تقارير
الهجمات الحوثية على "إسرائيل".. بحثا عن مكاسب أم هروبا من استحقاقات داخلية؟
تتواصل الهجمات المتبادلة بين الكيان الصهيوني ومليشيا الحوثي، ومعها تتواصل التهديدات.
ترسل المليشيا صواريخ إلى فلسطين المحتلة فيرد الكيان الصهيوني، ومعه الطيران الأمريكي والبريطاني، بقصف مقدرات الشعب اليمني من موانئ ومطارات ومحطات كهرباء، وهنا تظهر المقارنة بين الأثر الذي تتركه صواريخ الحوثيين على إسرائيل، التي يتم اعتراض معظمها من قبل منظومات دفاعية متطورة، وبين الدمار الهائل الذي تحدثه غارات تلك الدول على المنشآت اليمنية.
- تداعيات
يقول الصحفي طالب الحسني: "هناك نوع من التناقض الكبير جدا يقع فيه الكثيرون، من ضمنهم الذين يحاولون الجمع بين القول إنه ليس هناك تأثير في العمليات، ويتجاهلون أن الملاحة إلى كيان العدو الإسرائيلي انتهت تماما (100%)، توقف ميناء أم الرشراش، وأغلق تماما".
وأضاف: "التناقض الآخر هو القول إن هناك تهديدا وشيكا، وبالتالي يجب أن يكون هناك تحالفات كبيرة لضرب اليمن، كذلك استهداف اليمن -خلال الفترة الماضية- ماذا كان؛ هل كان فقط مجرد تسلية؟ هل كان فقط مجرد أنهم يريدون تدمير مقدرات الشعب اليمني، وبالتالي كانوا يبحثون عن مبرر، وجاءت حركة أنصار الله وحلفاؤها وقدموا هذا المبرر؟!".
وتابع: "من الطبيعي جدا أن يكون هناك تداعيات للندية التي تعامل بها محور المقاومة، ومن ضمنها اليمن، مع تحالفات إقليمية ودولية، ومع التحالف الأمريكي - البريطاني الأشد، وكذلك مع هذه الحرب الإسرائيلية على المنطقة".
وتساءل: "هل بالضرورة أن نقول إنه يجب أن يكون هناك استسلام؟، ثم ما هي تكلفة الاستسلام؟ ما هي ضريبة الاستسلام؟".
وبيّن: "ضريبة الاستسلام هي الهيمنة على الشعوب والهيمنة على مقدراتها، وإخضاعها أكثر مما هي عليه".
وأوضح: "هذه الحرب ليست مفروضة على اليمن فقط، هي مفروضة على الوطن العربي كله".
وتساءل: "أليست فلسطين دولة عربية وإسلامية؟ أليس كيان العدو الإسرائيلي يرتكب إبادة في غزة؟ أليست هناك مذابح في غزة؟ أليست هناك مناشدات فلسطينية لنصرة غزة؟".
وتابع: "إذا، هي مفروضة على الوطن العربي من البوابة الإنسانية أولا، ومن البوابة الإسلامية ثانيا، ومن البوابة الوطنية كذلك، أيضا من بوابات الأمن القومي الوطني".
يقول الحسني: "المقاومة الفلسطينية قبل أن تكون إسلامية كان لها علاقة بالجبهات الإسلامية، قبل أن تستلم السلطة".
واعتبر أن "دخول إيران في حرب مباشرة مع الكيان الإسرائيلي حرب واسعة وشاملة، وهذا يعني انفراجة كبيرة للكيان الإسرائلي".
وبيّن: "بداية إسناد اليمن لغزة كان هناك صفقة من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، وعبر دول إقليمية أيضا، كانت ستطيح بكل الأدوات الذين يعملون مع الولايات المتحدة الأمريكية، مقابل أن يكون هناك توقف لعمليات إسناد اليمن لغزة".
- ليست معركة اليمنيين
يقول الصحفي حسين الصوفي: "ما يتم الآن من الأفعال، التي تقوم بها مليشيا الحوثي، يمكن قراءته في اتجاهين: الاتجاه الأول أن هذه ليست معركة اليمنيين، وإنما هي معركة إيران، وهذا لا يعني أن اليمنيين ليسوا مع القضية الفلسطينية".
وأضاف: "اليمنيون يعرفون القضية الفلسطينية وكانوا معها منذ نشأتها، وقبل أن يولد عبد الملك الحوثي نفسه، وصنعاء احتضنت المقاومة الفلسطينية منذ أيام ياسر عرفات -رحمه الله- ثم مكاتب حركة حماس، ثم جمعية الأقصى".
وأوضح أن "هذه الحالة اليمنية والوعي العام الجمعي للشعب اليمني هي امتداد للوعي العام العربي والإسلامي بشكل عام"، مشيرا إلى أن "القضية الفلسطينية ليست قضية جدلية".
وأكد أن "إيران جاءت لتحاول انتزاعها من الوعي العام العربي، وتحويلها إلى شماعة، أو قفاز لغسل جرائمها، وبالتالي القضية الفلسطينية قضية مصير بالنسبة للعالم العربي والأمة الإسلامية بشكل عام، بل وحتى للعالم الحر".
وقال: "لا يستطيع عبد الملك الحوثي أن يفعل معشار ما فعله آرون بوشنيل، الجندي الأمريكي، الذي خرج من القاعدة الأمريكية وأحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية، في وسط واشنطن، حُرقةً وتضامنا مع القضية الفلسطينية، وليس استغلالا لها، وتوظيفها في خدمة مصالحه، هذا المسار الأول".
وأضاف: "المسار الثاني، ما الذي تفعله الصواريخ، التي يطلقها الحوثيون إلى إسرائيل؟ سبعة صواريخ، في شهر عام 2024، ربما أحدثت كسر زجاج أو ثلاثة، لكن إحصائية اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان اليمنية تقول إن الانتهاكات، التي أحدثها الحوثيون في عام 2024، 2167 انتهاكا، اطلقوا 564 قذيفة وصاروخا على اليمنيين".
وتابع: "قُتل من اليمنيين نتيجة هذه الانتهاكات 657 قتيلا وجريحا خلال عام 2014".
وزاد: "عام 2024، اختطفت مليشيا الحوثي العشرات بل المئات، منهم سحر الخولاني، ومحمد المياحي، وعبد الرحمن البيضاني، وغيرهم من الذين خرجوا يرفعون علم الجمهورية اليمنية".
وأوضح: "وبالتالي هذه آثار الصاروخ، الذي يطلقونه إلى إسرائيل، وآثار الصواريخ التي يطلقونها إلى تعز ومأرب وأبين والضالع والحديدة والمخا، وغيرها".
وأكد: "الحرب واضحة باتجاه الشعب اليمني، هي ذات العنوان العريض الذي كان يفعله بشار الأسد في أبشع السجون، التي كان يسميها فرع فلسطين للمخابرات، هي نفس الفكرة التي كان يفعلها الهالك المقبور حسن نصر الله، الذي كان يقول إنه مع القضية الفلسطينية".
وتساءل الصوفي: هل هذه الصواريخ (على تل أبيب) جاءت مع القضية الفلسطينية، أم أنها تخدم الأجندة الإيرانية؟ وهذا أمر غاية في الأهمية".
وأشار إلى أن "الدليل القاطع، لماذا لم تطلق مليشيا حزب الله الصواريخ، التي كانت لديها، على إسرائيل، إذا كان هناك فعلا عقيدة قتالية نصرة للقضية الفلسطينية؟".
واعتبر ما يدور على الساحة "مناورة إيرانية، من أجل تحسين شروط التفاوض، والدليل أن المندوب الإيراني في مجلس الأمن تبرأ من الحوثيين جملة وتفصيلا، مع أن المرشد الإيراني نفسه يقول إن الحوثيين يتبعون إيران".
وأكد: "هذه كلها ابتزاز إيراني صرف من أجل المكاسب والظهور بأنها هي من تحكم الشرق الأوسط".
واستطرد: "السؤال المطروح من عشر سنوات، أين محمد قحطان، واحد من أبرز السياسيين اليمنيين، الذين كانوا يعرفون بدفاعهم عن القضية الفلسطينية، وانتمائهم للبُعد العربي والأمة العربية والإسلامية؟، إذا كانت تدافع عن القضية الفلسطينية".
ويرى أن "الحوثيين وإيران وحزب الله، وهذه المليشيات، قامت بدورها فعلا في العشر السنوات، ومزقت الجسد العربي والإسلامي، اليوم، جاء وقت الخلاص منها، وأصبح مفعولها منتهيا، وحققت الهدف منها".
ولفت إلى أن "الحوثيين لو كانوا ينتمون إلى الوجع العربي والإسلامي لكانوا -منذ اللحظة الأولى- أعلنوا الإفراج عن المختطفين".
وقال: "لا استجابوا للمصالحة الوطنية، ولا قالوا تعالوا نوحِّد قرار السلم والحرب، تعالوا ننصر القضية الفلسطينية، وتعالوا نصالح أبناء شعبنا قبل أن نذهب إلى الحرب في حرب عبثية، وحرب ربما هي الدعائية أكثر من كونها حقيقية".
وأضاف: "سترفع إيران يدها عن الحوثيين قريبا، وبالتالي هؤلاء هم أدوات ينفذون خدمة الأجندات الإيرانية، وستتخلى عنهم إيران لمصلحتها".
وأوضح الصوفي: "تضخيم قدرات الحوثيين الصاروخية؛ لأن هناك ملفا مطروحا على دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية، للتطبيع مع إسرائيل، وهناك مفاوضات حساسة مرتبطة بالقضية الفلسطينية، إذا لم تطبع السعودية مع إسرائيل فإن الحوثيين هم العصا الأمريكي، التي ستجبر السعودية على التطبيع".
وذكّر: "من قبل القضية الفلسطينية، هل كان الحوثيون يمتلكون قرار أنفسهم، من 2014 ثم 2018، ثم اتفاق جنيف واحد، وجنيف اثنين، ثم استوكهولم، ثم مبادرة الرياض، هذه كلها عرضت، وكانت فيها مصالح سياسية لهم، لماذا يرفضونها؟"، مجيبًا: "لأن حسن إيرلو كان يقول لهم لا؛ أنتم مجرد أدوات لمشروع إيراني، ولا تمثلون حالة يمنية، ولا تمثلون أيضا حالة وطنية".