تقارير
لماذا يسعى الانتقالي لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الخدمات ومطالب الناس؟
تغرق العاصمة المؤقتة عدن في فوضى سياسية وخدمية خانقة، حيث تحول تدهور الخدمات إلى مأساة يومية، تثقل كاهل المواطنين، ووسط هذا الانهيار يستغل المجلس الانتقالي، الغضب الشعبي لتنفيذ أجنداته السياسية، مدعيا تمثيل الناس في احتجاجات دعا إليها، لكنه يواجه كل صوت يطالب بالخدمات، بالقمع والترهيب.
ازدواجية الانتقالي بين الجلوس على طاولة السلطة، وتصعيد الشارع ضدها، تكشف عن عبثية مواقفه التي تحول دون استقرار المدينة، وتسعى لعرقلة أي فرصة لاستعادة الاستقرار.
وفي ظل هذه الفوضى يعاني المواطنون وحدهم جراء كل ذلك، حيث تختفي الحلول وتتزايد معاناتهم مع تدهور الخدمات الأساسية، ليجدوا أنفسهم رهينة صراع سياسي لا يرحم.
أين دور مجلس القيادة؟
يقول المحلل السياسي والناشط حسن مغلس، إن الانتقالي كعنصر يمثل بعض القطاعات الجنوبية كما يقول ومشارك في السلطة، وفي الوقت نفسه يتبنى المعارضة، ويؤدي الدورين، كسلطة ومعارضة، هذا الأمر يجب أن يرد عليه مجلس القيادة الرئاسي، باعتباره شريك وعضو في المجلس.
وأضاف: أنا اتساءل: حينما يجلس أعضاء ورئيس مجلس القيادة الرئاسي الثمانية مع بعض، عن ماذا يتحدثون؟ هل الثلاثة الذين يتبعون الانتقالي يوجهون للخمسة الآخرين اتهامات أم أنهم يضحكون مع بعضهم البعض على الشعب؟
وتابع: نحن كشعب، يعتبر مجلس القيادة الرئاسي، حاكمنا الشرعي، ومسلمين لهم، لكن القضية ما دور أعضاء مجلس القيادة هؤلاء، وهم يجلسون مع بعض على طاولة واحدة، والناس تتقاتل في الأرض لوحدها؟
وأردف: الأمر الآخر أن بعد كل هذه الأحداث من احتجاجات وإضرابات وتصعيد، لم نسمع صوت، لا من الحكومة ولا من مجلس القيادة الرئاسي، ولا من أي طرف، وكأن الأمر عادي، وهذه هي السياسة المعتادة.
وزاد: قرر المدرسون الإضراب في غالبية المحافظات، وليس في عدن وحدها، ووضعهم سيء جدا، ومأساتهم كبيرة، في ظل الراتب الحقير الذي لا يتجاوز 30 دولارا، وكما يوصف لنا الأستاذ آفاق، بقوله اليوم، أنا جائع واشتغل من الصباح حتى الظهر وأنا جائع، ومع هذا يعطي ويقدم ومع ذلك يأتي شخص ويعتدي عليه.
وقال: نحن لا نخاطب الانتقالي، لأن معه معركة وجودية كما يقول في خطابه الأخير أمس، الذي قال فيه، "نكون أو لا نكون"، لكننا نخاطب مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء، ونقول لهم، أين أنتم من كل ما يدور؟ هل أنتم موجودين؟ هل فعلا نحن رعيتكم؟
مشكلة منذ 1967
يقول رئيس منتدى عدن، أحمد حميدان، نحن دائما حذرنا وقلنا في السابق، إن على السلطة ألا تستخدم أدوات المجتمع المدني، والتي هي النقابات، في صراعها مع الآخر، لكن للأسف الشديد، أصبح الانتقالي يمارس الممارسات نفسها التي كنا نشكو منها في النظام السابق.
وأضاف: كانت السلطة تهيمن على أدوات المجتمع المدني، والنقابات، والحركات المجتمعية، وتستخدمها في صراعها مع الآخر، وهذه إحدى النتائج اليوم التي نشهدها.
وتابع: الوضع في عدن لم يعد يحتمل، حيث المرض والجوع والفقر، والأوبئة، والناس يعيشون أوضاعا مزرية، حتى وصل الصرف اليوم إلى مستوى مرتفع، ولم يعد الناس يستطيعوا أن يتناولوا حتى الخضروات.
وأردف: خرج الناس إلى الشارع للتعبير عن الألم والوجع، ويريدون عملية تغيير وكانت رسالتهم موجهة لكل القوى السياسية الشريكة في الحكومة والمجلس الرئاسي، لكن للأسف الشديد، أراد الانتقالي أن يمتطي هذه القضية، ويستخدمها في صراعه مع الطرف الآخر.
وزاد: هذه هي المشكلة التي لا زلنا نعاني منها منذ 1967وحتى اليوم، فمن يسيطر على السلطة يريد يسيطر حتى على أدوات المجتمع المدني، وهذه سياسية لن تؤتي بدولة.
وقال: التوافق الذي حدث في مجلس القيادة الرئاسي، نريد أن نعرف ما أهدافه الحقيقية، فالصراع البيني، بين الدولة الاتحادية، والحركة الانفصالية، يجب أن يكون هناك توافق لاستعادة الدولة، ومن ثم نترك الأمر للجماهير لتقرر مصيرها، فالجنوب إذا أراد الانفصال هناك جماهير هي من ستقرر مصيرها، وكذلك في الشمال، لكن للأسف لا زالت الكثير من القوى السياسية ومن بينها زملاءنا في الانتقالي، تعيش على الأزمات.
مسؤولية كبيرة
يقول المنسق الإعلامي في مركز دراسات الرأي العام، الموالي للانتقالي، وضاح الحريري، إن هناك إخفاقات متراكمة وأزمة متجددة، وتجويع للشعب، مع انهيار العملة وارتفاع الأسعار وما إلى ذلك.
وأضاف: مشاركة المجلس الانتقالي، تأتي لأنه مطالب بمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية التي تشهدها المحافظات الجنوبية برمتها، وتقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في هذه اللحظات إذا أراد أن يكون على قدر طموحات شعبه، وعليه اتخاذ خطوات جريئة لاستعادة السيادة الجنوبية، لا نريد مجرد شعارات باسم الجنوب.
وتابع: المؤسسات الجنوبية الخدمية، هي أكثر ما يحتاجه المواطن اليوم، لذا يجب على المجلس الانتقالي اليوم أن يثبت أنه ليس مجرد صوت للقضية، فهو يمتلك قوة فاعلة قادرة على إدارة الجنوب بكفاءة وتحقيق الاستقرار والتنمية التي ينشدها الشعب.
وأردف: الاحتجاجات اليوم، يتحدث فيها الجنوبيون بصوت واحد، كفى عبثا وفسادا وارتهانا للوصاية، وعلى الإدارة الجنوبية أن تخدم شعبها، لا أن تخدم جيوب الفاسدين.