تقارير
تسليح الجيش اليمني.. عقبات مزمنة وتحديات راهنة
مع امتلاك مليشيا الحوثيين لصواريخ باليستية وطائرات مسيرة يصل مداها إلى فلسطين المحتلة أو أي دولة خليجية، يتضح مدى اختلال موازين القوة الجوية بين مليشيا الحوثيين من جهة، والحكومة الشرعية والمكونات المناهضة للحوثيين من جهة أخرى، وهذا الخلل ما كان له أن يزداد عمقا لولا طريقة إدارة التحالف السعودي الإماراتي للأزمة اليمنية منذ اندلاع عملية "عاصفة الحزم" وحتى اليوم.
وخلال زيارته الأخيرة إلى روسيا، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، في حوار أجرته معه قناة "روسيا اليوم"، إن اليمن بحاجة ماسة إلى منظومات دفاع جوي لحماية المطارات والبنية التحتية المدنية من هجمات مليشيا الحوثيين، لافتا إلى أن الحوثيين هددوا بقصف المطارات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية ما لم يتم إعادة الطائرة الرابعة من طيران "اليمنية" إلى مطار صنعاء.
وأرجع الرئيس رشاد العليمي سبب عدم امتلاك اليمن منظومات دفاع جوي إلى القيود المفروضة عليها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يعيق تزود الحكومة بهذه الأنظمة، آملا أن يكون لموسكو دور إيجابي في تسهيل إجراءات حصول اليمن على منظومات دفاع جوي كونها تمتلك مثل تلك المنظومات.
وكان وزير الدفاع اليمني محسن الداعري قد قال، في فبراير 2023، إن وزارته لا تملك حرية تسليح الجيش بسبب خضوع اليمن للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
يبدو حديث الرئيس رشاد العليمي، ومن قبله حديث وزير الدفاع، مجرد تبريرات تتجاهل دور التحالف السعودي الإماراتي في عرقة تسليح الجيش اليمني، في مسار مواز للسردية التي ظل التحالف يرددها بشأن ما يسمى الضغوط الدولية التي تحول دون القضاء على الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة.
وبينما واصل التحالف منع تزويد الجيش الوطني بأسلحة حديثة تتيح له التفوق على القدرات العسكرية للحوثيين، لم يتمكن في المقابل من فرض حصار محكم يحول دون تمكن إيران من الاستمرار في تهريب الأسلحة لمليشيا الحوثيين.
- هل تستطيع "الشرعية" شراء أسلحة دفاع جوي؟
منذ إصدار مجلس الأمن قراره رقم 2216 في أبريل 2015، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، دخل اليمن رسميا في إطار الدولة الخاضعة للوصاية الأممية بشأن التعاملات العسكرية والتسلح.
ومع استمرار الحرب وتزايد المخاطر الناجمة عن امتلاك مليشيا الحوثيين لصواريخ باليستية وطائرات مسيرة يصل مداها إلى فلسطين المحتلة أو أي دولة خليجية، وقدرتها على تهديد جميع الأراضي اليمنية التي لا تسيطر عليها، دون امتلاك الجيش الوطني أو التشكيلات العسكرية غير النظامية التي أسسها التحالف السعودي الإماراتي لأسلحة دفاع جوي، فإن السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليا قادرة قانونيا وعمليا على شراء أسلحة دفاع جوي متطورة لتعزيز قدرتها في حماية الأجواء والمرافق الحيوية؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب أولا الفهم القانوني للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يُفعّل عندما يرى مجلس الأمن تهديدا للسلم والأمن الدوليين. ويوفر هذا الفصل صلاحيات استثنائية، تشمل فرض عقوبات، وتجميد أصول، وحظر سفر، وحتى استخدام القوة العسكرية.
وما يهم اليمن تحديدا هو أن القرار 2216 الصادر تحت هذا الفصل فرض حظرا على توريد الأسلحة إلى مليشيا الحوثيين وبعض الأفراد، لكنه لم يفرض حظرا شاملا على الدولة اليمنية أو الحكومة الشرعية.
وبمعنى أدق، لا يوجد نص في القرار يمنع الحكومة اليمنية الشرعية من شراء الأسلحة لأغراض دفاعية أو لأداء وظائفها كدولة، شريطة أن يكون الشراء باسم الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وأن يتم الإبلاغ عن الصفقة إلى لجنة العقوبات الخاصة باليمن (المنشأة بموجب القرار 2140)، وألا يكون هناك اشتباه في إمكانية تسرب السلاح إلى جهات خاضعة للعقوبات.
وخلال سنوات الحرب، تعرضت العديد من المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا لضربات جوية من مليشيا الحوثيين عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، بعضها استهدف منشآت مدنية وعسكرية، وبعضها أجبر الحكومة الشرعية على وقف تصدير النفط.
ومع تطور قدرات مليشيا الحوثيين الجوية بدعم إيراني، بات امتلاك الحكومة الشرعية لمنظومات دفاع جوي مطلبا سياديا مشروعا لحماية المواطنين والمنشآت المدنية والعسكرية، وسط احتمالات باندلاع مواجهات عسكرية واسعة ستشعلها مليشيا الحوثيين بعد انتهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، مدفوعة بنشوة مواجهة قوى كبرى إقليمية ودولية، وسترى أن معارك الداخل قد تكون سهلة نسبيا أو أقل تكلفة بالنسبة لها.
لكن لا يعني ذلك أن المليشيا الحوثية ستحقق انتصارات سريعة وحاسمة، ففي حال أشعلت الحرب بدءا من الجبهات الرئيسية، قد يترتب على ذلك تداعيات وردود أفعال محلية وإقليمية وربما دولية، لا سيما في حال حققت تقدما ميدانيا ولو محدودا، إذ قد يعود تدخل التحالف السعودي الإماراتي عسكريا، أو تحصل الحكومة الشرعية على دعم عسكري يردم فجوة التسليح بينها وبين مليشيا الحوثيين، أو تتوحد مختلف المكونات اليمنية المناهضة للحوثيين بتنسيق ودعم خارجي.
وبالتالي فإن القدرات الجوية المتفوقة للحوثيين ستمكنهم من الابتزاز والإيذاء وليس بالضرورة توسيع نطاق سيطرتهم على الأرض، ولعل الخيار البديل أمامهم هو خوض حرب استنزاف صامتة في مختلف جبهات الداخل حتى تحين الفرصة المناسبة لإشعال معارك واسعة بعد مراكمة عدد كبير من الأسلحة واستقطاب مزيد من المقاتلين.
والمفارقة أن الحكومة الشرعية، رغم اعتراف المجتمع الدولي بها، كانت تعتمد على التحالف، السعودية تحديدا، في تأمين أجوائها، ولم تبذل جهدا يُذكر للحصول على منظومات دفاع جوي بعد أن سحب التحالف السعودي الإماراتي أنظمته الدفاعية الجوية من مأرب وعدن، مما ترك أجواء المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية وفصائل أخرى عرضة لهجمات الحوثيين وسط غياب تام للدفاعات الجوية.
ويبدو أن قرار التسلح، خصوصا في مجالات إستراتيجية كالدفاع الجوي، يخضع لحسابات إقليمية حساسة، لا سيما لدى الرياض وأبوظبي، فهما لا تنظران بعين الرضا إلى محاولة تسلح مستقلة من جانب الحكومة اليمنية الشرعية، خصوصا إذا لم تكن منسقة معهما، مما يدفع الحكومة اليمنية إلى تأجيل مثل هذه الخطوات، خشية فقدان ما بقي من الدعم العسكري والسياسي.
علاوة على ذلك، شكل التحالف السعودي الإماراتي مليشيات وفصائل عسكرية خارج إطار وزارة الدفاع اليمنية، ودعمها بالمال والسلاح والتدريب، كما تعمد إضعاف الجيش الوطني (النظامي)، في إطار جهوده لإعادة هندسة البلاد عسكريا وسياسيا.
وإذا كان "التحالف" يبخل على الجيش الوطني حتى بالأسلحة الخفيفة والذخائر، بل ويتعرض ذلك الجيش للضرب بالطيران الحربي للتحالف ذاته كما حدث في نقطة العلم بأحد مداخل مدينة عدن وفي محافظة شبوة، من أجل التمكين لمليشيا المجلس الانتقالي الانفصالي، وقصف الجيش الوطني في بعض الجبهات كي لا يتقدم نحو مناطق سيطرة الحوثيين والادعاء بأن تلك الضربات خاطئة، فكيف سيدعم الجيش الوطني بأنظمة دفاع جوي، قد تمكنه لاحقا من التصدي لمقاتلات التحالف في حال شنت هجمات ضد الجيش لمصلحة مليشيا الانفصاليين.
- عقبات التسلح الدفاعي
رغم أنه يجوز قانونيا للحكومة اليمنية الشرعية شراء أسلحة دفاع جوي وغيرها من الأسلحة، لكن تبرز مجموعة من التحديات التي تعيقها عن ذلك، وفي مقدمتها القيود الاقتصادية، فالاقتصاد اليمني شبه منهار، والحكومة لا تملك القدرة الذاتية على تمويل صفقات تسليح كبيرة دون دعم خارجي أو قروض طويلة الأجل، كما أنها لا تبسط سيطرتها على جميع الأراضي المحررة، مما يثير قلق الموردين الدوليين بشأن مصير الأسلحة المورّدة، يضاف إلى ذلك أن أي عملية شراء يجب أن تمر عبر لجنة العقوبات، مما يجعلها بطيئة وخاضعة لتقييم سياسي قد يتأثر بالمواقف الدولية تجاه الحرب في اليمن.
فضلا عن ذلك، هناك تحديات إقليمية سبقت الإشارة إليها، تتمثل في أن السعودية والإمارات قد لا تنظران بعين الرضا إلى محاولات تسلح مستقلة من جانب الحكومة اليمنية الشرعية، خصوصا إذا لم تكن منسقة معهما، مما يدفع الحكومة لتأجيل مثل هذه الخطوات خشية فقدان ما بقي من دعم عسكري وسياسي.
وخلال السنوات الماضية، لم تُسجل أي صفقات معلنة لشراء منظومات دفاع جوي من جانب الحكومة الشرعية، لكن كان هناك دعم عسكري محدود مقدم من التحالف السعودي الإماراتي في بداية الحرب، ثم انقطع ذلك الدعم عن الحكومة الشرعية لصالح تشكيلات وفصائل عسكرية أنشأها التحالف خارج إطار وزارة الدفاع اليمنية، وأصبح الجيش الوطني يعاني من انقطاع الرواتب، وعدم تزويده بالمواد الغذائية الكافية، ونقص الذخائر.
وهذا يعكس شح الدعم العسكري المقدم للحكومة الشرعية من جانب التحالف السعودي الإماراتي، بينما إيران لم تبخل على الحوثيين بالدعم العسكري رغم بعد المسافة ومخاطر التهريب وتكاليفه الباهظة، حتى أصبح لدى مليشيا الحوثيين قدرات عسكرية جوية مقلقة، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الهجومية وأنظمة الرصد الإلكتروني، مما يفاقم اختلال موازين القوة الجوية.
ورغم أن الفصل السابع لا يمنع الحكومة اليمنية الشرعية قانونيا من امتلاك أسلحة دفاع جوي، فإن الواقع السياسي والاقتصادي والأمني يفرض قيودا أشد وطأة من النصوص القانونية، ويبقى الأمر مرهونا بقدرة الحكومة الشرعية على كسب ثقة المجتمع الدولي، والحصول على دعم مالي لشراء هذه الأسلحة، وضمان أن تكون أداة لبناء قدرات سيادية مستحقة، وليس عبئا إضافيا على بلد منهك.
هناك أيضا مفارقة لافتة، ففي الوقت الذي بدأ فيه التحالف السعودي الإماراتي تقليص دعمه العسكري للحكومة الشرعية، كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن أسلحة أمريكية بيعت للسعودية والإمارات تسربت إلى مليشيا الحوثيين وتنظيمات إرهابية أخرى في اليمن، من بينها القاعدة، وقد دفع ذلك وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون إلى إرسال محققين إلى البلدين للتحقيق في ذلك.
وأظهر التحقيق الذي نشرته شبكة "سي إن إن" أن مدرعات أمريكية من نوع (MRAPs) وصلت إلى الحوثيين وتنظيم القاعدة، في خرق لاتفاقيات بيع السلاح مع واشنطن. وقد تم توثيق ذلك بأرقام تسلسلية ومشاهد لمقاتلين من مليشيا أبو العباس (المرتبطة بتنظيم القاعدة ومدعومة من الإمارات)، وهم يتجولون بمدرعات أمريكية في تعز.
وحينها عبرت وزارة الخارجية الأمريكية عن استيائها من "الأجوبة غير الكاملة" من السعودية والإمارات، في حين نفت الدولتان أي مسؤولية. وأكدت السعودية التزامها باتفاقيات التسليح، بينما قالت الإمارات إن استثناء وحيدا تمثل في أربع عربات استولى عليها الأعداء.
- عرقلة السعودية لتسليح الجيش اليمني
من المفارقات اللافتة في المشهد اليمني، أن السعودية، التي ظلت لعقود تمارس سياسة الحذر بل والعرقلة تجاه تسليح الجيش اليمني النظامي، تجد نفسها اليوم أمام تهديد فعلي مصدره مليشيا الحوثيين، وهي المليشيا التي لم تواجه ردعا سعوديا حاسما منذ أن بدأت في بناء ترسانتها العسكرية وتطوير قدراتها الصاروخية والطائرات المسيرة القادرة على الوصول إلى مختلف أراضي المملكة.
وتزداد المفارقة غرابة أن الجيش اليمني، الذي حُرم من أدوات الدفاع والردع منذ تدخل التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، كان وما زال هو الحاجز الميداني الأول الذي يدافع عن الحدود السعودية، وخاض عددا كبيرا من المعارك ضد مليشيا الحوثيين في الداخل وفي الحدود السعودية عندما كانت المليشيا تحاول التقدم هناك. فكيف نفهم هذا التناقض؟ ولماذا بدت السعودية أكثر تشددا تجاه جيش شرعي حليف، وأقل صرامة تجاه مليشيا تتبنى مشروعا عدائيا مباشرا ضدها؟
تعكس سلوكيات السعودية تجاه ملف تسليح الجيش اليمني مزيجا معقدا من الهواجس الأمنية والرؤية الإستراتيجية الضيقة، التي ترى في بناء جيش يمني قوي مصدر قلق أكثر من كونه عامل استقرار.
وتحت مبررات شتى، مارست الرياض، منذ عقود، تأثيرا مباشرا على القرار السيادي اليمني فيما يخص بناء المؤسسة العسكرية، مفضلة بقاء اليمن في حالة من الضعف البنيوي العسكري، حتى لا يتحول لاحقا إلى منافس إقليمي أو لاعب مستقل الإرادة في جوارها الجنوبي الهش.
ومن أبرز الأمثلة المبكرة على هذا التوجه السعودي ما حدث في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي، حين أُجبر اليمن على إعادة شحنة أسلحة سوفياتية وصلت إلى ميناء الحديدة عام 1976، في خطوة كانت ضمن ما أطلق عليها اتفاقية "جرس السلام"، التي اشترطت تقليص النفوذ الشرقي مقابل وعود دعم سعودية وخليجية، غير أن تلك الوعود لم تتبلور إلى برامج تسليح فاعلة، بل تحولت إلى أدوات ضبط وضغط، تُستخدم حسب مقتضى اللحظة السياسية.
وتكرر النهج نفسه في مراحل لاحقة، إذ أُجهضت أي محاولة لبناء قدرات عسكرية يمنية إستراتيجية حقيقية، خصوصا في مجال الدفاع الجوي أو الصواريخ الباليستية، بل إن بعض التقارير تشير إلى أن السعودية ضغطت لتغيير العقيدة العسكرية للجيش اليمني من النمط الشرقي إلى الغربي، دون أن تتيح له بالمقابل الوصول إلى تسليح متوازن، الأمر الذي أحدث شرخا دائما في بنية الجيش، وارتباطه بمصادر تسليح معقدة ومجزأة.
أما في عهد الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، فقد أُضيف بعد آخر للمسألة، تمثل في تواطؤ داخلي مع سياسة الإضعاف، إذ تعمد نظام علي صالح إهمال القوات البحرية، واستخدمها أحيانا كغطاء لتهريب السلاح والمخدرات بالتنسيق مع بعض الفاعلين المحليين، بينهم الحوثيون أنفسهم، وفق شهادات مسؤولين عسكريين سابقين. وهكذا كان تآكل المؤسسة العسكرية اليمنية يجري من الداخل والخارج معا، جراء حسابات نفوذ ومصالح متداخلة.
ثم جاءت المفارقة الكبرى بعد انقلاب الحوثيين وعلي صالح ضد السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، حين وقعت مخازن أسلحة الجيش اليمني بيد مليشيا الحوثيين، وبدلا من أن يتصدى الجيش الذي كان يحيط بالعاصمة صنعاء لمليشيا الحوثيين، إذا به يتلقى التوجيهات من الرئيس السابق علي صالح بالتواطؤ مع الحوثيين وتسهيل دخولهم أمانة العاصمة، ثم تمكن الحوثيون من السيطرة على ذلك الجيش وإلحاقه بمليشياتهم، لأنه لم يكن جيشا وطنيا احترافيا، وتم بناؤه وفقا لمعايير مناطقية ومذهبية وقبلية بعيدا عن المعايير الوطنية.
وعلى الرغم من قيادة السعودية لتحالف عسكري لدعم السلطة الشرعية، فإن ممارساتها على الأرض لم تسهم في بناء جيش وطني قادر على تحرير البلاد أو تأمين الحدود، والأدهى من ذلك أن بعضا من السلاح المقدم من التحالف تسرب إلى السوق السوداء أو وصل إلى جماعات خارجة عن إطار الدولة، نتيجة غياب الرؤية الإستراتيجية، وانعدام الرقابة، وتهميش الجيش الوطني النظامي لصالح تشكيلات عسكرية مناطقية أو انفصالية.
إن سياسة إضعاف الجيش اليمني التي اتبعتها السعودية لعقود، لم تخلق يمنا آمنا ولا مستقرا، وإنما ساهمت في نشوء فراغ أمني وعسكري ملأته مليشيا الحوثيين، التي تحولت لاحقا إلى التهديد الرئيسي للأمن القومي السعودي.
والمفارقة أن المملكة تجد نفسها اليوم مضطرة للاعتماد على الجيش اليمني الذي قيدته وحاصرته لعقود للدفاع عن حدودها ضد مليشيا الحوثيين، التي تسلحت من مخازن الدولة، وراكمت مكاسبها من غنائم السياسة السعودية ذاتها.