تقارير
ما العوامل الخفية المحتملة وراء التحسن المفاجئ في سعر العملة المحلية؟
يعيش الشارع اليمني حالة من التفاؤل المشوب بالحذر، مع استمرار تحسّن الريال أمام العملات الأجنبية، وسط تساؤلات عن مدى انعكاس هذا التحسن على أسعار السلع والخدمات.
من جانبها، أطلقت الحكومة حملات رقابية في عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، متعهدة باتخاذ إجراءات إضافية لحماية المستهلك وكبح جماح الأسعار.
لكن اقتصاديين يرون أن هذا التحسّن المفاجئ لا يستند إلى أُسس اقتصادية متينة، فالموارد السيادية لا تزال خارج معادلة الدولة، والتعافي الحاصل يعود إلى إجراءات محدودة، أبرزها تفعيل دور البنك المركزي في عدن، ونقل المنظومة المصرفية إلى عدن، مع عقوبات طالت عدداً من شركات الصرافة المخالفة.
-عوامل تحسّن سعر العملة
يقول الخبير الاقتصادي رشيد الآنسي: "التحسن، الذي حدث، صحيح أنه لم يكن وفق تحسّن في الإصلاحات الاقتصادية أو في تحسّن اقتصادي مُعين، وإنما جاء نتيجة قرارات".
وأضاف: "دول العالم بشكل عام، غالباً، عندما تصدر الحكومات قراراً، تؤثر في السوق، وبالنسبة للبنك المركزي اليمني، كان هنالك قرار من رئيس الحكومة بتشكيل لجنة تُسمّى 'لجنة الاستيراد'، مكوّنة من بعض الوزراء وبعض ذوي المصالح ذات العلاقة وقيادة البنك المركزي".
وتابع: "بمجرد إعلان هذه اللجنة وتخصيص صلاحياتها وإمكانياتها، هنا وصلنا إلى ما يُسمّى بالاقتصاد السلوكي، الذي يجمع بين الاقتصاد وعلم النفس، حيث وصل إحساس وشعور المضاربين بالعملة بأن الأمور لم تعد كما كانت، فهناك إجراءات سوف تُتخذ، وفعلاً حتى الآن أُقفلت أكثر من 30 شركة ومنشأة صرافة، لم تلتزم بضوابط هذه اللجنة".
وأردف: "إذا ما حيّدنا موضوع المالية العامة للدولة، وأن الدولة ليس لها إيراد، فالأمور سوف تمشي في مسارها؛ لأننا في اليمن لدينا فائض بالعرض النقدي بالعملة الأجنبية أكثر من الطلب، بحكم أن لدينا حوالات المغتربين، إضافة إلى أنه لا توجد لدينا كميات استيراد كبيرة، باستثناء المشتقات النفطية".
وزاد: "البنك المركزي حدد بأنه يُمنع قبول أي مشتقات نفطية ما لم يكن الشراء عبر لجنة ضبط وتنظيم الاستيراد، أي قطع الطريق أمام لجوء التجار لشراء العملة من الصرافين، وهنا قلّ الطلب على شراء العملة من الصرافين والمضاربين، وأُجبر تجار المشتقات النفطية على الذهاب إلى البنوك".
وقال: "الصرافون وغيرهم من المضاربين لديهم فائض عملة، وعندما رأوا بأن السعر بدأ ينزل كل قدّم ما لديه وعرضه للبيع في السوق، وهنا حصل فائض في العرض مع انخفاض في الطلب، ووجدنا هذا التهاوي الذي حصل".
-ارتياح وتجاوب واسع
يقول مدير عام مكتب الصناعة والتجارة في محافظة تعز، عبد الرحمن القليعة: "مجرد تلقينا التوجيهات من رئاسة الوزراء وقيادة السلطة المحلية قمنا بتشكيل 6 لجان فورية لتكثيف عمليات الرقابة، وإلزام التجار بخفض الأسعار، وفقاً للمتغيرات السعرية الحالية".
وأضاف: "كان التجاوب من قبل التجار كبيراً، وقمنا بتنفيذ عمليات رقابية على مستوى مديريات المدينة ومديريات الريف، وضبطنا، حتى مساء يوم أمس السبت، نحو 83 مخالفاً فقط، فيما بقية التجار والناس تجاوبوا معنا بشكل إيجابي".
وتابع: "مع استمرار الهبوط والارتفاع في أسعار الصرف، هناك عدد قليل من التجار أغلقوا أبوابهم، ونحن نتعامل معهم الآن بشكل قانوني، ويتم ضبط وإحالة المخالفين إلى النيابة".
وأضاف: "هذه الإجراءات قوبلت بارتياح في الشارع، سواء في المدينة أو الريف".
وأشار إلى أن "مكتب الصناعة في تعز يستند إلى قانون التجارة الداخلية، وقوانين تنظم عمله"، موضحاً أن "قانون التجارة الداخلية رقم 5 لعام 2002، وقانون حماية المستهلك رقم 6 لعام 2008، واللوائح والقرارات الصادرة، تنظم هذه الأعمال".
وأردف: "لدينا نيابة تجارة وصناعة تقوم بالإجراءات وفقاً للقانون".
وزاد: "التحديات، التي تواجهنا الآن، هي الانخفاض المفاجئ في سعر العملة، الذي أثر كثيراً، خصوصاً على التجار الصغار أو الطبقة المتوسطة من التجار الذين يشترون البضائع بالعملة الأجنبية ويبيعونها بالريال اليمني، وكان القرار مفاجئاً بالنسبة لهم".
وقال: "من خلال عملنا، والنزول الميداني، والاطلاع عن كثب على حالة الناس ومدى تجاوبهم، كانت المؤشرات إيجابية وممتازة جداً".