تقارير

ناشيونال إنترست: الحديث عن اتفاق مع الحوثيين مجرّد وهم ولا يستند إلى واقع

24/07/2025, 15:17:58
المصدر : مجلة ناشيونال انترست - ترجمة خاصة

بينما تلعق إيران وحزب الله جراحهما بعد مواجهات مكلفة مع إسرائيل، لا تزال واحدة من أخطر وكلاء طهران، جماعة الحوثي في اليمن، تمطر الدولة العبرية بالصواريخ. ففي 22 يوليو، أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً باتجاه مطار بن غوريون، بعد أربعة أيام فقط من إطلاق مماثل. هذه ليست استفزازات معزولة، بل رسالة واضحة: الحوثيون غير قابلين للردع.

وقد اتبعت واشنطن نهجاً بات مألوفاً—نهج أثبت فشله مراراً وتكراراً. كما فعلت السعودية من قبل، سلكت الولايات المتحدة مساراً دبلوماسياً، مقدّمةً عروض وقف إطلاق النار وحوافز على أمل أن يكفّ الحوثيون عن هجماتهم. لكن التاريخ يخبرنا بعكس ذلك: الحوثيون يستغلون كل هدنة لإعادة التسليح، وإعادة التنظيم، ثم العودة إلى ساحة المعركة أقوى من ذي قبل.

بدلاً من سياسة الاسترضاء، على الولايات المتحدة أن تتبنى حملة دائمة من العقوبات، والضغوط الدبلوماسية، والردع العسكري عند الحاجة. أي شيء أقل من ذلك يعني المزيد من إراقة الدماء.

وليس هذا مجرد صراع يخص إسرائيل فحسب. فقد شنّ الحوثيون عشرات الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، متسببين بفوضى في سلاسل الإمداد العالمية، ومهددين واحداً من أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم. هذه الهجمات تمثل تحدياً مباشراً لالتزام الولايات المتحدة بحماية حرية الملاحة—وهو ركن أساسي من أركان الازدهار العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

في مايو الماضي، ساعدت واشنطن في التوصل إلى اتفاق هدنة عبر وساطة عمانية، وكان الهدف واضحاً: وقف الهجمات على الملاحة الدولية. لكن لم تمضِ سوى أسابيع حتى نسف الحوثيون هذا الاتفاق. ففي 7 و9 يوليو، استهدفوا سفينتين تجاريتين، ما أسفر عن مقتل ثلاثة بحارة، وأفادت تقارير بأنهم احتجزوا ستة آخرين كرهائن.

كانت السعودية بدورها تعتقد سابقاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين. فبعد تدخلها في الحرب الأهلية اليمنية عام 2015 دفاعاً عن الحكومة المعترف بها دولياً، وجدت نفسها عالقة في مستنقع حرب استنزاف طويلة. وتحولت الأزمة إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، ما أدى إلى موجة انتقادات دولية حادة.

وبحلول عام 2020، وصلت صورة السعودية لدى الرأي العام الأمريكي إلى أدنى مستوياتها تاريخياً.

ووعد جو بايدن، حين كان مرشحاً رئاسياً، بجعل الحكومة السعودية "منبوذة". وبالفعل، بعد توليه المنصب، قيد مبيعات الأسلحة للمملكة، وألغى تصنيف إدارة ترامب للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.

لكن بينما خفف بايدن من نهج الولايات المتحدة تجاه الحوثيين، لم يقابلهم الحوثيون بالمثل.

وكما أشار السفير الأمريكي السابق لدى السعودية، مايكل راتني، في بودكاست "تفكيك إيران" التابع لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، فإن الهجمات الحوثية على المدن والمطارات والبنية التحتية للطاقة في السعودية لم تقتصر على إحداث أضرار آنية، بل هددت مستقبل مشاريع التنمية في المملكة.

وفي عام 2022، أبرمت الرياض اتفاق وقف إطلاق نار مدته ستة أشهر مع الحوثيين، وامتنعت بشكل ملحوظ عن الرد حتى بعد تنفيذ الحوثيين ضربات بطائرات مسيرة على بنية تحتية حيوية داخل اليمن. وتنطلق العقيدة الإقليمية الجديدة للسعودية من مبدأ واضح: خفض التصعيد، لا التصعيد.

لكن هذا النهج لا ينجح إلا إذا كان الطرف المقابل يشاركه الهدف ذاته. وهذا ليس حال الحوثيين. فقد عرقلوا مفاوضات السلام، وفرضوا حصاراً نفطياً على اليمن، واستمروا في تهريب الأسلحة المتطورة—بما فيها مكونات الصواريخ—من إيران.

وما هو أسوأ، أن الحوثيين صعّدوا من عدوانهم بعد هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. فقد أطلقوا صواريخ على إسرائيل، واختطفوا سفينة الشحن "غالاكسي ليدر" مع طاقمها المكوّن من 25 فرداً، ونفذوا أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية. وبين أكتوبر 2023 ويناير 2025، أطلقوا مئات القذائف على إسرائيل—وذلك بينما كانوا يتمتعون بهدنة مع السعودية ويواصلون تعزيز قدراتهم العسكرية.

وللإنصاف، فقد ردّت الولايات المتحدة في مارس 2025 بإطلاق عملية عسكرية تحت اسم "رايد رايدر"، استهدفت أكثر من 1000 موقع، وقضت على قادة حوثيين بارزين، وقلّصت القدرات التشغيلية للجماعة. لكن مع حلول مايو، عادت واشنطن إلى خيار التهدئة، إذ أعلن الرئيس دونالد ترامب استعداده لـ"تصديق وعد الحوثيين" بوقف هجماتهم على السفن.

وبعد شهرين فقط، ثبت أن هذا الوعد بلا قيمة. فقد عاد الحوثيون إلى استهداف المدنيين وأخذ الرهائن.

هذا هو الثمن الحقيقي لـ"خفض التصعيد بأي ثمن". إنه يبعث برسالة مفادها أن العنف مجزٍ—وأن خرق اتفاق مع أقوى جيش في العالم لا يترتب عليه عواقب فعلية. يدرك الحوثيون جيداً أن تقديم وعود غامضة كافٍ لجعل الولايات المتحدة تتردد في اتخاذ خطوات حاسمة.

وقد رأينا هذا السيناريو من قبل—مع إيران نفسها. لسنوات، خدعت طهران المجتمع الدولي بمفاوضات لا تنتهي حول برنامجها النووي، بينما كانت تواصل تطوير قدراتها. ثم، في تحول مفاجئ، دعم ترامب الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، وأمر طائرات أمريكية بقصف ثلاثة أهداف رئيسية عندما تجاهلت طهران مهلة التوصل إلى اتفاق.

ذلك النوع من الحزم يرسّخ المصداقية. لكن المصداقية تتطلب الجاهزية. على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للتحرك حين تفشل الدبلوماسية. يجب أن تكون هي من يملي الإيقاع—not الحوثيون ولا إيران.

إلى أن يقتنع الحوثيون بأن هناك ثمناً حقيقياً لعدوانهم—ثمناً اقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً—فإنهم سيواصلون طريق الحرب. فوقف إطلاق النار يجب أن يكون استحقاقاً، لا هدية. والاتفاقات مع الإرهابيين لا تُعد اتفاقات.

 

 

 

عن الكاتبين:

مارك دوبويتز هو الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) ومقدّم بودكاست "تفكيك إيران".

كوبي غوتليب هو متدرب في مؤسسة FDD وطالب في جامعة برانديز.

تقارير

العقوبات والعمل العسكري يفشلان في وقف هجمات الحوثيين

تظل جماعة الحوثي هي الوحيدة، بين شركاء إيران في "محور المقاومة"، الثابتة على موقفها، بالرغم من العمل العسكري الأمريكي والإسرائيلي، فضلًا عن الضغوط المالية التي تفرضها العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة.

تقارير

سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في مرمى أزمة الغذاء والوقود مرة أخرى

فيما تواصل إسرائيل شن غارات جوية على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، تتوالى التحذيرات من إغراق اليمن في أزمة إنسانية غير مسبوقة، في وقت يعتمد فيه الكثير اليمنيين بشكل شبه كامل على الواردات والمساعدات الخارجية لتأمين الغذاء والدواء والطاقة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.