تقارير

الولادة المبكرة في اليمن: واقع الأطفال الخدّج وتحديات الرعاية الصحية

23/11/2025, 06:47:40

في اليوم العالمي للأطفال الخدّج، الذي يصادف الـ17 من نوفمبر من كل عام، يبرز أطفال اليمن حديثو الولادة كإحدى أكثر الفئات ضعفًا في ظل الحرب المستمرة في البلاد، وما نجم عنها من انهيار للخدمات الصحية، حيث تعاني اليمن من أحد أعلى معدلات وفيات الأطفال والأمهات في المنطقة.

كما أن غياب السجلات الموحدة لحديثي الولادة في مختلف المحافظات؛ نتيجة انقسام مؤسسات الدولة، يُعمّق صعوبة تقييم الوضع، فيما تشير آخر البيانات الوطنية إلى أن معدل وفيات الأمهات بلغ 148 لكل 100,000 مولود حي.

وتشير التقارير الطبية الرسمية إلى أن نقص الحاضنات والمعدات الطبية والأكسجين والأدوية، إضافة إلى توقف رواتب العاملين في القطاع الصحي، ساهم بشكل مباشر في ارتفاع وفيات حديثي الولادة والخدّج، كما أن أكثر من نصف المرافق الصحية في البلاد لا تعمل، ما يفاقم من الأزمة ويضع حياة الأطفال حديثي الولادة على المحك.

وتؤكد البيانات الأممية الصادرة عن اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي أن الاتجاهات الحالية تعني أن نحو 60 مليون طفل حول العالم قد يموتون قبل الخامسة بين 2017 و2030، نصفهم حديثو الولادة، بما في ذلك آلاف الأطفال اليمنيين الذين يعيشون تحت وطأة ضعف الرعاية الصحية الأساسية.

اليوم العالمي للخدّج

يأتي الاحتفال باليوم العالمي للأطفال الخدّج لتسليط الضوء على ضرورة تحسين الرعاية الصحية المتكاملة للأمهات والأطفال، وتوفير الدعم الكافي للمستشفيات، وتوسيع خدمات الحاضنات، لضمان حياة أفضل للأطفال الخدّج ومنع وقوع المزيد من الوفيات المأسوية.

وفي هذا الصدد، أكدت أخصائية الأطفال الدكتورة أسماء البريهي على أهمية الرعاية الخاصة بالطفل الذي يولد قبل اكتمال نموه، والذي يعرف بـ"الطفل الخديج"، والذي يواجه صعوبات في التنفس والنمو، ويحتاج إلى متابعة شاملة تشمل التغذية والرعاية الطبية المتخصصة.

وأشارت الدكتورة أسماء، في حديث لقناة "بلقيس"، إلى ضرورة تجهيز المرافق الصحية للأطفال الخدّج بكل ما يلزم من وحدات رعاية متقدمة، وبناء قدرات الكوادر الطبية من استشاريين وأطباء متخصصين وممرضين لتقديم أفضل خدمة ممكنة.

وأكدت أن الطفل الخدّج بدون رعاية كافية قد يواجه خطر الوفاة أو قد يعيش مع إعاقات دائمة، مما يجعل الاستثمار في الرعاية الطبية والتغذية المتخصصة أمرًا حيويًا لإنقاذ حياة الأطفال وضمان نموهم السليم.

ونوهت إلى أن اليمن شهد، خلال الفترة الماضية، تطورًا ملموسًا في مستوى الخدمات والرعاية، إلا أنها تؤكد الحاجة إلى دعم إضافي، خاصة في ظل انخفاض دعم المنظمات الدولية بنسبة تصل إلى 20%، وهو ما أثر على مختلف مستويات الرعاية.

إحصائيات وأرقام

وبرغم غياب الأرقام والاحصائيات الرسمية، وكذا الدراسات الحديثة حول الأطفال الخدج في اليمن، تُعد الدراسة التي أجريت في مستشفى السبعين بصنعاء (2005) ونُشرت في مجلة طبية دولية، من أهم المراجع التي وثّقت حجم العبء الصحي على وحدات رعاية المواليد في اليمن. 

حيث رصدت الدراسة، خلال 12 عامًا، ما مجموعه 62 ألفًا و168 ولادة في مستشفى السبعين، ما يجعلها واحدة من أكبر قواعد البيانات الطبية المتعلقة بصحة الأمهات والمواليد في اليمن.

وتُظهر نتائج الدراسة أن نحو 14 ألفًا و576 طفلًا من المواليد كانوا خدّجًا أو منخفضي الوزن عند الولادة، وهو رقم يعكس حجم العبء الصحي الذي تتحمله المستشفيات اليمنية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، كما تشكل هذه الفئة حوالي ربع المواليد خلال الفترة التي شملتها الدراسة.

كما وثقت الدراسة تسجيل 2,936 حالة موت جنيني، إضافة إلى 5,434 وفاة حول الولادة، وهو مؤشر خطير على تراجع جودة الرعاية قبل وأثناء الولادة وافتقار كثير من المرافق الصحية إلى الإمكانات الكافية للإنقاذ المبكر.

وفي وحدة العناية الخاصة بالمواليد (SBCU)، استقبل المستشفى 10,546 طفلًا خلال سنوات الدراسة؛ كان 40% منهم من الأطفال الخدّج، ما يؤكد أن الولادة المبكرة تمثل أبرز الأسباب التي تدفع بالرُضّع إلى وحدات العناية المركّزة.

وسجلت الوحدة 2,147 حالة وفاة بين الأطفال الذين تم إدخالهم للعناية الخاصة، كان أكثر من 80٪ منهم من الخدّج منخفضي الوزن، كما كشفت الدراسة أن متلازمات الضيق التنفسي كانت السبب الأول للوفاة بنسبة 63.8٪، تليها حالات الاختناق عند الولادة بنحو 15٪.

الأعلى في الشرق الأوسط

وكان ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) قد أكد، خلال العام الماضي، أن اليمن يسجّل واحدًا من أعلى معدلات وفيات الأطفال في منطقة الشرق الأوسط، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.

وأكدت المنظمة الأممية أن الإحصائيات تشير إلى وفاة 60 طفلًا من كل ألف مولود جديد في اليمن، بما يعادل نحو 52 ألف طفل سنويًا، أي طفل واحد كل عشر دقائق.

وأوضحت منظمة اليونيسف أن أكثر من نصف وفيات الأطفال يمكن تفاديها في حال توفر الحد الأدنى من خدمات الرعاية الصحية الأساسية للأمهات والمواليد.

كما تظهر البيانات الأممية أن ما يقارب ستة أطفال حديثي الولادة يفقدون حياتهم كل ساعتين في اليمن، فيما يشكّل الأطفال دون سن الخامسة وحديثو الولادة النصف الأكبر من إجمالي الوفيات المسجّلة بين الأطفال في اليمن.

وفاة نصف الأطفال الخدّج

وكانت وزارة الصحة بصنعاء قد أعلنت، في مؤتمر صحفي خلال العام 2022، أن نصف الأطفال الخُدّج في اليمن، يتوفّون نتيجة ما وصفته بـ"تداعيات عمليات التحالف السعودي، وقيوده المفروضة على منافذ البلاد، والتي تؤدي إلى نقص الأدوية والمعدات الطبية".

وأكدت الوزارة، في بيان لها، أن إحصاءاتها تسجّل وفاة طفلاً حديثي الولادة يوميًا، بسبب قلّة الأجهزة والأدوية الطبية، مشيرة إلى أن "الاحتياج الفعلي للقطاع الصحي يقدر بنحو 2000 حضانة، بينما يمتلك منها 600 حضانة فقط".

وذكر بيان وزارة الصحة، أن الحرب تسببت في ارتفاع نسبة الوفيات في حضانات المواليد بمستشفى السبعين بصنعاء فقط إلى  إلى 2277 مولودا، من إجمالي أكثر من 12.2 ألف مولود، منذ 2016.

حمل بلا رعاية

وفي هذا السياق، توضح الدكتورة فاطمة الوجيه ـ مسؤولة قسم الولادة بمستشفى اليمن السعيد ـ أن الأمهات في اليمن يواجهن سلسلة من التحديات القاسية خلال متابعة الحمل، تبدأ من غياب الرعاية الصحية المناسبة نتيجة نقص المرافق المجهزة وندرة الأطباء المتخصصين، خصوصًا في المناطق الريفية والنائية.

وأضافت الدكتورة فاطمة الوجيه، في تصريح لقناة "بلقيس"، أن الظروف الاقتصادية الصعبة تعمّق أيضًا حجم المعاناة، إذ تعجز الكثير من الأسر عن تحمّل تكاليف الرعاية الأساسية ما يجعل الأم أكثر عرضة لمخاطر الولادة المبكرة.

وتابعت الوجيه: إضافة إلى ذلك، هناك عوائق الحرب، والتي تعرقل الحركة وتحدّ من قدرة النساء على الوصول إلى المراكز الصحية في الوقت المناسب، كما تؤثر سوء التغذية والضغوط النفسية المتزايدة في صحة الأم والجنين بشكل مباشر.

وتشير الدكتورة فاطمة إلى أن هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الولادة المبكرة؛ فالتوتر المزمن يرفع احتمالات حدوث تقلصات مبكرة، بينما تسهم المتابعة الطبية غير المنتظمة في تفاقم مضاعفات الحمل، كما يؤدي ضعف التغذية إلى نقص العناصر الأساسية اللازمة لنمو الجنين واستقرار الحمل.

الحالة النفسية للأم

وتؤكد الدكتورة فاطمة الوجيه أن الحالة الصحية والنفسية للأم تُعدّ عاملًا حاسمًا في تحديد احتمالية ولادة طفل خديج؛ فالإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم، أو التعرض لعدوى كالتهابات المسالك البولية، كلها تزيد من مخاطر الولادة المبكرة، أما الضغوط النفسية المستمرة، فتترك أثرًا بالغًا على صحة الأم والجنين معًا.

وترى الوجيه أن الحدّ من هذه المخاطر يتطلب خطوات أساسية تشمل تحسين مستوى الرعاية الصحية عبر تجهيز المرافق وتوفير الأطباء، وضمان حصول الحوامل على تغذية متوازنة، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن خلال فترة الحمل.

وأكدت، في هذا السياق، أن أخطر الفجوات في خدمات رعاية الحوامل داخل اليمن تتمثل في نقص المرافق الصحية المؤهلة، وشحّ الكوادر المتخصصة في طب النساء والتوليد، فضلًا عن الصعوبات الكبيرة التي تواجهها النساء في الوصول إلى الرعاية بسبب الظروف الاقتصادية الناجمة عن الحرب.

تقارير

حملة جديدة للمليشيا في صنعاء تستهدف صغار التجار وتدفع آلاف الأسر نحو الانهيار

أثارت الاعتداءات المتصاعدة التي تُنفذها جماعة الحوثيين ضد صغار التجار والباعة المتجولين في أسواق وشوارع العاصمة   صنعاء، موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين الحقوقيين، بمن فيهم مؤيدون للجماعة نفسها، وسط تحذيرات من أن هذا النهج التعسفي يعمّق معاناة الفئات الفقيرة، ويدفع آلاف الأسر نحو مزيد من الانهيار المعيشي.

تقارير

عائلات عاملي الإغاثة اليمنيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي تشعر باليأس بشأن مصيرهم

تحوّل فرح عائلة أحمد اليمني باحتفالهم بزفاف ابنته إلى رعب في اليوم التالي، عندما داهمت قوات مقنّعة منزلهم في صنعاء، العاصمة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، واعتقلته.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.