تقارير

توسع هجمات الحوثيين على السفن.. ما إستراتيجية واشنطن للمواجهة؟

20/03/2024, 12:44:51
المصدر : مجلة نيوزويك الأمريكية - ترجمة خاصة

قبل نوفمبر الماضي، كانت القدرة على تعطيل التجارة البحرية العالمية تعتبر عموما حكرا على القوى التي لديها ترسانة كبيرة وحديثة من السفن الحربية.

غير أن إحدى الجماعات المتمردة في اليمن، التي ليس لديها أسطول يمكننا الحديث عنه، تمكنت فعليا من السيطرة على أحد أهم ممرات الشحن في العالم، حيث استولت على سفينة شحن واحدة، وأطلقت وابلا شبه يومي من الصواريخ والطائرات المسيّرة على عشرات السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، على مدار الأشهر الخمسة الماضية.

واليوم، تتطلع جماعة الحوثيين إلى توسيع هجومها غير المسبوق إلى عمق المحيط الهندي الشاسع، مطالبة إسرائيل بإنهاء حربها في قطاع غزة.
ومع اضطرار شركات الشحن الرائدة الآن إلى تحويل سفنها بسبب عمليات "الحوثيين"، قد يكون لمزيد من الاضطرابات آثار خطيرة ليس فحسب على الاقتصاد العالمي بل وأيضا على المناخ الجيوسياسي المتقلب لمنطقة يتم دفعها بالفعل إلى حافة الهاوية؛ بسبب الصراعات والنزاعات المستمرة.

ويشكّل الوضع الناتج عن ذلك نقلة نوعية للمخاطر التي تواجه التجارة البحرية؛ نظرا إلى التطلعات الإيديولوجية للجماعة، وإمكانية حصولها على أسلحة متطورة.

تنبع الغالبية العظمى من المخاطر، التي تتعرض لها السفن، التي تنقل البضائع في جميع أنحاء العالم، من الكوارث الطبيعية أو الكوارث التي من صنع الإنسان والجهات الفاعلة غير الحكومية ذات الدوافع الاقتصادية المحدودة، مثل القراصنة قبالة سواحل الصومال.


ومع ذلك، فإن التهديد الذي يشكله الحوثيون "غير عادي تماما"، وفقا لإيان رالبي، وهو خبير بارز في مجال الأمن البحري يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة المحاماةI.R. Consilium.
قال رالبي لنيوزويك: "المشكلة هي أنهم مختلفون قليلا عن أي شخص آخر سبق له مهاجمة الشحن".

- الانتصار تلو الانتصار

لعل جانب مما يميّز الحوثيين عن الجهات الفاعلة الأخرى، التي لديها الرغبة والقدرة على مهاجمة السفن التجارية، هو سلسلة متواصلة من الانتصارات التي تعود إلى عقد على الأقل في تحديها للقوى الإقليمية والعالمية.

وقال رالبي، الذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس حول خطر الحوثيين: "إنهم يظهرون أنهم لم يحققوا سوى النجاح".


قبل وقت طويل من تصدر جماعة الحوثيين عناوين الصحف؛ بسبب شل حركة الملاحة البحرية، صدمت الجماعة العالم بالاستيلاء على العاصمة اليمنية في عام 2014 في خضم الحرب الأهلية التي لا تزال مستمرة في البلاد.
لا تزال صنعاء تحت سيطرة الحوثيين حتى يومنا هذا، على الرغم من جهود الحملة التي تقودها السعودية وتدعمها الولايات المتحدة لاستعادة حكم الحكومة المعترف بها دوليا في البلاد.

تعود جذور حركة الحوثيين إلى تسعينات القرن العشرين؛ عندما بدأ الزعيم الديني والسياسي حسين الحوثي في حشد أتباعه في سبيل إحياء الفرع الزيدي من الإسلام الشيعي، الذي تتبعه الجماعة، وحوالي 40 في المائة من سكان اليمن.

حكم الشيعة الزيديون غالبية أنحاء اليمن لمدة 1000 عام قبل الثورة عليهم عام 1962، التي أسست الجمهورية الحديثة في الشمال، تلاه بعد خمس سنوات انتصار اشتراكي ضد استعمار المملكة المتحدة في الجنوب.
اتحدت الدولتان المتنافستان في عام 1990 تحت قيادة رئيس اليمن الشمالي علي عبد الله صالح.

عندما أصبح الحوثيون مؤثرين بشكل متزايد في القرن 21st ، قتل الحوثي في اشتباك مع قوات الأمن اليمنية في عام 2004، تاركا شقيقه عبد الملك الحوثي خلفا له.

استمرت المجموعة في التنامي من حيث القوة والشعبية، مستغلة حركة احتجاجات الربيع العربي، التي أطاحت، في نهاية المطاف، بصالح في عام 2012.

لم يقتصر الأمر على مقاومة الحوثيين للحملة التي تقودها السعودية في اليمن، بل تمكنت الجماعة أيضا من نقل القتال إلى المملكة المجاورة نفسها من خلال إطلاق وابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي يقال إن إيران زوّدتها بها.

واليوم، مع صمود وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة لما يقرب من عامين، أعادت جماعة الحوثيين تقويم قواتها المسلحة؛ ردا على حرب جديدة اندلعت على بُعد 1000 ميل عندما شنت حركة حماس الفلسطينية هجوما مفاجئا كاسحا ضد إسرائيل في أكتوبر الماضي.

فقد أعلنت جماعة الحوثيين أن هجماتها على السفن ستنتهي إذا أوقفت إسرائيل هجمتها التي لا هوادة فيها لهزيمة حماس في قطاع غزة.

- نوع جديد من الخصوم

كان رالبي متشككا إزاء مسألة أنه حتى الحل الصعب للصراع في غزة سيوقف هجمات الحوثيين البحرية في هذه المرحلة لأنهم "استفادوا كثيرا منها".

واعتبر أن الأهداف الأساسية للحركة تتجاوز بكثير الضغط على المجتمع الدولي لوقف الهجوم الإسرائيلي ضد حماس، واعتبر أهدافها فريدة حتى بين الجماعات الإسلامية الأخرى التي حققت انتصارات مذهلة في الماضي.

وقال رالبي: "إنهم ليسوا مثل طالبان، إنهم ليسوا حتى مثل القاعدة!. إنهم ينظرون إلى الإمبراطورية المقدسة التي لها مقاعد في نهاية المطاف في مكة والمدينة المنورة والقدس، غير أنهم يبحثون عن توسع عالمي".
وأضاف: "فيما يتعلق بالحوثيين، فهم ليسوا مجرد يمنيين".

وتابع: "بل إنها حركة بلا حدود، وبالتالي فإن أي شيء يسمح لهم بالتوسع يعتبر أنه متسق مع دوافعهم العامة وحركتهم."

ومع ذلك، فإن ما يفعله الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني للجماعة هو ثني الدول العربية عن التدخل في الصراع مع الحوثيين؛ خوفا من أن ينظر إليها على أنها تدعم إسرائيل بشكل غير مباشر.

وفي الوقت الحالي، انضمت دولة عربية واحدة فقط، هي البحرين، التي تستضيف مقر القيادة الوسطى للبحرية الأمريكية، إلى تحالف "عملية حارس الازدهار" الذي أنشأه الرئيس جو بايدن في شهر ديسمبر؛ ردا على هجمات الحوثيين.

وحتى الآن، فلا هذا التحالف، ولا عدة جولات من الغارات الجوية المشتركة من قِبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على المواقع العسكرية للحوثيين في اليمن، أدت إلى ردع الموجة المتواصلة من الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال رالبي: "فيما يتعلق بالحوثيين، فإنهم يمرون بأنجح فترة في تاريخهم بأكمله في الوقت الحالي".

- العلاقة الإيرانية

في حين أن جماعة الحوثيين، في جوهرها، حركة يمنية متجذرة في السياسة الطائفية الداخلية في البلاد، إلا أن الجماعة أقامت علاقات وثيقة مع إيران.

كانت الدرجة، التي تمارس بها طهران نفوذها المباشر على الجماعة، موضع نقاش، غير أن الجماعة تؤكد بفخر مشاركتها في "محور المقاومة" الأوسع المتحالف مع إيران، الذي يضم مليشيات شيعية قوية أخرى في لبنان والعراق وسوريا وأفغانستان وباكستان وأماكن أخرى.

وتماشيا مع الشعار الذي أنشأه «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني وفيلق القدس التابع له، تحمل العديد من هذه الجماعات راية بقبضة مرفوعة تمسك ببندقية هجومية من طراز كلاشينكوف واقتباس من القرآن. غير أن شعار جماعة الحوثيين لا يتبع هذا النموذج، إلا أنه ببساطة ينقل شعار: "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".

وأشار روكفورد فايتز، مدير برنامج الدراسات البحرية في جامعة فليتشر، إلى أن علاقة الحوثيين بإيران ساعدت الجماعة على ترسيخ نفسها كخطر متميز للشحن البحري. ونتيجة لهذه العلاقات، قال: إن "الحوثيين لديهم إمكانية الوصول إلى أسلحة أكثر تطورا ضد السفن مما رأيناه سابقا بأيدي القراصنة".

وقال فايتز لنيوزويك: "لديهم أيضا أهداف سياسية، وليست اقتصادية في مهاجمة الشحن التجاري".

وأضاف: "بالنظر إلى هذه الاختلافات، تمكن الحوثيون من استخدام الهجمات على الشحن التجاري لممارسة المزيد من الضغط على القضايا الجيوسياسية أكثر من أي جهة غير حكومية أخرى تستهدف الشحن".

هاجمت قوات "محور المقاومة" كلا من إسرائيل والولايات المتحدة على جبهات أخرى في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة. غير أن إبراهيم جلال، وهو باحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط، حاجج بأن إستراتيجية الحوثيين تمثل اختراقا مهما بشكل خاص للأهداف الإيرانية.


وقال جلال لمجلة نيوزويك: "يظهر هذا النهج الدور المتزايد للحرس الثوري الإيراني في توسيع مجال نفوذه وسيطرته، وكيف أن نقله للطائرات المسيّرة والصواريخ، إلى جانب القدرات الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك المركبات المسيّرة تحت الماء، يوسع  قدرة ونطاق وطبيعة التهديدات وقدرة الجهات غير الحكومية على التأثير على الأمن الدولي للتجارة الدولية بطريقة تتحدى النظرة التقليدية للسلطة التي تحتكرها الدول".


ووفقا لجلال، فإن حملة الحوثيين "تشير أيضا إلى تحولات في معايير وتكتيكات الحرب غير المتكافئة، لا سيما من قِبل الوكلاء والشركاء المدعومين من إيران".

- مهمة غير ناجزة

منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، التي أطاحت بالنظام الملكي المدعوم من الغرب في إيران، ظهر التنافس بين واشنطن وطهران بطرق معقدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وغالبا ما كان الجانبان يعارضان بعضهما البعض بشكل مباشر، غير أنهما في بعض الأحيان يجدان أرضية مشتركة ضد الحركات السنية، مثل القاعدة وطالبان وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

أظهر الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة للعراق قبل 21 عاما، هذه الديناميكية المعقّدة تماما، حيث عارضت إيران كلا من الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين والمليشيات السنية المحافظة للغاية التي نشأت بعد خلعه، إلا أنها دعمت أيضا الحركات الإسلامية الشيعية التي استهدفت القوات الأمريكية لسنوات.

واليوم، لا يزال الجنود الأمريكيون في العراق وسوريا يواجهون هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة من قِبل تحالف من الجماعات المتحالفة مع إيران المعروفة باسم المقاومة الإسلامية في العراق، مما يضع بغداد في موقف صعب بين أكبر شريكين أمنيين لها.

عندما اندلعت الحرب الأهلية في اليمن، ساعدت الولايات المتحدة شريكتها، منذ فترة طويلة، المملكة العربية السعودية في محاولتها لمنع قوة شيعية مدعومة من إيران من الصعود جنوب حدودها.

غير أن مثلما ضغطت المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، بشأن الحملة الإسرائيلية في غزة، على مساعدات إدارة بايدن لحليفتها اليوم، أثارت الحملة السعودية في اليمن تقارير واسعة النطاق عن سقوط ضحايا مدنيين في بلد يعاني بالفعل مما اعتبرته الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم بسبب الصراع والفقر والمجاعة والمرض.

سعى بايدن، الذي علق المساعدات العسكرية للرياض كواحدة من أولويات أعماله (السياسة الخارجية الرئيسية في رئاسته)، إلى نقل التزام متواصل بحل الحرب في اليمن، حتى وسط هجمات الحوثيين في البحر.

ومع ذلك، شعر جلال أن الولايات المتحدة كانت مقصرة في جهودها لمعالجة ما يعتقد أنها القضايا الأساسية التي تغذي موقف الحوثيين.

وقال جلال: "المفارقة هنا هي أن الغرب يواصل محاولة النظر إلى هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بطريقة منفصلة عن القضية الثانية، وهي ديناميات الصراع في اليمن".

ومن خلال القيام بذلك، فإنهم يخاطرون بعدم التعامل مع أسباب الهجمات البحرية الحوثية في مسار إستراتيجي طويل الأجل بطريقة قد تبقي في الواقع أدوات النفوذ والقوة والقهر نشطة في المستقبل".

وأضاف: "ربما حان الوقت للغرب لتقييم الإستراتيجية الفاشلة التي اعتمدها وقادتها الولايات المتحدة، ومعالجة هذا الأمر بالطريقة التي ينبغي أن تكون عليها".

وعندما سأله أحد المراسلين، في يناير، عما إذا كان يشعر بأن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحوثيين صالحة، أجاب بايدن: "حسنا، عندما تقول إنها صالحة، فهل ستوقف الحوثيين؟ لا. هل سيستمرون؟ نعم".

- يمكن أن يزداد الأمر سوءا

وقدر صندوق النقد الدولي أن الشحن عبر قناة السويس، التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وتعد أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا، انخفض بمقدار النصف مقارنة بالعام الماضي.

أعادت شركات الشحن العملاقة مثل "ميرسك وهاباغ لويد" توجيه السفن للإبحار حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، وهو المسار المفضل قبل بناء قناة السويس منذ أكثر من 150 عاما.

غير أنه يوم الخميس الماضي، أعلنت جماعة الحوثيين أن هذا الطريق أيضا سيتم استهدافه في الوقت الذي تسعى فيه الجماعة إلى توسيع هجومها على أي سفينة مرتبطة بإسرائيل.

وقال فايتز: "إذا وسع الحوثيون النطاق الجغرافي لهجماتهم إلى المحيط الهندي، فقد نشهد تحولا أكثر للشحن العالمي بين آسيا وأوروبا إلى طريق رأس الرجاء الصالح".

وأضاف: "يمكننا أيضا أن نرى خطوط الشحن تتحول بعيدا عن اليمن أثناء عبورها المحيط الهندي".

وأوضح أن "هذا من شأنه أن يلحق الكثير من الضغط على الشحن العالمية". كما أنه سيقلل من عائدات قناة السويس لمصر، وسيستدعي من السفن البحرية المخصصة لحماية الشحن التجاري بالقرب من اليمن تغطية جغرافية أكبر، لذلك قد تكون هناك حاجة إلى  أصول بحرية أكثر".

وقال سالفاتوري ميركوجليانو، الأستاذ المساعد في جامعة كامبل والأستاذ المساعد في الأكاديمية البحرية التجارية الأمريكية، لنيوزويك إن مثل هذه الخطوة "ستؤثر على السفن التي لديها وجهات إلى الخليج العربي، بما في ذلك الهند".
وأضاف: "إن هذه النتيجة قد تتطلب استخدام المزيد من المدمرات المضادة للصواريخ الباليستية من الولايات المتحدة في المنطقة، مما يعني التعهد بالتزام أكبر"!.

وكان ألبرت فيدال، محلل الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، متشككا من أن الحوثيين لديهم القدرة على توسيع حملتهم إلى مساحات أبعد من المحيط الهندي؛ نظرا لمحدودية نطاق معدات الجماعة، والمعلومات الاستخباراتية التي يجري توفيرها من خلال الأنظمة المحلية، أو تلك الموجودة في إيران.

غير أنه مع ذلك، قال إن "الهجمات البحرية الحوثية أضحت ملحوظة، وليس أقلها الضربة الأولى باستخدام صاروخ باليستي ضد السفن، حتى لو كان الصاروخ بتصميم بسيط نسبيا".

وأضاف فيدال لمجلة نيوزويك: "لقد حافظوا أيضا على وتيرة عالية من الهجمات، واستخدموا هجمات موجية لأكثر من عشرين طائرة مسيّرة، بالإضافة إلى مزيج من الأنظمة، المركبات الجوية والسطحية وتحت الماء المسيّرة، لمحاولة التغلب على الدفاعات".

كما شكك رالبي في مزاعم الحوثيين بأنهم قادرون بالفعل على فتح جبهات جديدة في أعماق المحيط الهندي.

وفي الوقت نفسه، حذّر من الهجمات، التي تم الإبلاغ عنها في الأشهر الأخيرة ضد سفن بعيدة عن اليمن مثل ساحل الهند، قائلا: "سواء صدقناها أم لا، نحتاج إلى أن نكون مستعدين لهم للاستجابة لها بالفعل".

سعت إدارة بايدن إلى تبنّي نهج حذر ومحسوب لضرب جماعات "محور المقاومة" في العراق وسوريا واليمن، مع التركيز على ردع إيران، ومع إرسال رسائل مفادها أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب شاملة.

وأشارت طهران، التي تنفي أن يكون لها أي قيادة أو سيطرة على مثل هذه الجماعات، إلى أنها لا تريد أن تنتشر الأزمة المتنامية في الشرق الأوسط.
وحذّر رالبي من أن توسيع العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين قد يغذي إحساسهم بأهمية الذات على المسرح العالمي.

في مقابلات حديثة مع مجلة نيوزويك، أكد مسؤولو الجماعة أن "حلمهم في الحياة هو محاربة الصهاينة والأمريكيين". وقال: "إنهم يزعمون أنهم في حالة حرب مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".

وأضاف رالبي: "الآن لقد وهبنا لهم الكثير لدرجة أنه يتعين علينا إيجاد طريقة لإخراج أنفسنا من هذا الموقف".

وتابع: "لأنه لا يفيدنا، ولا يفيد المنطقة، ولا يفيد التجارة العالمية، ولا الولايات المتحدة أن تنخرط في اشتباك مع الحوثيين؛ لأن هذا هو بالضبط ما يريده الحوثيون".

ومع ذلك، حاجج رالبي بأنه يتعين على واشنطن وضع إستراتيجية جديدة لمواجهة الجماعة "بطريقة فعالة، وقد لا يكون ذلك من خلال المواجهة الأمريكية المباشرة".

وقال: "إن جزءا من أولوية هذا المواجهة هو وجود توترات تختمر في القرن الأفريقي، حيث يمكن أن يؤدي خطر وقف ميناء جيبوتي الحيوي إلى إعادة إشعال مجموعة أخرى كاملة من الصراعات في القارة". أطلق عليه اسم "مكعب روبيك من الجحيم"؛ أي أن حل اللغز الصعب بحاجة لتعلم إستراتيجية مكافئة له.

علاوة على ذلك، قد يكون هناك الكثير من الجماعات الأخرى التي استلهمت من هجمات الحوثيين في البحر، حيث إن الحملة الناجحة للمتمردين اليمنيين قد أنشأت طريقا من قبيل "عرض أكثر جاذبية لدخول المسرح العالمي"!، كما قال رالبي.
من جانبه، أشار ميركوجليانو إلى مثال معاصر آخر للحرب غير المتكافئة في البحر.

وقال إن القوات الأوكرانية تمكنت من إعادة فتح موانئ البحر الأسود بالقوة من خلال ضرب أسطول البحر الأسود الروسي في خضم حربهم المتواصلة، والآن "يبني الحوثيون على ذلك باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ".
وأضاف ميركوجليانو: "هذه إشارة ليس فقط إلى الدول، ولكن إلى الجهات المؤثرة في جميع أنحاء العالم إلى كيفية التأثير على السياسة العالمية".

وتابع: "يجري القيام بذلك ضد السفن، ولكن ماذا عن الطائرات في المستقبل أو نقاط الاختناق البحرية الأخرى؟" وأشار إلى أن "المسألة الأخرى هي عدم قدرة الحكومات والجيوش على محاربة مثل هذا الخطر والعدو".

وزاد: "في حين تكسب البحرية الأمريكية في المعارك ضد الطائرات المسيّرة، فإنها في الوقت نفسه تخسر الحرب؛ لأن الشحن لا يعود إلى المنطقة بسبب مخاطر الحرب والتكاليف المرتبطة بالإبحار عبرها".

.............................................

كتب: توم أوكونور - كاتب رئيسي في السياسة الخارجية ونائب رئيس التحرير في مجلة الأمن القومي والسياسة الخارجية

 

تقارير

ما وراء الاتفاق الأمريكي الحوثي بشأن وقف الهجمات في البحر الأحمر ؟

بعد يوم دامٍ شهدته صنعاء ومطارها الدولي، خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأسلوبه المعهود أمام الصحافة الأمريكية، بتصريحات فاجأت الجميع، معلنًا أنه تلقى رسالة من ميليشيا الحوثي، مفادها: “رجاءً لا تقصفونا، ولن نستهدف سفنكم”.

تقارير

بين الواقعية واحتمالات التصعيد.. تصريحات حوثية وهجمات إسرائيلية

جاء إعلان الحوثيين 'فرض حصار جوي شامل على جميع المطارات الإسرائيلية' إشارة إلى رفع مستوى التصعيد الإقليمي في المنطقة، فإسرائيل قالت بوضوح إنها لن تصمت وسترد بقوة على الحوثيين وداعميهم الإيرانيين في الزمان والمكان المناسبين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.