تقارير
استهداف واتهامات بالاستحواذ.. ذكرى تأسيس التجمع اليمني للإصلاح تتحول إلى مناسبة للجدل
في حين تشهد البلاد الكثير من التفاعلات على أكثر من صعيد، تحل ذكرى تأسيس واحد من أهم الأحزاب اليمنية القائمة، وهو التجمُّع اليمني للإصلاح.
ومع ما يثيره هذا الحزب من النقاش، الذي لا يكاد أن يتوقَّف، يبقى من الضروري استغلال هذه المناسبة للحديث عن أدوار الإصلاح، وعن الحالة السياسية اليمنية بشكل عام.
يعيش البلد حالة اللا حرب واللا سلم منذ سنوات، كما أن تتطوّر العلاقات السعودية - الحوثية يثير الكثير من التساؤلات، فيما يبقى الوضع في الجنوب مفتوحاً على الكثير من الاحتمالات.
- حريص على مد يديه إلى جميع
يقول أمين المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح في ساحل حضرموت، محمد با لطيف: "تأتي ذكرى تأسيس التجمّع اليمني للإصلاح الثالثة والثلاثون كحالة يمنية بشكل عام لتضع معها الجميع أمام عمل وطني وأحزاب وطنية تتحدث بنفَس وطني جمهوري ديمقراطي تاريخي".
وأضاف: "كما استمعنا لكلمة الأستاذ محمد اليدومي -رئيس الحزب- التي ألقاها بهذه المناسبة، التي كانت تفيض بكل معاني الوطنية، وأيضا تتحدث بكل وضوح عن المرحلة التي نحن فيها اليوم، التي يمر بها البلد، سواء معركة مع الإمامية التي أطلت برأسها منذ القدم لتعيدنا إلى الخلف قرونا وعقودا، أو استحقاقات المرحلة من تحرّكات نحو السلام، وضرورة توفير البيئة المناسبة لهذا السلام؛ السلام الذي يجب أن ينعم به اليمنيون، السلام الذي يؤسس لدولة".
ولفت إلى أن "الإصلاح حريص دوما على مد يديه إلى جميع الأحزاب السياسية بغضّ النظر؛ تحت شعار أن المرحلة تحتاج الجميع".
واستطرد: "في يوم من الأيام كانت توجه تهم إلى الإصلاح بأنه من يسيطر على الحكومة، فقلنا من هو رئيس الحكومة، ولو عددنا المحافظين في المناطق المحررة لوجدنا أن الإصلاح هو أقل حزب معه، وفي بعض المحافظات المحررة تم استئصاله من مؤسسة الدولة التي هى حق من حقوقه أسوة بالآخرين".
وزاد: "بل تعدى الأمر وشيطنته واعتباره تهمة في أي مكان"، متسائلا: "لا أدري هل يراد للإصلاح يخرج تماما من اليمن؟ ماذا يمتلك من السلطة حتى يهمش الآخرين".
وقال متسائلا: "نريد أرقام وأعداد، كم حجم الإصلاح داخل الحكومة الشرعية السابقة واللاحقة والحالية الآن؟".
- أيقونة المشروع الوطني
وأكد: "الإصلاح اليوم يمثل أيقونة العمل والمشروع الوطني، وأيقونة الحديث عن استعادة الشرعية والدولة"، مشيرا إلى أن "الإصلاح منغمس في المقاومة الوطنية بكل ما أوتي من قوة".
ويرى أن "الدولة يجب أن تستفيد من هذه المقاومة، وتوجه هذه الجهود لصالح المشروع الوطني وتسخير هذه القوة والمقاومة لترابط الجيش الوطني واستعادة الدولة".
- ليس حزباً كبقية الأحزاب
بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان: "من الصعوبة أن نقيِّم حزب الإصلاح دون ربطه في سياقه التاريخي".
وأضاف: "الحزب (الإصلاح) هو حالة يمنية، من حيث مكوِّناته، ومن حيث تأسيسه كحزب، بمعنى أنه ليس حزباً كبقية الأحزاب؛ هو حزب يتكوّن من ثلاثة مكوِّنات: منها ما هو عقائدي سياسي، ومنها ما هو عسكري، ومنها ما هو اجتماعي قبلي".
وأوضح أن "الإصلاح يمثل ثقلا مهما، وجزءا من الثقل السياسي، وجزءا من الصراع السياسي، منذ البذور الأولى لهذه الجماعة".
وتابع: "منذ البداية كانت هناك الجبهة الإسلامية، والجبهة القومية، والجبهة الوطنية، وهو جزء من هذا الصراع، ثم أصبح جزءا من المؤتمر الشعبي العام، ثم كان جزءا من المنظومة الليبرالية، التي واجهت التوجُّه اليساري، ثم تأسس الحزب في التسعين، وخرج من تحت جناحي المؤتمر، وكان جزءاً من السلطة".
وزاد: "وشارك في انتخابات 93م، ثم في احتراب 94م، ثم في حروب صعدة، كل هذا ثقل الأحداث، وثقل المشاركات له تبعاته، ثم اللقاء المشترك، ثم ذهبنا إلى 2011م".
واستطرد: "2011م، لعب الحزب دوراً كبيراً في هذه الأحداث، وانقسم الجيش والمؤسسة الأمنية والمنظومة الاجتماعية إلى ثُنائية، كان هو جزءاً من إحداها، ثم اُستهدف نظراً لأخطاء في كيفية ترتيب المرحلة الانتقالية من قِبل جماعتين رئيسيتين في الداخل، وجماعات خارجية".
بيّن: "الجماعات الداخلية كانت علي صالح والحوثيين، هنا الحزب كان هدفاً رئيسياً، حتى من قِبل الحراك الجنوبي باعتبار أن التجمّع اليمني للإصلاح وعلي محسن الأحمر وجماعته شاركت في حرب 94م، والحوثيين تحت لافتة حروب صعدة، ثم علي صالح باعتبار أنهم انقلبوا عليه".
- استهداف
وأشار إلى أنه "كان هناك استهداف، والمجتمع الدولي والإقليمي كان يريد التخلُّص من الجماعات الدينية؛ لأن وظيفتها انتهت في إطار المنظومة الليبرالية، وأصبحت هي نفسها هدفاً للمجتمعات الليبرالية، ومدخلاً لانتهاك السيادات".
وأردف: "الحزب امتص ذلك الاستهداف في انقلاب 2015، وذهب إلى الخارج، وارتكب أول الأخطاء منذ خروجه، صحيح امتص الاستهداف، الذي كان موجّها إليه، وتأخّر في التقاط الأنفاس، واستعادة وضع إستراتيجية، خاصة وأن لديه منظومته الاجتماعية والعسكرية والسياسية، وهو الحزب الوحيد المتماسك".
وتابع: "ثم أبقى قياداته في الخارج، وكان جزءاً من السلطة، وبالتالي أخرج رموزه السياسية والبرلمانية خارج الجغرافيا، هذه أخطاء كبرى ستكون لها تداعيات كُبرى".
-اتهامات ومحاكمات
يقول عبدالباقي شمسان: "لسنا أمام توجيه اتهامات أو محاكمات، نحن أمام تقييم ومساعدة هذا في الاتساق بتحدّيات اللحظة، هذا هو المهم الذي نريد أن نطرحه الآن، خاصة وأنه الحزب الوحيد المتماسك".
وأضاف: "لماذا هذا القلق؟ هناك حروب أربعة وتسعين، هناك حروب صعدة، هناك صراع مع انقلاب 2014م، و2011م، وهناك توجس الجماعات التحديثية من هذا الحزب، ونحن طلبنا من هذا الحزب أن يعيد تحديث خطابه ويعيد أدواته، وينفتح".
وأضح: "استهدفت الدولة من خلال الإصلاح، باعتبار أن الجيش الوطني جيش عقائدي وتابع للإصلاح، باعتبار مدينة تعز مدينة الإصلاح، باعتبار أن هذا الحزب إخواني وينبغي أن نستهدفه، كل من يحاول أن يرفع صوته يتهم بالإصلاح وكأن الإصلاح تهمة".
ويرى أنه "من الطبيعي، خلال المشاركات داخل منظومة السلطة وفي إطار الشرعية، لا بد أن تكون لها تراكمات وتداعيات".
وأشار إلى أن الإصلاح مستهدف من قِبل جماعة الحوثي ومن دول الإقليم، قائلا: "ينبغي علينا أن لا نبالغ في استهداف الحزب، علينا أن نفتح على هذا الحزب، ونقوم بالتأثير على قياداته"، مؤكدا أنه "مازال هو الحزب المتماسك".
وقال: "طالبنا (الإصلاح) قبل فترة بالانفتاح، وحتى في فترة سابقة بعد 2011، قلنا لهذا الحزب عبر بعض اللقاءات بأن لا يكون توزيع المنافع والمناصب في إطار الحزبية، عليكم أن تنفتحوا على الشخصيات الوطنية، بحيث أن هذه التهمة والانغلاق والمصالح الضيِّقة تتلاشى، ويقلَّ الهجوم".
وأوضح: "حزب الإصلاح حزب موجود، وعندما ندافع عن الإصلاح أو ننتقده نحن نبحث عن إعادة وتفعيل المنظومة الحزبية برمتها".
وأضاف: "عندما نقول لحزب الإصلاح إنك أخطأت كان هناك استهداف للسلطة اليمنية؛ من حيث إنهاء سلطة عبد ربه منصور هادي، إضعاف الحكومة، إنهاء السلطة البرلمانية، وأنت (الإصلاح) كنت مستشارا لعبده ربه منصور هادي، يعني أنت لم تنفصل وتشكِّل ضغطا، ثم أخرجت كل قياداتك البرلمانية خارج اليمن، وأنت تلاحظ دول الإقليم تضعف السلطة، تركتم الجغرافيا اليمنية دون قيادات دون شخصيات يلتف حولها المواطنون".
وتابع: "ارتكب الحزب خطيئة أخرى أنه تقاسم المناصب والمنافع مع الأحزاب وتعامل كحزب، بينما كان هو الحزب المتماسك الذي عليه أن يخفي هويته الإصلاحية، ويتقدَّم بهوية وطنية، هذا سيفيده في حالتين: لن يتحمل هذه الإجراءات والسياسات، باعتبار أن الفعل المحدث هو فعل وطني... وعليه أن يتحرك في إطار الحركة الوطنية، وفي إطار ما يسمى الزمن الانتقالي".
ولفت إلى أن "هناك توجسا وقلقا تجاه الإصلاح، عليه أن يطمئن الناس ويطمئن الجماعات بأنه يتحرك في إطار المشروع الوطني، وأنه يقدم الكفاءات الوطنية، ليس بالضرورة أن يتقاسم مع الآخرين...".
وخلص الدكتور عبدالباقي إلى القول: "نحن أمام واقع معقد، ونحمل الحزب فوق طاقته، لكن أهم عنصر مطلوب هو الحفاظ على تراث الدولة والجمهورية اليمنية، والوجود في الداخل في حضرموت أو مأرب أو في أي مدينة يمنية؛ بحيث المواطنون يشعرون بوجودهم لاستعادة الدولة وأن هناك كيانا يمثل الجمهورية اليمنية، ويمثل السلطة في الداخل".