تقارير
10 سنوات من "عاصفة الحزم".. استمرار ارتهان قرار السلم والحرب في اليمن
في 26 من مارس عام 2015، أعلنت السعودية، بمشاركة دول عربية، بدء عملية عسكرية ضد مليشيا الحوثي تحت اسم "عاصفة الحزم"، هدفت العملية إلى دعم القوات الحكومية لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب.
في مرحلتها الأولى، تقدَّمت قوات الشرعية إلى مشارف العاصمة صنعاء، في مشهد أوحى بحسم عسكري وشيك، لكن سرعان ما تحوَّلت الحرب إلى ملف معقَّد، بفعل تباين المصالح داخل التحالف الذي تقوده السعودية.
بمرور الوقت، تفكك التحالف داخليا، وبقيت السعودية والإمارات أبرز قوَّتين فيه، غير أن صراع النفوذ بينهما انعكس سلبا على الواقع الميداني، حيث شكّلت الإمارات قوات خارج إطار الشرعية، ومكّنتها من السيطرة على العاصمة المؤقتة (عدن).
وفي عام 2019، نفذت أبو ظبي غارات جوية استهدفت قوات الشرعية في جنوب البلاد، ما أضعف الموقف الحكومي.
تراجعت قوات الشرعية تدريجيا، من فرضة نِهْم (على مشارف صنعاء) إلى خسارة مواقع إستراتيجية، بينما فرض الحوثيون حصارا خانقا على مدينة مأرب النفطية، واستمر حصارهم لتعز، رغم محاولاتهم المتكررة لاقتحام المدينة.
مع خفوت العمليات العسكرية، دخلت البلاد في مرحلة تفاوض برعاية الأمم المتحدة، وكان اتفاق "استوكهولم" في السويد، عام ألفين وثمانية عشر، أبرز محطات التفاوض، حيث نصّ على وقف إطلاق النار في الحديدة، ونشر مراقبين دوليين، لكن الاتفاق منح الحوثيين السيطرة على موانئ الحديدة الثلاثة، ما سهَّل تهريب الأسلحة الإيرانية، وعزز نفوذهم الاقتصادي.
التحوَّل اللافت في المشهد تمثَّل في تغيير السعودية إستراتيجيتها، بفتح قنوات اتصال مباشر مع الحوثيين، إلى جانب تبادل الزيارات بين صنعاء والرياض.
ورغم التفاؤل السعودي، لم يسفر هذا الانفتاح عن اتفاق نهائي بسبب استمرار الحوثيين في التصعيد.
وفي العام 2022، شهدت الشرعية تحولا سياسيا، مع نقل السلطة من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مجلس قيادة رئاسي مكوَّن من ثمانية أعضاء، بتمثيل متباين الولاءات بين السعودية والإمارات، غير أن هذه الخطوة لم توحِّد الجبهة لإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي، مع استمرار الخلافات البينية.
رغم الجهود الدبلوماسية، فشلت المفاوضات في تحقيق اختراق حقيقي؛ بسبب تعنت الحوثيين.
وفي نهاية عام 2023، أعلن المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، عن "خارطة طريق" لتحقيق السلام وفق التقارب السعودي - الحوثي، لكنها تعثَّرت مجددا مع استمرار الحوثيين في التصعيد واستهداف الممرات الملاحية في البحر الأحمر.
عشر سنوات من الحرب تركت اليمن في أزمة إنسانية واقتصادية غير مسبوقة، حيث يعيش أكثر من ثمانين بالمئة من السكان تحت خط الفقر، في ظل تصاعد الحرب الاقتصادية وسيطرة المليشيات على الموارد، إلى جانب الانتهاكات والقتل والاعتقالات والتشريد.
التحول اللافت في الموقف الدولي جاء مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، حيث أعاد تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية"، وأمر بشن ضربات عسكرية ضدهم، لكن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وحكومته لم يتمكنا من استغلال هذا الدَّعم الدولي، في ظل استمرار ارتهان قرار السِّلم والحرب للرياض وأبو ظبي.