تقارير
ما هدف مليشيا الحوثي من اتهام التربويين بالتجسس وبث مقاطع مصوّرة لهم؟
خلال فترة وجيزة، أقدمت مليشيا الحوثي على بث عدد مما أسمتها "اعترافات لمتهمين بالتجسس" من قطاعات مختلفة، معظمهم ينتمون لقطاعي المجتمع المدني والتعليم.
وبعيدا عن فكرة أنها اعترافات، اُنتزعت تحت التعذيب، وأنها انتزعت منهم من قِبل أجهزة غير قانونية، وتتبع المليشيا، إلا أن اللافت هو توجّه المليشيا نحو تعميم هذه التهمة بصورة كبيرة مؤخرا.
- محاولة اختراق أمريكية
يقول الصحفي طالب الحسني: "هؤلاء اُعتقلوا في عام 2020 قبل أن يكون هناك أي نوع من التوافق مع السعودية، أو حتى هذا الاتفاق الذي وُقّع في أبريل
2022".
وأضاف: "المسألة ليس لها علاقة بأن كان هناك مصالحة مع السعودية، أو كان هناك صراع مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو أنها مجرد فقط من أجل الصراع".
وتابع: "من الطبيعي أن يكون هناك نوع من القضايا المتعلقة بالقضية الأمنية، أو بالعامل الأمني، أو بخلفية أمنية تتعلق بالدولة أو بالإقرار بالدولة، أو بأمن الدولة، أو بالتعامل مع جهات خارجية".
وأكد أن "هذه مسألة تجري في كل البلدان، وليس هناك بلد لا يمكن أن تحصل فيه هذه القضية".
وتساءل: "هل هذه القضية، التي تم الاعتراف فيها، هي واقعية، أو ليست واقعية؟ هل هي صحيحة ومجرّمة، أو أنها ليست مجرّمة؟ هل هؤلاء كانوا يعملون مع جهات خارجية منها الاستخبارات الأمريكية (سي آي أيه) أم أنهم لا يعملون معها؟ ما ظروف اعتقالهم؟ وأين كانوا يعملون طوال هذه الفترة؟".
وأشار إلى أن "هناك نوعا من محاولة اختراق تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ليس فقط لليمن، وإنما لبلدان كثيرة".
وأكد أن "الولايات المتحدة الأمريكية تجسست على حلفائها، وعلى دول تعتبر من أقوى الدول الحليفة لها"
وقال: "تبقى مسألة هل هؤلاء بريئون أم أنهم ليسوا كذلك؟ هل كانوا فعلا يعملون مع المخابرات الأمريكية أم لا، ومسألة إن كان عملهم مجرَّما أو ليس مجرّما؟".
وأوضح أن "هناك تفتيش على من كانوا يعملون تحت ستار المنظمات الإنسانية، ولكن يعملون مع المخابرات الأمريكية".
وتابع: "المسألة ليست فقط مجرد تهمة؛ لأن هناك الكثير من الوثائق والأدلة"، موضحا: "كانت هناك شكوى متواصلة من هذه المنظمات".
وقال: "الولايات المتحدة الأمريكية وبعض المنظمات التي تطالب اليوم بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين لا تنكر على الإطلاق أن هؤلاء كانوا يعملون مع الكثير من المؤسسات التي تعمل تحت ستار الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية".
ويرى الحسني أن "المسألة تتعلق بالتواطؤ مع جهات، والتفريط في الكثير، ومخالفة القوانين، والعمل غير الجيد لفترة معينة، وعدم مواجهة ما يخطط".
وأكد أن "البعض قد يكون بريئا وسيخرج، وستكون هناك براءة له، والبعض قد يكون متورطا بنسبة معينة".
- إرهاب المجتمع
بدوره، يقول الباحث والصحفي سلمان المقرمي: "الحملة الحوثية، التي تأتي الآن على قطاعات التربية بالدرجة الأولى، تهدف إلى إرهاب المجتمع من أي معارضة لأي تغييرات عميقة لبنيان المنهج الدراسي".
وأوضح: "خلال السنوات الماضية، عدّل الحوثيون كثيرا في المناهج الدراسية، لكن ذلك لا يكفي؛ لأن اليمنيين، وخاصة الجيل الأصغر سنا، هم الأكثر
احتفاء بسبتمبر".
وأوضح: "هذا الجيل لم تستطع التعديلات الحوثية على المناهج أن تغيّر قناعاتهم، وأن تجعلهم ضمن الاحتلال الإيراني لليمن".
وتابع: "بالتالي لجأ الحوثيون إلى أكبر خبير تربوي في اليمن، وإلى أكبر الخبراء التربويين، واعتقالهم وخطفهم بطريقة مهينة ومذلة".
وأكد أن الحوثيين "أوقفوهم لمدة سنوات بدون أي تهمة، ولا توجد ضدهم أي تهمة، ولا توجد ضدهم أي ادعاءات من النيابة، ولا توجد ضدهم أي محاكمات".
وقال: "لو كانوا (الحوثيون) صادقين كانوا وجد ضدهم تهما عدة، لكن لا يوجد ضدهم أي قرارات اتهام، أو حتى محاكمات، ولا يوجد إلا محاولة هائلة من الحوثيين لإرهاب المجتمع؛ لأن لا يعترض أحدهم على التغييرات القادمة، التي ستطال المنهج الدراسي بشكل كامل كما طالت عدة مؤسسات أخرى".
وأضاف: "من الواضح جدا أن المراكز الصيفية وحدها لا تكفي لتجنيد المزيد من اليمنيين، وتكلِّف الحوثيين المليارات، ويريدون تحويل المؤسسات المدرسية والمنهج المدرسي، والمؤسسات الجامعية إلى أدوات تنتج متحوّثين، قابلين للاحتلال الإيراني بدون تكاليف".
وأوضح أن "الحوثيين يريدون مجتمعا إيرانيا جاهزا عبر هذه الحملة".
وتابع: "أما بالنسبة إلى أن هؤلاء تعاملوا مع الأمريكيين أو لا، نحن نعرف أن وكالة التنمية الأمريكية أحد أكبر المانحين، وهي منذ 2015 وحتى اليوم، 80% من مشاريعها في مناطق سيطرة الحوثيين، تقدّر أحيانا ب600 مليون دولار سنويا".
واستطرد: "في الشهر الماضي، وجّه الرئيس بايدن بإعادة صرف المساعدات، 60,000 طن لصالح الحوثيين، بمعنى أن الحوثيين يعملون مع الأمريكيين بأكثر من ذلك بآلاف المرات".
واعتبر اتهام الحوثيين للمعتقلين بأنهم "أجبروا على التجسس أو أنهم ذهبوا إلى أمريكا" منطقا سخيفا لا يقبل به عقل ولا منطق، ولا شيء.
ولفت إلى أن "الناس درسوا، منذ عشرات السنوات، على أيدي هؤلاء الأشخاص، أو بفضلهم، وتخرجوا وتأهلوا، وملايين اليمنيين درسوا بفضل هؤلاء الأشخاص الذين الآن يأتي الحوثيون يهينهم، ويذلهم، ويقولون للمجتمع نحن هنا الآن سنأتي لكم بالملازم".
وقال: "لم يوجّه أحد تهما إلى التربويين؛ لا النائب العام، ولا القضاء العسكري، حتى الآن". وأضاف: "ما حدث هو أن جهاز الأمن والمخابرات خطفهم وأجبرهم على الإدلاء بهذه الاعترافات".
وأوضح: "لو كان لديهم تهمة أو دليل لوجهوهم إلى المحاكم".
ووصف عدم توجيه المختطفين إلى المحاكم "بالإرهاب النفسي، والتعذيب الجسدي، وإرهاب المجتمع، وشل عقله، وشل فاعليته، كما يفعل الصهاينة تماما في سجن مجدو".
ويرى احتفال اليمنيين بعيد سبتمبر على وسائل التواصل الاجتماعي، من أول ساعة، "لن يجعل الحوثيين يستمرون إلى الأبد في هذا القمع والإرهاب".
وأردف: "كما قاوم الفلسطينيون في غزة وفي الضفة سيقاوم اليمنيون".
ولفت إلى أن "المنظمات تدفع ثمن أفعالها من سابق، وهي عبارة عن سياسات الدول الكبرى، تتعامل معهم كما تتعامل مع الصهاينة، وترى الحوثيين إسرائيل اليمن".
ويعتقد المقرمي أن "هذه الفيديوهات تدين الحوثيين أكثر مما تؤيدهم، أو تعزز موقعهم".
وسخر من التهم الموجهة للدكتور المخلافي: "المطر ينزل من السماء هذه جملة إلحادية؛ يعني أمام هذا المنطق ما الذي يمكن أن يجادل أحدهم مع الحوثيين.
وبيّن أن اليمنيين "سيقولون أمام هذا المنطق الحوثي لا يمكن إلا الثورة، لا يمكن إلا مقاومة هذا النظام".
وأكد أن "المؤسسات التعليمية الباقية هي أداة المقاومة الحقيقية، وهي الوجه الفعّال في المقاومة، والتجربة والوقوع تحت الاحتلال الإيراني والسيطرة الحوثية هي الكفيلة بتطوير أدوات المقاومة".
ويرى أن "هذا الجيل، عبر المؤسسات التعليمية، هو الذي سيقود المواجهة".