تقارير
الصراري يتحدث لبرنامج الشاهد عن حرب 1994 ونتائجها وآثارها وملف الاغتيالات السياسية - الحلقة 7
يستعرض برنامج الشاهد، في حلقته السابعة على قناة بلقيس، مع عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، علي الصراري، حرب 1994 ونتائجها وآثارها، وشهادته حول الاغتيالات السياسية لعناصر الحزب الاشتراكي، وكيف ولماذا أعلن علي سالم البيض مشروع الانفصال؟
الاغتيالات السياسية
يقول الصراري إن الاعتكافات التي كان يقوم بها علي سالم البيض كانت تعبيرًا عن الاحتجاج بسبب الممارسات التي كان يتعرض لها قادة وكوادر الحزب، ويقصد بذلك أعمال الاغتيالات التي طالت العشرات وامتدت إلى كامل الساحة اليمنية شمالًا وجنوبًا.
وأضاف: “لم تكن هناك إمكانية لإيقاف هذه العجلة الدموية، رغم الاحتجاجات ورغم إثارة الموضوع على كافة المستويات، لكن كان واضحًا أن هذا المسلسل يراد له أن يستمر”.
وتابع: “لم تكن الخطة فقط هي قتل الكوادر، بل كان هناك تخطيط لإحداث تداعيات لاحقة، بمعنى أن هذه الاغتيالات سيترتب عليها مواقف احتجاجية وانقسامات وضغوط، وهذا ما كان يخطط له الذين يقفون وراء هذه الاغتيالات”.
وأردف: “علي سالم البيض كان قد وضع ثقته بـعلي عبدالله صالح، وكان يعتقد أن التفاهم معه كفيل بحل أي مشكلة قد تبرز، لكنه في الواقع وجد أن ما يحصل عليه من علي عبدالله صالح لم يكن سوى مراوغة وتغطية على تلك الأعمال، ولهذا لجأ إلى الاعتكاف كوسيلة احتجاجية”.
وزاد: “البيض لم يكن يريد أن يخاطب الناس بأحاديث علنية، لكنه كان يسعى لإيصال رسالة بأنه ممتعض وغير موافق على ما يتعرض له أعضاء الحزب الاشتراكي من عمليات اغتيال، وكان يأمل أن يشكل ذلك ضغطًا على الطرف الآخر لوقف هذه العجلة، خاصة أن المعلومات كانت واضحة بأن هذه الاغتيالات تدار من داخل السلطة ومن شركاء الوحدة”.
وقال: “في فترة معينة، حاولوا أن يلقوا بالتهم على أطراف خارجية، متهمين جهات رافضة للوحدة بالوقوف وراء هذه العمليات بغرض تفكيكها، لكن المعلومات التي كانت بحوزة الحزب الاشتراكي تشير إلى أن هذه الأعمال تُدار من داخل السلطة، ومن مراكز أساسية فيها”.
وأضاف: “عند تنفيذ عمليات الاغتيال، كان المنفذ يلجأ إلى معسكر معين حيث يلقى الحماية والإخفاء، وكان ذلك المعسكر تابعًا للدولة، مثل الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهوري”.
وتابع: “الشهيد ماجد مرشد اغتيل على يد الحرس الجمهوري، حيث كان جريحًا وكان من الممكن إنقاذه، لكن بعد تواصل علي سالم البيض مع الجهات المعنية لضمان بقائه حيًا، جاءت سيارة تابعة للحرس الجمهوري من موقع حماية العاصمة، وقامت بتصفيته في مكان إصابته”.
وأردف: “هذه الاغتيالات كانت تستهدف شخصيات مدنية وليست عسكرية، والهدف منها إرهاب أنصار وأعضاء الحزب الاشتراكي”.
وزاد: “من خلال خطوة الوحدة اليمنية، حقق الحزب انتشارًا واسعًا، واستطاع بخطابه السياسي أن يلفت أنظار المجتمع اليمني إلى الأهداف الحقيقية للوحدة، لذا كان الهدف من هذه العمليات تقويض ذلك التأثير، وإضعاف صورة الحزب في نظر الناس. كما كان هناك سعي لإشعال فتيل الانتقام من خلال إعادة إثارة جراحات الماضي، في حين أن رؤية الحزب الاشتراكي كانت أن الوحدة تجبّ ما قبلها”.
وقال: “لم يكن يتم التجاوب مع أي مطالب تتعلق بالتحقيق في هذه الاغتيالات أو البحث عن الجناة، مما زرع لدى قواعد الحزب الاشتراكي شعورًا بوجود تواطؤ من قيادة الحزب وعدم الجدية في إيقاف هذه الأعمال”.
وأضاف: “كانت هناك مطالب تم تضمينها في وثيقة العهد والاتفاق، وقدمت إلى علي عبدالله صالح عبر وساطة قام بها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والأستاذ محمد سالم باسندوة، لكن صالح قابلها بالغضب، وصرخ في وجه الوسيطين، متهمًا إياهما بالانحياز إلى الحزب الاشتراكي، رغم أنهما كانا مجرد ناقلين لمطالب سياسية مشروعة”.
وتابع: “المطالب كانت تتعلق بالسير قدمًا في تنفيذ اتفاقية الوحدة، حيث تم تعطيل بعض بنودها عمدًا، ولو تم تنفيذها لكانت قد حسّنت الوضع الإداري، ووفرت فرصة لتجاوز التعقيدات السياسية، لكن كان هناك إصرار على تعطيل التنفيذ للإبقاء على حالة الانقسام، تمهيدًا لشن الحرب”.
وأردف: “لا يمكننا اتهام أطراف إقليمية أو دولية بالوقوف وراء تأجيج الصراع، لأن الجهات التي غذّت هذه الصراعات كانت داخلية، واستعانت بأطراف عائدة من أفغانستان، والمعروفين آنذاك باسم الأفغان العرب”.
قرار فك الارتباط
يقول الصراري إن إعلان الانفصال أثار ردود فعل متباينة، وجاء بضغط من بعض الأطراف داخل الحزب، ولم يكن الجميع مؤيدًا له، حتى عند اتخاذ قرار فك الارتباط، رفضه عدد من أعضاء المكتب السياسي الذين كانوا حاضرين في الاجتماع، لكن لاحقًا تم إلصاق القرار بالجميع، رغم أن بعض القادة الذين شاركوا في الحرب لم يكونوا مع إعلان الانفصال، وكانوا يرون أن المواجهة يجب أن تبقى تحت راية وثيقة العهد والاتفاق والوحدة”.
وأضاف: “لم يكن هناك رهان على دعم إقليمي أو تدخل دولي لإيقاف الحرب، لأن الأطراف الخارجية لم تكن سوى وسطاء يسعون لتسويات سياسية، وليس للتدخل الفعلي لإنهاء النزاع”.
وتابع: “لكن كان هناك رهان عاطفي لدى بعض قيادات الحزب، مفاده أن هناك قوى في الشمال ستقف ضد الحرب، أو أن المهاجمين سيتذكرون أهمية الوحدة ويتراجعون عن القتال، لكن ذلك لم يحدث، لأن تحالف المؤتمر والإصلاح كان قد أعد نفسه للحرب قبل الوحدة بسنوات”.
وأردف: “لا أعتقد أنه كان يمكن اجتياح الجنوب بدون مشاركة جنوبيين، فقد كان الجنوبيون الذين انضموا للقتال في صفوف القوات الشمالية على دراية بمواقع القوات المسلحة في الجنوب، وبالطرقات والطبيعة الجغرافية للمنطقة”.
وزاد: “جاءت أعداد كبيرة من المقاتلين، سواء من القبائل أو الأفغان العرب، الذين بلغ عددهم أكثر من 20,000 مقاتل، مما أدى إلى اختلال واضح في ميزان القوى، سواء من حيث العدد أو التسليح. فالجنوب كان قد أُنهك بعد أحداث 13 يناير، كما أن الجيش تعرض للاستنزاف بعد أن تم نشره في مواقع بعيدة مثل ذمار وعمران وحرف سفيان”.
وأضاف: “كانت وحدات المدفعية والدبابات الجنوبية من بين الأفضل، لكنها تعرضت للحصار منذ اللحظات الأولى للمعركة، خصوصًا في يريم، ما ساهم في إضعاف قدرة الجنوب على المقاومة”.