تقارير
إدمان الأطفال.. انتشار "شمة الحوت" في مأرب يهدد بازدياد أعداد المصابين بسرطان الفم
تقليداً لرفاقه الشباب، تناول أول كبسولة من شَمّة الحوت الخطيرة، ولم يدرك علاء آثار إدمانه الأول، والأضرار، التي لحقت به، وترافقه لمدة طويلة في حياته، لكنه أدرك الخطر، وتوقَّف رغم الصعوبات، في الوقت الذي يستمر الكثير من شباب اليمن في تناول الحوت، أو الحوت يبلعهم ببطء دون منقذ.
في السجن، كانت بداية تناول علاء أمين أول كبسولة من شَمَّة الحوت، التي لم ترحمه بعدها، حتى أنهكت حياته، وتهددها بالهلاك، بعد طريق طويل من التعاطي استمر أربع سنوات على التوالي، غيّرت حياة الشاب، وتغيّرت كميات تعاطيه من خمس كبسولات كل يوم إلى 20 كبسولة في اليوم الواحد، وتغيّرت أسعارها منذ بدايتها حتى اليوم من ثلاثين ريالا يمنيا إلى أن وصلت 700 ريال للعلبة الواحدة، حيث تحتوي على خمس كبسولات.
وحين شاهد علاء الموت يقترب، والعجز يصاحبه في حياته اليومية بسبب الحوت، أيقن أنّها بداية معركة لم يتوقّعها يوما، وبدأ العراك مع الإقلاع الذي كاد أن يقنعه الإدمان بأن مفارقة شَمّة الحوت صعب المنال، ولن يتم، إلا أن قرارا شجاعا اتّخذه، وسار في طريقه بمساعدة سفره خارج البلد للعلاج.
"ساعدني الخروج من اليمن على الإقلاع عن شَمة الحوت، التي أدمنت عليها مدة طويلة"، يقول علاء لـموقع "بلقيس"، وعلى وجهه ملامح الحقد على ما فعلته به شَمّة الحوت.
شَمّة الحوت المزعجة تلاحق اليمني، أيضا خارج اليمن، يقول علاء إنه وجدها تُباع لليمنيين فقط في المطاعم والبقالات اليمنية في الدول الخارجية، مثل مصر.
- القرار الصعب
"الإقلاع عن شَمّة الحوت ليس بالأمر السهل"، يقول الأخصائي النفسي، ودكتور علاج الإدمان والتأهيل النفسي الوحيد في محافظة مأرب، مهيوب المخلافي ، لموقع "بلقيس"، مرجعا سبب ذلك إلى تأثير مواد شَمة الحوت نحو الإدمان على المتعاطي، في الوقت الذي يكون إدمانها بعيد المدى، ولا ينتهي بمجرد التوقّف عن تناولها ليوم أو ليومين أو أسبوع، بل أكثر من شهر، وغالبا ما تبقى الآثار على المتعاطي لمدة أطول من عام.
وبعد أن توقّف عن تناولها، يقول علاء إنه لازال يتأثر حاليا عند مشاهدته شَمة الحوت، أو يشتم رائحتها القويّة، مشيرا إلى أنه يتأثر بغلاف العبوة الذي يكون ملقيا في الشوارع، لكنه يبتعد قدر الإمكان عمّا يذكٍّره بها، رغم أنَّه مرَّ على الإقلاع عنها مدة ثلاثة أشهر.
- سرطان اللثة
لشَمّة الحوت آثار كبيرة وخطرة تصل إلى إصابة المتعاطي بالسرطان في مكان تناولها (تحت الشفاه)، وبحسب هشام عبدالعزيز - أخصائي في علاج الأورام - فإن تعاطي "شمة الحوت" يؤدي إلى تقرُّحات أو التهابات مُزمنة تكون مسؤولة عن نُشوء سرطان الفم.
يقول علاء إن لديه الكثير من الأصدقاء المدمنين على شمة الحوت، واحد منهم أصيب بالسرطان في فمه، وآخرون مصابون بالتهابات وأمراض متعددة في الفم.
- الأطفال المجنّدون
يؤكد المخلافي أنه وجد في مركز تأهيل الأطفال المجنّدين في محافظة مأرب، الذي يعمل فيه أخصائيا نفسيا، الكثير من الأطفال مدمنين على هذا النوع من الشمة، وأنواع أخرى من الحبوب.
وشدد المخلافي على ضرورة إقامة برامج توعوية وإرشادية تحت إشراف أطباء مختصين وذلك لمساعدة المدمنين على الإقلاع.
-سوق مفتوحة
يقول المخلافي إنه ينبغي على سلطات مأرب المحلية العمل بجد لفتح مراكز العلاج النفسي، والتأهيل للعمل على حل ما تخلفه المخدّرات والإدمان والأمراض النفسية في الأطفال والشباب "ذكورا وإناثا".
وطرح المخلافي أربع طُرق للإقلاع عن شمة الحوت مجتمعة، منها:
- الرغبة بالإقلاع والتخلّص ممّا يعانيه من شمة الحوت.
- التدرج في عملية الإقلاع عن الشمة، وليس قطعها بشكل كلي في وقت واحد، وذلك للمساعدة في الاقتناع منها، وهذه الطريقة -بحسب المخلافي- تحتاج إلى استبدال شمة الحوت مثلا بشمة التنباك أو الدخان، ثم وضع أوراق أو أي شيء خلف الشفة في المكان الذي اعتاد المدمن على وضع شمة الحوت فيه لتغطية الفجوة، التي يشعر بها.
من جهته، يقول مدير مكتب الصناعة والتجارة في مأرب ياسر الحاشدي، لـموقع "بلقيس" إنّه نفذ العديد من الحملات لملاحقة تجارها، ومنع بيعها في المدينة، إلا أن الواقع غير ذلك، واقتناؤها اليوم بمنتهى السهولة لدى الأطفال أو الشباب من بائعي الشمة والشيشة في شوارع المدينة، حيث اشترى معد التقرير ثلاث حبات شمة الحوت بمنتهى السهولة من جوار سوق القات، وسط مدينة مأرب ب2000 ريال، دون أي عراقيل، في الوقت الذي تمنع السلطات المحلية في مختلف المحافظات هذا النوع من الشمة، وتفرض رقابة شديدة على تجارتها، كمدينة عدن وغيرها.