تقارير

عام على تصدع المحور الإيراني.. الحوثيون الاختبار الأخير

11/10/2025, 08:37:19
المصدر : خاص - قناة بلقيس - عبد السلام قائد

بعد وقف الحرب في قطاع غزة، لم تُغلق بقية ملفات الصراع الإقليمي، مثل الملف الإيراني الذي ما زال مفتوحا على مصراعيه، واستمرار التوتر بين الكيان الإسرائيلي والمحور الإيراني، فإسرائيل تلوح باستئناف القصف على مواقع حزب الله في لبنان إذا لم يسلم سلاحه للدولة، كما تهدد بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، وتهدد أيضا بضرب الحوثيين في اليمن الذين ظلوا الطرف الأقل تضررا من بين مكونات المحور الإيراني، وهو ما يجعل موقع الحوثيين في المشهد الراهن بمنزلة الاختبار الأخير لقدرة إيران على الحفاظ على نفوذها في الإقليم.

وتشهد منطقة المشرق العربي تحولات كبرى إثر تصدع المحور الإيراني، بعد أن كانت إيران قبل ذلك في ذروة نفوذها الإقليمي. وبدأ التصدع قبل نحو عام، إثر اغتيال الكيان الإسرائيلي لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله وعدد كبير من قيادات الحزب، وشكل ذلك بداية تراجع دور المحور الإيراني، بعد أن كان المشهد يوحي بأن ميزان القوى الإقليمي قد حسم لصالح إيران، وأن الإقليم والعالم يتعامل معها كرقم صعب لا يمكن تجاوزه في أي معادلة أمنية أو سياسية في الشرق الأوسط. 

غير أن عملية "طوفان الأقصى"، في أكتوبر 2023، أحدثت زلزالا عنيفا أعاد رسم خريطة النفوذ في الإقليم، فوجدت إيران وأذرعها أنفسهم أمام اختبار البقاء بدلا من طموح التوسع، بعد أن اغتالت إسرائيل معظم قيادات حزب الله، وفي مقدمتهم زعيم الحزب حسن نصر الله، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، قبل أن توجه الولايات المتحدة وإسرائيل ضربات مؤلمة لإيران ذاتها استهدفت البنية التحتية لبرنامجها النووي ومصانع الصواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين.

- المحور الإيراني.. ما قبل السقوط

قبل نحو عام من الآن، كان المحور الإيراني في أوج قوته، يتمدد من بلاد الرافدين إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومضيق باب المندب، وكانت طهران تعتقد أن هيمنتها في المنطقة أصبحت أمرا حتميا بعد أن باتت مليشياتها تسيطر على أهم الحواضر في المشرق العربي، بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وما لذلك من دلالات، كون الهيمنة الإيرانية شملت أهم المراكز الحضارية العربية القديمة، أي أنها هيمنة تصادر التاريخ وتبسط على الجغرافيا.

وكانت سيطرة مليشيا الحوثيين على العاصمة صنعاء، في سبتمبر 2014، مدعاة لانتشاء إيران، عندما صرح أحد مسؤوليها بأن الإمبراطورية الفارسية عادت وعاصمتها بغداد، وكانت طهران تعتقد أنها قد أحاطت نفسها بسياج قوي من الوكلاء ضمن إستراتيجية "الردع المتقدم"، مما سيحصنها من أي اعتداء خارجي، وأغدقت على وكلائها بالأسلحة والأموال دون مبالاة بالأوضاع المعيشية السيئة لمواطنيها، على أمل أن يخوض أولئك الوكلاء حربا بالنيابة عنها، أو على الأقل يثيرون الاضطرابات بعيدا أراضيها، فضلا عن استخدامهم كأدوات لابتزاز جيرانها وتهديدهم.

لم يكن التمدد الإيراني في المنطقة نتاج دهاء سياسي أو عبقرية عسكرية، وإنما كان نتاجا لحالة الفراغ التي خلفها غياب دور الدول العربية في المنطقة، وخصوصا في مناطق النزاعات والاضطرابات، فأتت إيران وملأت ذلك الفراغ والعمل على التمكين للطائفة الشيعية، فتشكيل حزب الله تم على يد الحرس الثوري الإيراني في لبنان في ظروف حرب أهلية، دون أن تكون هناك أي ضغوط عربية لمنع تشكيل حزب طائفي تابع لإيران، كما أن معاهدة الطائف كرست الوضع الطائفي في لبنان لصالح حزب الله.

وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعراق واليمن، فبعد الغزو الأمريكي للعراق، عام 2003، وإسقاط نظام صدام حسين، لم تتحرك الدول العربية للضغط على الإدارة الأمريكية لمنع إيران من ترسيخ نفوذها في العراق، وملء الفراغ الذي خلفه سقوط نظام صدام حسين، وتركته لقمة سائغة لإيران، حتى غدا العراق ساحة مفتوحة للتغلغل الإيراني سياسيا وعسكريا، وامتد تأثير طهران إلى مؤسسات الدولة وقرارها السياسي.

وأما الوضع في اليمن، فإنه كارثي بكل المقاييس، فرغم أن هزيمة الحوثيين كانت ممكنة في بداية الحرب بأقل الخسائر، فإن التحالف السعودي الإماراتي عرقل معركة الحسم لأجل تحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بطبيعة المعركة، مع أن المكاسب التي سيجنيها التحالف من حرصه على بقاء مليشيا الحوثيين والحيلولة دون القضاء عليها، لا تساوي شيئا يُذكر إذا قسناها بالأضرار والخسائر التي سيتكبدها التحالف نتيجة استمرار الحوثيين طرفا فاعلا في الشأن اليمني، واستمرارهم في مراكمة قوتهم العسكرية التي تهدد التحالف ذاته.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل فقد كانت الرياض وباقي العواصم العربية تتراجع خطوة بعد أخرى أمام اندفاع إيران ومليشياتها، بعد عشر سنوات من عملية "عاصفة الحزم" التي قادتها السعودية في إطار تحالف ضم عددا من الدول العربية، لكن ذلك التحالف تلاشى، رغم أن "عاصفة الحزم" كانت أول معركة تقودها السعودية عندما نصبت نفسها لزعامة العالم الإسلامي السني ضد التمدد الإيراني في الإقليم، وانتهى الأمر بأن هرعت السعودية للمصالحة مع إيران والحوثيين والتقارب مع نظام بشار الأسد في سوريا قبل سقوطه، دون أن تكون قد حققت أي مكاسب ميدانية أو انتصارات ضد التوسع الإيراني.

هذا التراجع السعودي أمام المحور الإيراني دوافعه كثيرة، من بينها تراجع المظلة الأمنية الأمريكية الذي تجلى بوضوح في عدم دفاع واشنطن عن السعودية عندما تعرضت منشآتها النفطية والحيوية لهجمات حوثية، وعجز الرياض عن التصدي لمثل هكذا هجمات، مما دفعها إلى إجراء مصالحة مع إيران، ربما لاعتقادها أن كلفة المصالحة أقل من كلفة المواجهة، وهذا صحيح على المدى القصير، لكن عواقبه وخيمة على المدى الطويل.

ثم خاضت الرياض حوارات مباشرة مع قيادات حوثية لتطبيع العلاقة معهم، والإبقاء عليهم كفاعل رئيسي في البلاد لاتخاذهم ذريعة لتمرير مؤامراتها هي والإمارات على اليمن، وهو ما يقتضي جعل البلاد في حالة من التفكك والتشظي والانقسامات. 

ورغم المسار الطويل للحوارات بين السعودية والحوثيين، والزيارات المتبادلة لوفود من الطرفين إلى صنعاء والرياض، لكن لم يتوصل الجانبان إلى نتيجة واضحة ومعلنة، ثم توقفت الزيارات والحوارات بعد عملية "طوفان الأقصى"، وانخراط مليشيا الحوثيين في التصعيد الإقليمي ضمن المحور الإيراني.

- أمن الخليج وأسلحة الحوثيين

بعد انخراطهم ضمن المحور الإيراني في التصعيد ضد إسرائيل، فوجئت السعودية والإمارات بحجم الترسانة العسكرية التي يمتلكها الحوثيون بعد استخدامهم صواريخ بالستية وطائرات مسيرة إيرانية الصنع قادرة على الوصول إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو تطور غير متوقع جعل الرياض وأبوظبي تدركان أنهما باتتا في مرمى التهديد ذاته، وأن تلك الأسلحة التي تُطلق نحو إسرائيل يمكن أن تُوجه إليهما في أي لحظة، خصوصا أن الحوثيين لم يتوقفوا عن إطلاق التهديدات ضدهما.

وهكذا تحولت مليشيا الحوثيين من ورقة ضغط إيرانية في الإقليم إلى مصدر تهديد مباشر للأمن الخليجي ذاته، مما دفع الرياض وأبوظبي إلى التزام الصمت الحذر ومراقبة الموقف دون تعليق رسمي، بانتظار اتضاح مسار الصراع بين إيران وإسرائيل.

وفي كل الأحوال، فإن استمرار الحوثيين في مراكمة أسلحة إيرانية الصنع يصل مداها إلى أي دولة خليجية، يجعل السعودية والإمارات أمام معادلة أكثر تعقيدا، فهما لا ترغبان في العودة إلى مواجهات مفتوحة أو خوض حرب شاملة للقضاء على الحوثيين، وفي الوقت ذاته لن تسمحا لهم بالهيمنة الكاملة على اليمن، وهذا هدفهم الرئيسي الذي يعملون لتحقيقه، لأن ذلك يمثل خطرا إستراتيجيا على أمنهما في المستقبل.

وهكذا باتت الساحة اليمنية الاختبار الأخير لقدرة طهران على الحفاظ على حضورها الإقليمي من خلال الحوثيين، وبقدر ما يمثل الحوثيون اختبارا لإيران في مدى قدرتها على الإبقاء على وكلائها فاعلين بعد تصدع محورها، فإنهم أيضا اختبار حقيقي للمنظومة الإقليمية برمتها، خصوصا لدول الخليج، التي تمسها تداعيات المشهد اليمني بشكل مباشر.

فالسعودية والإمارات اليوم أمام لحظة حاسمة، فهل ستسعيان إلى مواجهة شاملة ودعم الحكومة اليمنية لإنهاء خطر الحوثيين وحفظ أمن الإقليم، أم ستواصلان سياسة التهدئة والمراوحة التي أتاحت للحوثيين فرصة مراكمة الأسلحة واستمرار التجنيد وتعزيز قوتهم والهيمنة تحت غطاء التهدئة؟

تقارير

مؤتمر الخبراء والباحثين اليمنيين بإسطنبول يناقش أزمات الصحة النفسية وجودة الأدوية

باحثون وأكاديميون يمنيون يناقشون خلال جلسة علمية ضمن مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين المنعقد في مدينة إسطنبول، والذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان، عددًا من القضايا الصحية والعلمية التي تمس واقع المجتمع اليمني في ظل ثمانية عقود من الصراعات وما خلفته من أزمات ممتدة أثرت على الإنسان ومؤسسات الدولة على حد سواء.

تقارير

مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين بإسطنبول يناقش واقع البحث العلمي والتعليم الجامعي

ناقش مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين الذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان والمنعقد في إسطنبول في أولى أيام المؤتمر عددًا من البحوث وأوراق العمل التي قدمها أكاديميون وخبراء، تناولت جملة من القضايا التي تمس جوهر القضية اليمنية

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.