تقارير

صنعاء.. أطفال دار الأيتام يحتفون بالعيد من المبادرات الخيريّة!!

13/05/2021, 15:39:50
المصدر : كريم حسن

كانت الساعة تشير إلى التاسعة من صباح عيد الفطر المبارك، عندما انتشر في فناء دار الأيتام قرابة 100 طفل، من أصل 700 يتيم، كانوا قد غادروها، ليشاركوا أقاربهم طقوس الاحتفاء بالعيد، ومن ثم العودة. وارتصّ الباقون على أحد أرصفة ساحة الدار في صنعاء، مدركين معنى أن تكون طفلاً يتيماً، وحقيقة الغياب الأبدي لحنان واهتمام الأم في صباحات الأعياد، وكذلك خسارة عطف ورعاية أب يشاركهم أفراحهم العيدية، مثل بقية أطفال المدينة.

وارتصّوا جلوساً إلى جوار بعض في طابور طويل، وقد ارتدوا جميعاً ملابس العيد الجديدة، التي مُنحت لهم من بعض فاعلي الخير وأصحاب المبادرات الإنسانية المختلفة والمهتمة بدعم الأيتام.
حيث أبدى الأطفال نوعاً من التأهّب لاستقبال جميع الزائرين للدار، سواءً بعض المقرّبين من الأطفال، أو بعض من المهتمين بدعم الأيتام، وذلك لمشاركتهم أفراحهم بالعيد وإحياء بعض الطقوس العيدية برفقتهم، التي تتمثل ب: توزيع حلويات العيد والهدايا ومنحهم مبالغ مالية بسيطة، الأمر الذي يعمل على إعادة الثقة للطفل اليتيم بنفسه، وبأنه ليس وحيداً"، وفقاً لأحد الزوّار، وهو فاعل خير أربعيني، خلال معرض حديثه لبلقيس، أثناء زيارتي، التي توافقت مع انتظار

الأيتام الزوّار الذين يرسمون على مُحياهم شيئاً من فرحة العيد.
وبينما كنت أرقُب عن كثب إحساسهم بمرارة اليُتم، التي تجلّت في تفاصيل الوجوه عند بعضهم، طالعت طفلا يجلس نهاية الطابور، بدت عيناه مثقلتين بالحُزن، وذهنه أكثر شروداً. اقتربت منه لأعرف حقيقة بُؤسه. هذا الطفل يُدعى "مراد البحري"، يبلغ من العمر أحد عشر عاماً، يقول لبلقيس: "لي أكثر من 5 أعوام في دار الأيتام، أنا و2 من إخواني أكبر منّي، إحنا أيتام الأم والأب".

كان مُراد أكثر إحساساً برحيل والديه من إخوانه، تضاعف حُزنه على صديقه الحميم الذي يتشارك معه في اليُتم، كونه غادر دار الأيتام صوب قريته في مديرية "خولان"، التي ينتمي إليها، وذلك لقضاء إجازة العيد، ومشاركة أهله طقوس عيدهم. وهذا الإجراء تمنحه إدارة الدار لغالبية الأيتام خلال أيام العيد، لمن يرغب منهم بالاحتفاء بطقوس العيد عند الأقارب، بحسب ما قاله لبلقيس أحد إداريي الدار. هذا الإجراء يفتقد إليه مراد، إذ تبقى أسوار الدار محيطه الوحيد.
يقول لبلقيس: "ما معانا أحد نسير نعيّد عنده، ولا أحد يزورنا لهنا (إلى هنا)، مثل الآخرين". ومُراد لم يعد يتذكّر متى وأين وكيف توفي والده؟ لكنه يتذكّر الواقعة الأليمة بالنسبة له وهي وفاة والدته قبل نحو 5 أعوام، نتيجة إصابتها ب"السرطان"، حيث أُودعَ دار الأيتام مُذ غادرت والدته الحياة.

المبادرات الخيريّة

يتبنّى أهل الخير وصُناع المبادرات الإنسانية -الهادفة إلى تعزيز فضاء الألفة والمحبّة- جزءاً من غياب بهجتهم المفقودة في الاحتفاء بمراسيم عيد الفطر المبارك.
وبالرغم من تلك المبادرات الخيريّة إلا أنها لا تعوّضهم عن أوجاع فقدانهم أعز الناس عليهم (الأب والأم). وبسبب فقدان الأب أو الأم يصير الأطفال أكثر عُرضة لحياة يسودها الشتات، تشبه إلى حد ما حياة التشرّد، لكنها ذات حدود متماسكة بطُرقٍ ما، خلال مراحل استقرارهم في دار الأيتام.



أحد مشرفي الدار، رجل يبلغ من العمر 50 عاماً، يقول لبلقيس: "غالبية الأطفال يحصلون على كسوة العيد من المبادرات التي ينظّمها بعض فاعلي الخير، خاصة كسوة الصغار منهم، وحتى عمر 13 عاماً".
وتستثني معظم المبادرات الخيريّة منح كسوة العيد للأيتام في الدار الذين بلغوا سن 15 عاماً، دون مبرر يُذكر.
فبالإضافة إلى مشروع كسوة معظم الأيتام في الدار، يتم توزيع "كعك وحلويات العيد".

أحد الإداريين يقول لبلقيس: "كثير من الأيتام يروحون عند أقاربهم في الأعياد، والبقية يقضون العيد داخل الدار، ويتلقون اهتماما خاصا في الأعياد من بعض رجال الخير".
وهو ما أكد عليه مراد لبلقيس: "نحصل على الكسوة وحاجات العيد من الناس اللي يزورونا يوم العيد".
ويحصل الأيتام الذين يغادرون الدار -خلال إجازة العيد- على كسوتهم العيدية من تلك المبادرات.
سامي واحد من الأيتام الذين سيحتفلون بالعيد عند أمهاتهم، حيث سيسافر إلى مديرية عنس بمحافظة ذمار. يقول لبلقيس: "حصلت على كسوة العيد أواخر رمضان في الدار، من فاعل خير، وبسافر أعيّد عن أمي".  

أقدم دار أيتام

يعتبر دار الأيتام في صنعاء من أقدم دُور إيواء الأيتام، خصوصاً الأطفال الذين فقدوا معيليهم، وأصبحوا غير قادرين على مواجهة ظروفهم الاستثنائية، إذ يصل عُمرها إلى ما يزيد عن 100 عام. وعبر المراحل التاريخية المختلفة فهو مخصص لاستقبال وإيواء الأيتام الذّكور فقط، ويتم تأهيل كل الملتحقين بها  وإخضاعهم لجميع البرامج المتّبعة فيها، وفقاً لأحد العاملين في الدار.

تقارير

الحوثيون يوسعون الانقسام النقدي.. وخبراء يحذرون من "مسار اللاعودة"

في خطوة تصعيدية جديدة تهدد بتفكيك ما تبقى من النظام المالي الموحد في اليمن، أعلنت مليشيا الحوثي، عبر "البنك المركزي" في صنعاء، عن إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 200 ريال وطرحها للتداول اعتبارًا من الأربعاء، وذلك بعد أيام من سك عملة معدنية من فئة 50 ريالًا.

تقارير

مدرستان في وطن واحد.. الانقسام التعليمي يُعمّق جراح اليمن

في اليمن، لم تعد الحرب تكتفي بتقسيم الجغرافيا والسياسة؛ بل امتدت إلى تقسيم التقويم المدرسي، والمناهج الدراسية، وحتى نُظم الامتحانات، إذ أعلنت وزارتا التربية في صنعاء وعدن -الخاضعتان لسلطة الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا- عن بدء العام الدراسي الجديد 2025 – 2026 في تاريخين مختلفين، وفق تقويمين، ومناهج، ونُظم تربوية متباعدة، ما يُعمّق الانقسام الوطني ويهدد مصير جيل بأكمله.

تقارير

تواطؤ أممي وتحايل حوثي.. كيف تحولت "نوتيكا" إلى منصة لتهريب النفط وتمويل الحرب؟

كانت السفينة «صافر» العائمة قرب سواحل اليمن في البحر الأحمر تُعد قنبلة موقوتة، لكن بفضل الأمم المتحدة، تحولت إلى قنبلتين، وفوق ذلك أصبحت أداة جديدة لتعزيز اقتصاد ميليشيا الحوثي الحربي، ووسيلة لتربّح الموظفين الأمميين، ومحطة لعبور النفط الإيراني والروسي المهرّب.

تقارير

كيف استلهم الحوثيون مساوئ الطائفية في إيران وبعض الدول العربية؟

بعد استكمال سيطرتها على المساجد في المدن الرئيسية وإغلاق مراكز تحفيظ القرآن الكريم فيها، بدأت مليشيا الحوثيين حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن في المدن الثانوية والأرياف النائية، ويتخلل ذلك حملات قمع وترويع واعتقالات، مثل قتل أحد أبرز معلمي القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس، والسيطرة على عدد من المساجد في بعض أرياف محافظة إب بعد طرد أئمتها أو اعتقالهم، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في المحافظة ذاتها، وامتداد هذه الحملة إلى محافظة البيضاء، وقد تتسع في الأيام المقبلة لتشمل مناطق أخرى تسيطر عليها المليشيا.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.