تقارير
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. كيف نجحت المقاومة في فرض المعادلة؟
دخل يوم الأحد الماضي موعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، بعد 471 يومًا من الإبادة الجماعية ضد سكان القطاع، في حرب شنتها إسرائيل بدعم غربي باستخدام أدوات فتك حديثة، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، في أكبر مذبحة في تاريخ العصر الحديث.
كلفة باهظة دفعها الفلسطينيون، لكنها لم تذهب سدى. اليوم، يعود الفلسطينيون إلى أرضهم، وقد أصبحت القضية الفلسطينية شأناً عالميًا. جرائم الاحتلال أصبحت مدانة في المحاكم الدولية، والعدوان الإسرائيلي أصبح موضوعًا يتم رصده عبر الشهادات في المحاكم.
غزة لم تكن ضحية حرب طارئة بل هدفًا لعدوان مستمر لعقود، عبر القصف والحصار والتجويع. لكن المقاومة اليوم فرضت المعادلة، وتحول “طوفان الأقصى” إلى زلزال سياسي إقليمي.
“غزة علمت البشرية معنى الصمود”
يقول المختص في القانون الدولي، الدكتور الفلسطيني ثائر أيوب: “مشهد تسليم الأسيرات يوم أمس كان مختلطًا بالفخر والألم والحزن. كل ذلك يعكس عقلية الشعب الغزاوي وروح هذا المواطن الغزاوي.”
وأضاف: “أقدم التحية لكل طفل في فلسطين، ولكل امرأة في فلسطين، ولكل شيخ في غزة، ولكل مقاوم على هذه الأرض المباركة الذين ضحوا بأرواحهم وبيوتهم وحياتهم خلال هذه المقتلة التي ارتكبها الاحتلال. ورغم ذلك، خرجوا وكأنهم في فرح وسعادة، وكأنهم في زهوة انتصار.”
وتابع: “هنا أستذكر مقولة لمؤرخ إسرائيلي قال فيها: ‘عندما تنتهي الحرب، يخرج الفلسطيني بلا ذراعين ولا أرجل، لكن لديه أصبعين ليرفع إشارة النصر’. فعلاً، كانت اليوم إشارة النصر والشعار ‘على القدس رايحين’. شهداء بالملايين وكأننا نبدأ من نقطة الصفر.”
وأردف: “الاحتلال سيشعر بالإحباط، وسيقولون: رغم كل ما حدث، ما زال الفلسطينيون بنفس القوة. هذا الإحباط ناتج عن غباء الاحتلال لأنه لم يفهم طيلة احتلاله لهذا الشعب، عقلية الشعب الفلسطيني.”
وقال: “الفلسطيني لا يعيش على كسرة الخبز وحدها، ولا يستجيب بالضغط والإجبار والقتل. الفلسطيني كان بحاجة إلى مشروع سياسي يشعر من خلاله أنه يملك حقوقًا وكرامة على أرضه.”
وأضاف: “الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسه نتنياهو، اليوم على مشارف نهاية أفقه السياسي إلى الأبد. أما غزة اليوم، فهي لم تنتصر فحسب، بل علمت البشرية معنى الصمود والانتصار والثبات. وهذه الحقيقة ليست تقليلاً من قيمة الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني، بل دفعنا أولادنا وأحلامنا وحياتنا، ولكن لفلسطين مهر غال، والكرامة التي يتشبث بها الفلسطينيون ويتنفسونها كل يوم هي التي جعلتهم يبقون واقفين شامخين رغم كل هذا الألم.”
نتنياهو يجثو على ركبتيه
يقول الباحث في الشأن الفلسطيني، محمود الخطيب: “نوجه تحية لكل من ساهم في هذا الانتصار، من الشهداء والجرحى والطواقم الطبية والدفاع المدني والصحفيين، الذين أجبروا الاحتلال على الجلوس على الطاولة.”
وأضاف: “أبو عبيدة الناطق العسكري باسم المقاومة ذكر في بداية المعركة أن نتنياهو سيجثو على ركبتيه. وكأن هذا كان تنبؤًا لما حدث في الأيام المباركة هذه، والتي لم تكن نتيجة لحظة مفاجئة بل كانت ثمرة سنوات طويلة من الإعداد.”
وتابع: “على الرغم من أن المعركة كانت غير متكافئة، إلا أن المقاومة تسلحت بالعقيدة والإيمان وحب الوطن. هذه المشاعر تجسدت منذ بداية ‘طوفان الأقصى’ في السابع من أكتوبر واستمرت حتى آخر يوم في هذه المعركة المباركة.”
وأشار الخطيب إلى أن: “المقاومة وصمودها في شمال قطاع غزة وجميع جبهات القطاع كانت السبب وراء إجبار الاحتلال على توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار.”
وأوضح: “صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة جعل هذا الانتصار ممكنًا. رغم أن آثاره التكتيكية قد لا تظهر الآن، إلا أن آثاره الاستراتيجية بدأت في الظهور، مثل استقالة وزير الأمن القومي الإسرائيلي، بن غفير، ما يشير إلى تراجع استقرار حكومة الاحتلال.”