تقارير
هل غادر الملف اليمني مربع التسوية السياسية نحو التصعيد العسكري؟
وجَّه سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة ما وصفه بالتحذير الأخير للحوثيين لوقف هجماتهم الصاروخية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قال داني دانون، في تصريحات صحفية، إن الحوثيين يغامرون بمواجهة المصير التعيس نفسه الذي تعرضت له حماس وحزب الله اللبناني، حد قوله.
من جهتها، نقلت صحيفة التايمز البريطانية، عن مصدر أمني إسرائيلي، أن هناك خطة تتضمن خطوات تصعيدية ضد الحوثيين.
وبحسب الصحيفة، فإن المصدر أشار إلى أن هناك نية مؤكدة من جانب إسرائيل وشركائها الدوليين لمواجهة الحوثيين بشكل كامل، حد قوله.
ولفت إلى أن الاحتلال يدخل الآن بشكل كامل في حرب مع الحوثيين، الذين يواصلون هجماتهم باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الحوثيون من جهتهم أكدوا استمرارهم في التصعيد العسكري ضد الأراضي المحتلة في فلسطين، حتى إيقاف حرب الإبادة على قطاع غزة، وفك الحصار عنها.
- ميدان صراع مفتوح
يقول الباحث السياسي العماني، عوض باقوير: "ليس هناك شك، منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أن هناك قرارا من جماعة الحوثي بالدخول في مواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو كما تتحدث الجماعة عن نصرة الشعب في غزة".
وأضاف: "أصبح البحر الأحمر، الآن، ميدان صراع عسكري مفتوح بين جماعه الحوثي والإسرائيليين، وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، إضافة إلى ذلك باب المندب، الذي يعتبر من الممرات المائية المهمة جدا للاقتصاد والتجارة في العالم".
وتابع: "عند حدوث أي توتر أو صراع عسكري في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، بلا شك سيتأثر الاقتصاد العالمي، وستتأثر قناة السويس في مصر، وفي الحقيقة هناك كثير من الإشكاليات، والحديث الآن عن خطة للهجوم على الحوثيين".
وأردف: "أنا في تصوري، المعركة والحرب ستكون مفتوحة، وثمنها كبير جدا، فنحن نعرف أن الحركات المسلحة عادة كما رأينا حزب الله وحماس، منذ أكثر من عام، في صراع مستمر ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولم يستطع الاحتلال تحقيق أي هدف من أهداف الحرب".
وزاد: "أنا أعتقد أن الحرب المفتوحة مع جماعة الحوثي في اليمن ستكون لها تداعيات خطيرة جدا، على الأمن والاستقرار ليس في اليمن فقط، ولكن على صعيد المنطقة وعلى صعيد الملاحة".
وقال: "أنا أشك كثيرا في طبيعة الخطة الأمريكية - الإسرائيلية؛ لأننا نتحدث عن أقل من 20 يوما، لإدارة أمريكية جديدة برئاسة ترامب، والذي يتحدث عن أهمية وقف الحروب في المنطقة، وإفساح المجال لأهمية الحوار والسلام والاقتصاد".
وأضاف: "علينا أن ننتظر قليلا حتى نرى إذا ما كانت هذه الخطة بالفعل ستنفذ، أو أن هناك متغيرات كبيرة سوف تحدث في المنطقة، ينتهي من خلالها الإسرائيليون من انسحابهم من قطاع غزة، وبالتالي تنتهي حركة الحوثيين من استهداف السفن، واستهداف الأراضي الفلسطينية، التي تحتلها إسرائيل".
- لا سلام مع المليشيا
يقول المحلل السياسي، عبدالوهاب العوج: "من المؤكد أن كل تصرفات الحوثي ومليشياته العسكرية تذهب باليمن بعيدا عن أي تسوية سياسية، فهي تستهدف الملاحة الدولية، وتضرب السفن التجارية، وتقوم باستجلاب عدوان خارجي على اليمن، بادعاء أنها تناصر غزة وفلسطين، وهي جماعة كاذبة تستخدم التقية كما استخدمتها إيران من خلال فيالق القدس وتحرير القدس، ثم انكفأت على نفسها، وعلى مشروعها النووي".
وأضاف: "المشكلة أننا أمام جماعة عسكرية مليشيا، لا تفكر إلا بمصلحتها، ولا تفكر بمصلحة اليمنيين، وهي لا تمتلك أي مقومات للدفاع الجوي لوقف العدوان الصهيوني وغطرسته، وقد شاهدنا ما حدث لحزب الله في لبنان، وما يحدث الآن في سوريا، من تدمير كامل لما تبقى من مقومات التسليح لدى سوريا، ثم ماذا يحدث منذ 14 شهرا في غزة، وفي الضفة الغربية".
وتابع: "نحن أمام غطرسة صهيونية لن تهتم إذا قضت على الحوثيين، أو لم تقضِ عليهم بقدر ما يهمها أن تضرب كل ما يمكن أن تصل إليه يدها، سواء كانت منشآت مدنية حيوية، أو مبانيَ مدنية، ثم ستستهدف قيادات حوثية حينما تتواجد تلك القيادات في أي مكان".
وأردف: "القيادات الحوثية -كما نعلم- دائما تعيش أو تسكن في مساكن اليمنيين، داخل الأحياء المدنية، وقد استولت حتى على مباني السفارات، وحولتها إلى مقرات لها، وبالتالي فإن ما يحدث الآن هو مغادرة لمربع التسوية دون شك؛ لأن مليشيا الحوثي لا تريد سلاما، وهي تهرب من استحقاقات السلام نحو عدوان خارجي، وتجيّش الشعب اليمني ليقاتل إسرائيل وأمريكا، وهذا ما ظهر حتى قبل أن تبدأ عاصفة الحزم، وكانت ولا زالت تقول إنها تحارب العدو الصهيوني - السعودي - الأمريكي، من توصيفاتها المعروفة".
وزاد: "هذه اليليشيا، التي تسيطر على صنعاء، هي جماعة ثيوقراطية، تريد أن تسيطر على الحكم مهما كانت الأثمان، ومهما كانت التضحيات التي يتجرعها الشعب اليمني".
وقال: "الشعب اليمني يموت جوعا ونحن نسمع عن سلام بعيد المنال؛ لأن الحوثي أتى بالبندقية، ولن يخرج إلا بالبندقية".
وأشار إلى أن "الحكومة الشرعية محكومة بالتوجيهات التي تأتيها من السعودية والإمارات، لذلك يبدو وكأنها لا تريد أن تتحرك لحسم المعركة، لكن الشعب اليمني بإمكانه أن يصنع المعجزات، وسنرى أن هناك قيادات ميدانية ستحسم المعركة، دون النظر إلى التوجيهات السعودية، التي تريد تأمين نفسها من الصواريخ الباليستية الحوثية"..