تقارير

طقوس وعادات رمضان في اليمن.. من 'الرجبية' حتى العيد

17/04/2021, 17:25:54

قناة بلقيس - خاص

يستقبل اليمنيون رمضان -مثل كل عام- بفرحة كبيرة، ولذلك فهو يتميّز بعادات وتقاليد وطقوس عديدة، تبدأ من شهر 'رجب' وتنتهي بحلول عيد الفطر المبارك.

ولرمضان مكانة روحية لدى اليمنيين، إذ أنّ الصيام -خلال هذا الشهر- أحد أركان الإسلام، وهو من المناسبات التي يحرصون على إحيائها بحبّ وتسامح.
يتميّز شهر رمضان بالعديد من الطقوس، تختلف بشكل أو بآخر من محافظة إلى أخرى، لكنها تجتمع في عادات غالبا ما تكون هي ذاتها عند الجميع.

'الرجبية' و'الشعبانية'

اعتاد الأجداد على الصيام كثيرا قبل رمضان بشهرين، أي خلال رجب وشعبان، اقتداءً بالرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وليعتادوا على صيام شهر رمضان بعد ذلك. ويحرص بعض اليمنيين على القيام بذلك حتى يومنا هذا، وتحديدا خلال شهر شعبان.
وفي السابع والعشرين من رجب (الرجبية)، وفي منتصف شعبان، يقوم العديد من اليمنيين بالاحتفال بهذه الأيام، فيحرص الأهل على توفير الثياب الجديدة، وخاصة ثياب الأطفال، والتزيّن بالحنّاء، وأكل الدّجاج أو اللحم، وتحديدا في الأرياف، حيث يتشاركون في شراء أبقار أو أغنام لهذه المناسبة.

وحتى وقت قريب، كان بعض سكان الريف يقومون بالاحتفال ب'الشعبانية'، بارتداء الملابس الجديدة، والألعاب النارية، والألعاب الشعبية.
كما يحرص بعض الناس على إحياء "الموالد" بالذهاب إلى 'الولي'، وغالبا ما تكون وجهتهم لمكان دفن أحد الصالحين الذين يقدّسونهم، وعادة ما يتولّى القائمون على المكان ذبح الأبقار والأغنام، من الأموال التي أنذرها المواطنون للولي.
اختفت زيارة مثل هذه الأماكن، منذ اندلاع الحرب، بسبب الفقر، والوعي الدّيني، وعدم تقديس كثير من الناس "للأولية"، خاصة أن أصولهم من 'السادة' الذين يقول الحوثيون إنهم ينتمون لهم.. فأصبح الاحتفال بشكل أبسط، إذ يقوم من استطاع بشراء الملابس الجديدة للأطفال الذين يتوزّعون في مجاميع عديدة، ويذهبون إلى المنازل المحيطة بهم لطلب بعض المال، مرددين كلمات، منها:
"يا مسا يا مسا الخير يا مسا.. يا مسا واسعد الله المسا.. يا مسا ليلة الشعبانية".
ومن لا يعطيهم المال يقولون له: "ألا مسا كبريتا فوق كبريت .. ألا مساء صاحبة البيت عفريتة"؛ علما بأن هذه الكلمات أيضا يتم ترديدها في بعض المناطق حين يحتفلون ب'عاشوراء'، وهو اليوم العاشر من محرم.
إضافة إلى ذلك، يقومون بإشعال النيران في إطارات السيارات وغيرها، والنقش على أيدي الفتيات، وإعطاء المال للأطفال، وطبخ بعض المأكولات، وأكل الدجاج أو اللحوم.

تجهيزات مُسبقة

تقوم كثير من الأسر، قبل رمضان، بكثير من التجهيزات التي تحتاجها، كشراء الأطعمة وبعض الأواني، وكسوة العيد، ويبدأ الزحام بشدّة قبل أسبوع إلى عشر أيام من بدء الصيام.
تقول نسيبة مطهر إنها تحرص على شراء أغلب حاجياتها قبل حلول شهر رمضان بفترة وجيزة، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير مع بدء الصيام.
وأوضحت لـ"بلقيس" أنها تقوم بشراء حبوب القمح المجروش، لاستخدامه في إعداد "الشوربة"، وكذلك حبوب "الطعمية" أو "الباجية"، و"الكاسترد" و"الكريم كراميلا" و"الجيلي"، وباقي الاحتياجات المعتادة.

تقارب اجتماعي

مع اقتراب حلول شهر رمضان، يحاول الكثيرون التسامح فيما بينهم، والصفح عن بعضهم، ولذلك فإنهم -خلال أيام الصيام- يتبادلون الزيارات، ويأكلون الأطعمة معا، فتصبح أواصر المحبة بينهم أقوى.
يذكر بليغ حسن أنهم يقومون كل عام بدعوة أقاربهم -من حين لآخر- إلى تناول الفطور، ومشاهدة القنوات المحلية التلفزيونية، ودعوة الشباب غير المتزوجين وخاصة الطلاب.
لكنه لفت، في حديثه مع "بلقيس"، إلى أن الأمر اختلف حاليا مع انتشار فيروس 'كورونا'، فلم تعد الزيارات المتبادلة كثيرة، ورغم ذلك، يعِدُّون بعض الوجبات للمسجد القريب، ويرسلون بعض الأطعمة أيضا للجيران.
وجبة 'الشفوت' من أبرز الأطعمة اليومية في السفرة اليمنية في رمضان، إضافة إلى 'الشوربة'، وبعض أنواع الحلويات ك: 'الطرمبا'، أو 'الشعوبيات'، و'الرواني'.

الصلاة في المساجد

ومثل كل عام، يحاول أغلب المواطنين تأدية صلاة 'التراويح'، وقيام الليل في المساجد، إضافة إلى باقي الفروض، بعكس باقي أيام السنة، حرصا منهم على الحصول على أجر الصيام كاملا.
وغالبا ما يفضلون حضور الدرس الذي يقوم به خطيب المسجد أو إمامه، بعد صلاة الفجر لدقائق، يُذكِّر فيه الناس ببعض المسائل الدِّينية، ويوجّه لهم النصائح والإرشادات.
كما يقومون بشراء عود الأراك (السواك) لتنظيف أسنانهم بالنهار، والقضاء على رائحة الفم المنبعثة، بسبب توقفهم لساعات عن الطعام والشراب، وشراء 'السبحات' (المسابح) للاستعانة بها على ذكر الله والتسبيح، وقراءة القرآن الكريم.

الاستعداد للعيد

في العشر الأواخر من رمضان، يصلي الناس القيام في المساجد، والبعض في المنازل، وتبدأ أغلب الأسر بالتجهيز للعيد، وشراء الملابس الجديدة، والمكسرات، وصنع الحلويات، حسب إمكانياتهم المادية.
ويترقبون الإعلان رسميا عن العيد، ويبدأون بتبادل التهاني بحلوله، سواء عبر رسائل الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الاتصالات، ومحاولة النّوم مبكرا، ليتمكنوا من النهوض فجرا لأداء صلاة العيد، بعكس أيام رمضان التي كانوا ينامون فيها حتى الظهيرة.
ومع تفشي وباء 'كورونا'- خلال العام الماضي والجاري- لم تعد تلك الطقوس حاضرة كالسابق، إضافة إلى الحرب التي زادت نسبة الفقر بشكل كبير، بسبب التدهور الاقتصادي، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.