تقارير
هل تنجح الحكومة في ضبط سعر صرف الريال بعد التحسن المعلن؟
بعد أن شهد الريال اليمني تحسنًا مفاجئًا خلال اليومين الماضيين، ليصل سعر صرف الدولار مساء الأربعاء إلى 2400 ريال بعد أن كان يتجاوز 2800 ريال قبل أيام، يطرح الشارع اليمني سؤالًا مهمًا: هل تنجح الحكومة في الحفاظ على هذا الاستقرار وضبط سعر الصرف، أم أن التحسن مؤقت وسرعان ما يتراجع؟
وفي ذات الاتجاه ترأس رئيس الوزراء اجتماعًا موسعًا في عدن ناقش الأوضاع الاقتصادية والخدمية، مؤكدًا أن الحكومة تعمل بـ “جهد استثنائي” لمواجهة التحديات.
الاجتماع استعرض تقرير محافظ البنك المركزي الذي أوضح أن نقل المنظومة المصرفية إلى عدن وإيقاف عشرات شركات الصرافة المخالفة، كان لهما الأثر الأكبر في تحجيم المضاربة على العملة، ودفع السوق نحو التراجع.
في الاجتماع، أعلن رئيس الوزراء عن تشكيل اللجنة العليا لإعداد موازنة 2026، مشيرًا إلى أنها “خطوة مفصلية” لإعادة انتظام المالية العامة بعد سنوات من الغياب.
كما شدد على أن الحكومة “لن تقبل بأي اختلال في منظومة الإيرادات”، ووجه بنشر أسماء الجهات غير الملتزمة بالتوريد، مؤكدًا أن “الشفافية والمساءلة ركيزتان في نهج الحكومة”.
وبحسب مصادر مصرفية، استعاد الريال أكثر من 400 ريال من قيمته خلال 48 ساعة، وسط مؤشرات على تحسن إضافي إذا استمرت الإجراءات الرقابية.
رغم هذا التحسن، يحذر خبراء اقتصاديون من المبالغة في التفاؤل. الصحفي الاقتصادي نجيب العدوفي أن “التحسن الأخير نتج عن إجراءات عقابية صارمة أجبرت المضاربين على التراجع، لكنه لا يعكس وجود إصلاحات اقتصادية حقيقية”.
وأضاف: “السوق يعيش حالة انكماش مؤقتة، لكن إذا لم تتبع هذه الإجراءات خطوات عملية لإصلاح الاقتصاد وضخ عملات أجنبية واستعادة تصدير النفط، فسيتراجع الريال مجددًا”.
ويعيش اليمن منذ 2014 انقسامًا نقديًا حادًا مع وجود فرعين للبنك المركزي في صنعاء وعدن، ما سمح للسوق السوداء بالهيمنة على تداول العملات. حيث اعتمدت السياسات النقدية السابقة كليًا على آليات السوق والعرض والطلب، وهو ما مكن المضاربين من الضغط على الريال.
وخلال الأسابيع الأخيرة، غير البنك المركزي استراتيجيته نحو تشديد الرقابة على عمليات الصرافة وتتبع حركة الأموال، وهو ما أسهم في تهدئة السوق مؤقتًا.
ويرجع الخبراء الإيجابيات إلى إجراءات صارمة للبنك المركزي، إيقاف شركات صرافة، رقابة قوية على السوق، وقرار سياسي واضح بدعم الإصلاحات لكن هناك بعض التحديات تتمثل في غياب ضخ مالي خارجي، واستمرار الحرب، وضعف الموارد، والاعتماد على حلول مؤقتة بدل إصلاحات هيكلية.
ولكن يقى السؤال مطروحًا: هل تستطيع الحكومة تحويل هذا التحسن اللحظي إلى استقرار دائم؟
والإجابة تعتمد على ما إذا كانت الإجراءات الحالية ستتطور إلى سياسات اقتصادية أوسع تشمل إعادة تصدير النفط، إصلاح الإيرادات، ومكافحة الفساد، أو أنها ستظل مجرد حلول ترقيعية سرعان ما تفقد أثرها مع أي أزمة جديدة.