تقارير

"مسالخ شعبية".. ازدياد مخاطر العلاج بالطرق التقليدية في صنعاء

19/01/2024, 14:04:24
المصدر : خاص - كريم حسن

بأدوات تداوي بدائية على الطريقة الشعبية، في علاج كسور العظام وآلام الأعصاب، يخضع الكثير من الأفراد، الذين يعانون من أوجاع تلك الإصابات، لجلسات علاجية صادمة، داخل عيادات شعبية تنتشر، في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

تنتحل ضمنياً صفة المراكز الطبية للعلاج الطبيعي، عادةً ما يشتهر العاملون فيها بتسمية محلية عرفت بـ"المُجبِر"، أو "المُعصب"، بينما طبياً يُصنفوا كمتطفلين أدمنوا ممارسة مهنة الطب.
كونهم لم يحصلوا على أي مؤهلات علمية في التخصص الطبي، ويفتقرون إلى الخبرة العلمية، إذ تسببوا بأضرار صحية بالغة لحقت بكثير من الحالات المصابة بكسورٍ في العظام، أو آلامٍ في أعصاب الظهر.

- أضرار صحية

على نطاق واسع الانتشار، تستخدم تلك العيادات الشعبية وسائل علاجية شديدة المخاطر على صحة الأشخاص المصابين بآلام الظهر، أو كسورٍ في أي من عظام أطرافهم؛ نظراً لغياب إجراءات التشخيص اللازمة، واتباع أساليب بدائية متوارثة في عملية معالجة غير دقيقة.

استشاري جراحة العظام والعمود الفقري، في هيئة المستشفى الجمهوري في صنعاء، الدكتور محمد الحدي، يصف تلك الظاهرة بقوله لموقع "بلقيس": "العلاج بالطريقة الشعبية له نتائج كارثية على عظام، أو أعصاب المريض، أغلب الحالات المصابة يحدث عندها، مضاعفات صحية كبيرة وخطيرة في حالة الكسور، لا تلتئم العظام بالشكل السليم، يحصل لها التواء بسيط، أو اعوجاج".

وأضاف: "المصابون بانزلاق، أو كسور في الفقرات، تسُوء حالتهم، وقد يؤدي إلى انفصالها من النخاع الشوكي، كما أن هناك أعراضا أخرى يُصاب بها المريض، كالصداع المزمن، وغيره من الظواهر المرضية الخطيرة".

ويجازف المعالجون البدائيون بحياة المصابين الصحية دون وعي طبي دقيق، أو إدراك لحجم المخاطر، التي يتسببون بها، سعياً منهم للتكسب المادي والحصول على المال، وتحويل وظيفة الطب إلى مهنة تجارية.

المواطن يحيى المهتدي -أحد الزائرين لمركز علاج شعبي في صنعاء- يقول لموقع "بلقيس": "تعرضت لكسر في عظم الساق، بسبب حادث مروري، سرت عند المجبر هنا، ربطها لي، وجلست فترة منتظر لما يجبر الكسر، لكن ساقي ما عاد مثلما كان من أول، ذهبت لطبيب عظام، وقرر لي كشافة، فعلتها، وظهر أن العظم التوى قليل، كسرها مرة ثانية، وعالجني من جديد، لأنه احتمال كانت رجلي تقصر قليل، إذا ما انتبهت لها، الآن أنا الحمد لله بخير".

- خِبرة متوارثة

أسهمت حالة السوء البالغة لخدمات القطاع الصحي اليمني في دفع معظم المصابين بآلام العظام والأعصاب إلى التداوي في دكاكين الطب الشعبي، التي زادت في الفترة الأخيرة بصورةٍ لافتة، يدَّعي أصحابها امتلاك خبرة اكتسبوها من الآباء والأجداد على مدى العقود السابقة.

"حامد الحبيشي" 'مالك عيادة شعبية في صنعاء مختصة في تجبيّر العظام- يقول لموقع "بلقيس": "أعالج أسبوعياً عشرات المرضى، معي خبرة طويلة بهذا المجال، ورثتها عن أبي وجدي، ذاع صيتي واشتهرت بأماكن كثيرة، بسبب نجاحي بتجبير كسور العظام لأشخاص يأتون إلى عيادتي من كل مناطق اليمن".

تُعد الخبرات المتوارثة في الطب الشعبي، بالنسبة لأصحابها، بمقام مؤهل علمي، فيما غالبيتهم يتسببون بأخطاء طبية فادحة للمرضى؛ نظراً لغياب أدوات التشخيص الدقيقة، واعتمادهم على وسائل بدائية.

يقول الدكتور "منير الهجامي" -استشاري أول في جراحة العظام- لموقع بلقيس: "المرضى يلجأون إلى الطب الشعبي بسبب ارتفاع التكاليف العلاجية للطب الحديث، لا يستطيع الناس تحمل النفقات الباهظة، ظروفهم صعبة، هنا يضطر المريض إلى الذهاب إلى مجبر عظام، لكن طريقة علاجه خاطئة؛ لأنها بدائية، وليست علمية".

- مراكز غير قانونية

في ظل الفوضى، وانهيار المنظومة الصحية، في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، التي استغلت ظروف المرحلة الراهنة في نشر الدجالين والمشعوذين تحت يافطة العلاج الطبيعي؛ لكنهم يبرزون كخرافات بديلة لوسائل الطب الحديث.

الناشطة الصحية "أمل مساعد" قالت لموقع "بلقيس": "عيادات ومراكز الطب الشعبي تعمل بصورة غير قانونية بسبب الوضع الحالي؛ لأن العاملين فيها بدون مؤهلات، وليس لديهم أي دليل علمي، وهي أماكن بهيئة مسالخ، مخاطرها أكثر من فائدتها".

فيما تباينت آراء بعض المرضى، خلال حديثهم لموقع "بلقيس": "هذه مراكز للنصب، لا رقابة عليهم، ووجودهم غير رسمي، فاشلين، ونادراً ما يصادف علاج الحالة".

برغم المخاطر المتكررة لطرق العلاج التقليدية، إلا أن الإقبال عليها مستمر؛ نتيجة لغياب الثقافة الصحية، وقلة تكاليفها العلاجية.

تقارير

انهيار الدعم الدولي لليمن.. مؤشرات لفقدان الأولوية

تشهد المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن تراجعًا غير مسبوق، في ظل تقليص الأمم المتحدة خططها وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد، لا سيما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.