تقارير
الضربات الجوية ضد ميليشيا الحوثي.. استهداف وجودي أم عملية تحجيم؟
تبدو عواقب العمليات العسكرية لميليشيا الحوثي في البحر الأحمر أكثر وضوحا وأبلغ تأثيرا على اليمن واليمنيين فقد تحولت صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها إلى ساحة مفتوحة للهجمات الدولية.
حيث تستهدف الهجمات الجوية الامريكية البريطانية والإسرائيلية، مواقع حيوية ومنشآت عسكرية ومراكز قيادة تابعه للحوثيين في صنعاء، في محاولة لتقليص قدراتهم الهجومية، لا سيما في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وفقا لتصريحات المسؤولين عن هذه الهجمات.
ومع اشتداد العمليات العسكرية، تتفاقم الأضرار التي تطال المدنيين اليمنيين، ويبقى التساؤل قائما، هل تهدف هذه العمليات إلى تحجيم الحوثيين ودفعهم نحو الحلول السياسية أم للقضاء عليهم كقوة عسكرية تهدد الإقليم؟
استهداف وجودي
يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، إن الأزمة اليمنية والحرب، أخذت طابعا لم يكن محليا، حيث كان الصراع محليا وإقليميا، فهناك تدخل عسكري عربي واسع، استمر نشاطه لسنوات وتوقف، ومجلس الأمن تلقف الأزمة اليمنية منذ اللحظة الأولى، وتدخل في كل تفاصيلها، لذا فالتدخل الدولي ليس جديدا على المستوى السياسي وعلى المستوى العسكري.
وأضاف لـ بلقيس: لكن ما نراه اليوم أن هناك مساران يتعاطيان مع الأزمة اليمنية، المسار الأول هو مسار الأمم المتحدة وخارطة الطريق، والدور الذي قام به مبعوثو الأمم المتحدة الأربعة انتهاء بالمبعوث الحالي، وجولات المباحثات، إضافة إلى التدخلات المستمرة من جانب سفراء الدول إما عبر الرباعية أو عبر الخماسية التي نشأت مؤخرا بإضافة فرنسا، وهذا المسار ذو طابع سياسي ويركز على مسألة أنه ما من طريق سوى حل سياسي للأزمة في اليمن.
وتابع: هذا المسار الأول يقترح خارطة الطريق التي تحتفظ للحوثيين مزايا كثيرة، باعتبارهم طرفا محليا مكفولا من المجتمع الدولي بشكل كامل، وتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم السياسية والعسكرية بسهولة، بفضل الدعم الذي قدمه المجتمع الدولي في 2014 وما قبل 2014.
وأردف: أما المسار الثاني في التعاطي مع الأزمة اليمنية، يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية وحلف حرس الازهار الذي أسسته الولايات المتحدة، إلى جانب ردود الفعل الإسرائيلية العسكرية، التي تمثلت في ثلاث غارات منفصلة على اليمن بنية ضرب منشآت لها علاقة بجماعة الحوثي.
وزاد: أنا في تقديري أن المسار السياسي في حالة جمود، وهناك توافق دولي لأول مرة يحدث وهو أنه لا فائدة من خارطة الطريق بمعنى أن خارطة الطريق التي تحتفظ بالإنجازات التي حققها الحوثيون خلال السنوات الماضية، لم تعد محل نظر من أطراف كثيرة، وأنه لا بد من تغيير هذه الخارطة أو تجميدها في هذه المرحلة.
وقال: أما بالنسبة للنشاط العسكري الذي تنخرط فيه الولايات المتحدة بشكل كبير جدا، والذي يأخذ اليوم شكل مواجهة تتصاعد باستمرار مع جماعة الحوثي ومن خلفها إيران، انعكس بشكل مباشر على المسار السياسي وجمد خارطة الطريق وأعطى إشارات إيجابية بالنسبة للطرف الذي يناهض جماعة الحوثي (الحكومة اليمنية).
وأضاف: لكن هذه الإشارات الإيجابية بطبيعة الحال تأخذ مسارا طويلا، لأنها تبر عبر الرياض ولا تصل مباشرة إلى الأطراف اليمنية المحلية في السلطة الشرعية، ما يعني أن التحول أو الأمريكي لم تنعكس مباشرة على موقف السلطة الشرعية والمعسكر المرتبط بها، فعندما أرادت الولايات المتحدة تجميد خارطة الطريق، تك هذا الأمر من خلال الرياض.
وتابع: التصعيد العسكري الأمريكي واضح أنه بات يستهدف الحوثيين وجوديا، فالتركيز اليوم على مخازن الأسلحة المنتشرة في الجبال ولأول مرة، وعندما نشرت صور لهذه المخازن أسلحة كثيرة عبر الإنترنت، رصدتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر الأقمار الصناعية، كان هناك بالفعل جدية في مسألة استدعاء طائرة "بي تو" الشبحية، التي تتخصص بقذائف مضادة لمخازن الأسلحة في المناطق المحصنة ونفذت بعض العمليات التجريبية ويبدو أن المسألة تتصاعد الآن.
وأردف: الأمر تحول من ملاحقة موارد التسليح للحوثيين إلى ملاحقة القيادات الحوثية، فمثلا الضربة التي حدثت في حدة في منزل يقال، إنه تابع للفريق علي محسن الأحمر، استهدفت خلية قيادية، وهذه الخلية القيادية أنا في تقديري أنها تضم قيادات في الجماعة وقيادات لها علاقة بإيران وحزب الله وهذا يفسر لماذا فرضت جماعة الحوثي طوقا أمنيا شديدا حول موقع الحادث، ومنعت حتى الأهالي من الوصول إلى منازلهم.
"قرار أتخذ لا رجعة عنه"
يقول المحلل العسكري العميد عبد الرحمن الربيعي، إن ما يحدث من تصعيد أمريكي وإسرائيلي، واستهداف منشآت حيوية في صنعاء والحديدة، يشير إلى أن الموقف الآن لم يعد هناك مجال للحديث عن حل سياسي مطلقا.
وأضاف لـ بلقيس: الحديث حول أن الأمم المتحدة تريد أن تمضي في خارطة الطريق وأن تجعل الحوثي حيزا موجودا على الساحة اليمنية، أنا في تقديري أن هذا الكلام غير صحيح إطلاقا، بدليل أن هناك شرعية معترف بها دوليا والحوثي جماعة ميليشياوية انقلابية، وتحاول الأمم المتحدة أن تعيد الأمور إلى نصابها عبر القرار 2216 والقرار واضح ولم يلغ.
وتابع: نحن العرب مشكلتنا أننا لا نفقه المتغير في السياسة على الإطلاق، فالسياسة كما أكدنا أكثر من مرة، أنها ليست ثوابت، فالسياسة هي فن المتغير، ولذلك عندما حدث طوفان الأقصى ونحن الآن على مشارف تقريبا 14 شهرا، لم ندرك ما الذي حدث بالواقع الجيوسياسي في المنطقة، حيث هناك تغيير كلي.
وأردف: بروز إيران وأذرع إيران، (حزب الله - سوريا - الحوثيين في اليمن -العراق) وهذه المواجهات التي حدثت سواء بين الحوثيين و قوات التحالف في البحر الأحمر واستهداف الحوثيين للسفن العابرة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، أو أيضا الاستهدافات التي حدثت على الكيان الصهيوني الإسرائيلي الغاصب المحتل، كل هذه العوامل غيرت كليا مفهوم العملية السلمية في اليمن، والكل يدحضها والكل اليوم يصرح أن هذه العملية لم تعد مطروحة وغير قابلة حتى للنقاش.
وزاد: هذا التصعيد الأمريكي المضاف إلى الأعمال العسكرية الإسرائيلية، أنا أعتبرها من ناحية عسكرية، بأنها عملية متدرجة للوصول إلى أوج الضربات العسكرية، والتي أتوقعها أنا أن تكون مع بداية العام الجديد.
وقال: من الناحية العسكرية أنا في تقديري أن قرار بتر وإنهاء واجتثاث أذرع إيران من المنطقة أتخذ ولا رجعة عنه.