطلب، نتيجة لجودته المرتفعة، والمذاق، وصغر حجم النواة.
إلا أن هذا التنوع المنتج لم ينعكس إيجابًا على أسعار مبيعاته واستمراريته، وتفاوت مواعيد النضج، فجميع الأصناف تتكدس في وقت واحد، وتختفي من الأسواق في نفس التوقيت.
وفي الموسم الحالي، وصل سعر سلة المانجو التي تحوي ما يقارب 18 كيلوغرامًا في الأسواق المركزية بصنعاء إلى 3,000 ريال يمني (ما يقارب 5 دولارات أمريكية)، وبمتوسط 5 إلى 4 كيلوغرامات للألف الريال في البسطات ومحال بيع الفواكه.
المزارع أحمد الوافي، الذي يمتلك مزرعةً في سردود بمحافظة الحديدة، يرى أن من أسباب الخسائر التي يتكبدها المزارع انحصار تجارة المانجو بيد بعض الوكلاء والوسطاء الذين لا يبالون بتبعات انخفاض الأسعار على المزارعين، حيث قد يقومون بإهمال مزارعهم، علاوةً على ضغط الوقت الذي يجعل المزارع يقبل بأي ثمن حتى يُصرِّف المحصول قبل أن يفسد.
ويقول الوافي: "التنضيج الصناعي الذي يقوم به بعض المزارعين للتسابق على بداية الموسم يساهم في تكدس المنتج، ويؤثر على جودته، ومستوى إقبال الناس عليه".
- تهديدات خطيرة
تواجه كثيرٌ من المنتجات الزراعية في اليمن تهديدات خطيرة، وفي مقدمتها المانجو، التي كان المزارع يفضلها على غيرها باعتبارها تحقق له مكاسب جيدة، وعليها إقبال كبير في الأسواق المحلية والخارجية. إلا أن التراجع في مبيعاتها وإنتاجها تحول إلى انتكاسةٍ للمزارعين، حسب ما يؤكده الخبير الزراعي ناصر القحطاني.
يقول القحطاني: "المزارع يتكبَّد تكاليف مالية باهظة في توفير الأيدي العاملة، والمبيدات الحشرية الغالية التي تكافح الأمراض والآفات التي تصيب أشجار المانجو، كالعناكب، الفطريات، العفن، وفراشات ثمار الفاكهة، وغيرها".
ويرى القحطاني ضرورة وقوف الدولة إلى جانب المزارعين من خلال: توفير ثلاجات تخزين المحصول، التي سوف تساهم في تنظيم مبيعاته.
إعادة التصدير إلى الخارج، والتشجيع على إنشاء مصانع وطنية للعصائر بدلًا من استيرادها من السعودية والإمارات وبعض الدول، مما سيغني عن استيراد علب المانجو الكبيرة التي تستخدم في الكافتيريات طوال العام من الهند.
تستطيع منتجات المانجو في اليمن، التي تحتل المرتبة الثالثة في حجم الإنتاج بين الدول العربية بعد مصر والسودان في العام 2021، حسب موقع وورلد بوبيوليشن ريفيو الإحصائي، تغطية مصانع العصائر والكافتيريات على مدار العام. ويمكن أن تساهم المعالجات الرسمية في تشجيع المزارعين، وارتفاع مستوى الإنتاج.
وبحسب تقارير محلية، فإن عدد أشجار المانجو في اليمن يصل إلى مليوني شجرة، إلا أن مرض الموت الرجعي الذي يصيب بعض الأشجار، والتكاثر السريع للحشرات، بالإضافة إلى ضعف السوق، سيؤدي إلى نقص أعدادها، وعدم التوسع في زراعتها ما لم يكن للدولة مساهمةٌ فاعلةٌ في إسناد المزارعين.