تقارير

شوارع مأرب.. سوق مفتوحة للنساء البائعات والمتجولات

17/01/2022, 09:30:04
المصدر : قناة بلقيس - محمد حفيظ - مأرب

فتاة مصابة بتكسرات الدم، وزوج معاق عن الحركة، لذلك خرجت الأربعينية "أم فرج" للعمل في تجارة الملابس متنقلة بين حواري المدينة صباحا وسوق النساء مساء، إلى جور أكثر من 30 امرأة أخرى أخرجتهن الحاجة والضرورة لكسب لقمة عيش شريفة في زمن باتت فيه صعبة المنال، بسبب الحرب التي تخنق البلد منذ سبع سنوات، وحرب أخرى يواجهها الفقراء، حرب اقتصادية وغلاء فاحش.

ورغم الوضع البائس للنسوة البائعات والمتجولات إلا أن ذلك لم يعفهن من الابتزاز من قِبل مستثمري حديقة مأرب الذين يفرضون عليهن مبالغ مالية أكبر من قدراتهن على دفعها شهريا، مقابل إيجار رصيف يحمل معاناتهن، دون رادع، ولا سبيل قانوني.

منذ خمس سنوات، تعمل أم فرج على كسب رزقها بيديها لعلاج ابنتها الوحيدة المصابة بتكسرات الدم (الثلاسيميا)، وتغيير الدم كل شهر، بالإضافة إلى أدوية كثيرة، علّها تجعل من ابنتها الوحيدة أملا وسببا للعمل والجهد في الحياة، وكذلك لإطعام زوجها المعاق.

عملت أم فرج في أعمال كثيرة ومختلفة، متنقلة بين منازل ومراكز حكومية، وعملت أيضا في بيع التفاح ونقش الحناء، ومن ثم تطوّرت بمساعدة الآخرين، تقول لبلقيس: "ساعدوني تجار، كانوا يعطوني ملابس يقولون بيعيها، والربح كنت أحاسبهم بعد ما أبيعها، ومنهم من سامحني، وأعطاني الملابس صدقة أبيعهن".

تضيف أم فرج لـ"بلقيس" أنها عملت أيضا في تصنيع وبيع العطور بعد أن تعلمت المهنة من جارتها في مخيم الجفينة، الذي يحتوي نازحين من مختلف محافظات اليمن بسبب الحرب. وها هي اليوم تتجول صباحا حاملة على رأسها حُزمة ملابس بين حارات المدينة، لتعود بها إلى سوق النساء للبيع نهارا، كل يوم دون توقف.

-رصيف المعاناة

 تعرف جيدا أم فرج مكانها الذي تسبق إليه قبل كل البائعات في سوق النساء، على رصيف داخل حديقة مأرب الصغيرة، بائعة البهارات إلى جوارها، رسامة القلوب على وجيه الأطفال، ثم أم فرج بملابسها النسوية، وبعدها مُركّبة أخراص الفتيات، ومن ثم بائعات العطور والبخور، هذه هي الحال في سوق النساء في مأرب، قطار من النساء، لكل واحدة منهن قصة معاناة وصبر ومكابرة، رغم الألم والوجع، ولكل واحدة منهن سبب مقنع لخروجها إلى العمل، وقصة ترويها والدمع لم يجف من عينيها.

لا تختلف قصة بائعة اللحوح الأربعينية عن باقي البائعات في سوق النساء، فقد أخرجتها الحاجة، ولديها زوج مقعد، فهي تعمل جاهدة للاكتفاء الذاتي، بما تحصل عليه من تجارتها البسيطة، حيث ترتّب الأكياس الصغيرة من البهارات المتنوعة فوق بعض، كونها خبيرة بما هو جيّد وما دونه من أنواع البهارات الخاصة بكل محافظات البلاد، ثم تعمل على بيعها، كما تقول.

وأضافت -بلهجة صنعانية- أنها تعمل صباحا في بيع اللحوح أمام أحد المطاعم الصنعانية في سوق "أبو علي" بمدينة مأرب، وفي النهار تبيع البهارات في مقعدها الأول في قطار سوق النساء بحديقة مأرب.

أكثر من 30 بائعة متجولة يتجمعن في رصيف المعاناة، رصيف جمع الأوجاع على ظهره، ليواسيهن بلقمة عيش بسيطة، لكنهن لم يسلمن مما هربن منه.

 تقول أم فرج إنها تعتبر سوق النساء داخل حديقة مأرب الصغيرة مكانا آمنا لها ولرفيقاتها من حيث السرقات والمضايقات، وإنه مكان جيّد لعمل المرأة، حيث يعد مكان تجمع الأسر، ومكانا مناسبا للبيع والشراء.

-ابتزاز البائعات

لكن أم فريد شكت -مثل رفيقاتها البائعات- أن مستثمري الحديقة يفرضون على كل بائعة مبلغا من المال، يدفعنه كإيجار للرصيف الذي يعرضن عليه تجارتهن البسيطة، معتبرة أن ذلك الأمر الوحيد الذي يضايقهن، وأن المبلغ المفرض يفوق قدراتهن البسيطة. 

"10 آلاف ريال مفروضة علينا كإيجار للرصيف الذي نعرض ونبيع عليه الملابس داخل الحديقة، هذا مبلغ كبير، نحن لا نربح إلا ألف، ألفين بالكثير، لكن أمرنا إلى الله، لا أحد يقدّر وضعنا وحالتنا"، تحدثت أم أنس (25 عاما) بحسرة.

وقالت إنها ورفيقاتها لم يذهبن إلى أي جهة لتقديم شكوى بما يتعرّضن له من ابتزاز من قِبل مستثمري الحديقة، مؤكدة أنهن لم يستلمن أي سندات استلام من قِبل حراسة ومشرفي الحديقة: "نسلم لهم العشرة آلالف كل شهر، ولا يعطونا أي سند رسمي باستلامها" .

من جهتها، مديرة تنمية المرأة في مأرب فندة العماري تقول لـ"بلقيس" إنها لم تتلقَّ شكاوى من النساء البائعات في حديقة مأرب، وإنها ستعمل جاهدة لإيقاف تلك الأعمال بالتنسيق مع مكتب الصناعة والتجارة ومكتب السياحة والإدارة المحلية، مشيرة إلى أن هناك دعما ومساندة واسعة للمرأة في مأرب من قِبل السلطة المحلية ومحافظ المحافظة.

بدورها، تقول مديرة "كتلة التعليم" في مأرب، بيروت المفلحي، ل"بلقيس" إن المرأة تحمّلت العبء الكثير، وجعلت الحرب منها أما وأبا وربة بيت وجالب لقمة عيش أطفالها وطاهيها في آن واحد، مشيرة إلى أن المرأة العاملة في مأرب برزت بشكل واسع في مختلف المجالات والمهن، إلا أنها تواجه صعوبة في تسويق منتجاتها اليدوية وتجاراتها المختلفة.

وتعمل في مأرب أكثر من 800 أمرأة في مجالات الأعمال الخاصة، وريادة الأعمال الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، فيما تلقت 500 أمرأة دورات تدريبية متنوعة في ريادة الأعمال الصغيرة، التي تساعد النساء على العمل وتحمل ذواتهن في المجتمع، من قِبل عدد من المنظمات المحلية والدولية.

تقارير

أكثر من 600 ألف نازح عادوا إلى تعز.. نسيان وصعوبات تثقل كاهل العائدين

رغم استمرار وتيرة النزوح في البلاد، خلال السنوات الأخيرة، شهدت مدينة تعز تزايدا ملحوظا في أعداد النازحين العائدين إلى ديارهم، وسط تفاقم ملحوظ في منسوب الصعوبات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، التي يواجهها العائدون في المحافظة الأكثر سكانا ودمارا وفقرا وبطالة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.