تقارير
كيف تعمق صراعات الشراكة داخل المجلس الرئاسي والحكومة الانهيار والأزمة في اليمن؟
على هامش الانهيار الشامل الذي تعانيه البلاد من جميع النواحي، تتصاعد بيانات السخط والتنديد، فيما يبدو أنّ بعض الجهات، التي تصدر عنها هذه البيانات، لديها خطط أخرى.
قبل أيام، أصدر المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، التي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي، طارق صالح، بيانًا أفصح فيه عن عدم رضاه عن تمثيله في هيئات الشرعية، مطالبًا بإعادة النظر في تكوين الشرعية ومؤسساتها بما يكفل التمثيل العادل لمكوناتها، أو هكذا فُهم على الأقل.
-المشكلة في أداء الحكومة وغياب التحرير
يقول الكاتب والمحلل السياسي عادل الأحمدي: «عليّ أنا شخصيًا أن أدلي بشهادة في هذا الجانب، حيث إن المسألة كانت أبسط بكثير تمامًا، كنت في المخا أثناء إصدار البيان، المخا التي تعتبر معقل المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح».
وأوضح: «البيان كان عاديا جدًا، وحتى إن هناك جزءًا من سياسيي وإعلاميي المقاومة الوطنية وجهة نظرهم أنه لم يكن هناك داعٍ لإصدار البيان من أساسه".
وتابع: "البيان يتحدث عن آلية اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي، أي عندما تم الاجتماع بهيئة التشاور دون أن يُدعى ممثل عن المقاومة الوطنية».
وأضاف: «بعد ذلك، تبِع البيان مغرّدون ومتجمّلون، يكتب لك تغريدة عن مجلس القيادة وعن رئيسه، وهناك من الطرف الآخر من يتجمّل أيضًا، أشخاص ساكتون لا يكتبون حرفًا واحدًا عن الحوثي، ولكنهم يفرحوا بيوم (الحمار)"، أنا أعتقد أن المسألة أبسط بكثير».
ورأى: «قد يكون هناك خلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، لكنها خلافات لا تضر، وليست بالحجم الذي تبع إصدار البيان".
وأردف: "ومع هذا، أقول ستظل، حتى لو لم تكن هناك خلافات اليوم، ستأتي خلافات طالما لم يتم إطلاق معركة تحرير حقيقية».
وشدّد: «معركة التحرير الحقيقية هي التي سوف توحّدنا، وتشغلنا، وتدفعنا للإنجاز، أما في الوقت الحاضر هناك تدهور كبير في الخدمات، وفي الأداء الحكومي، وفي كهرباء عدن، وفي ضمأ تعز، وفي كثير من الجوانب».
أكّد: «مشكلتنا الحقيقية الآن هي في أداء الحكومة، وفي عدم إطلاق معركة تحرير، أما فيما يتعلق بالعلاقات بين أعضاء مجلس القيادة، فأعتقد أنه لا يوجد هناك أي مشكلة على الإطلاق».
واستبعد: «بالحديث عن قضية أنهم يريدون اقتسام الكعكة، لا يوجد الآن كعكة حتى يتم اقتسامها، هناك مسؤولية ثقيلة جدًا جدًا، وأعباء غير عادية ستتراكم وتزداد وتتفَاقم ما لم يتم توجيه كافة الجهود لتحرير المناطق المنكوبة».
تابع: «صدقوا، الآن ما يوحد كل هؤلاء يفترض أنه المعركة، وإذا تأخرت المعركة وتأخر التحرير، فسيبدأ كل واحد يبحث له عن استحقاقات، أو يفسر الأشياء الطبيعية على أنها أزمات، وربما تُفهم كشرخ بين أبو ظبي والرياض».
وأوضح: «في حقيقة الأمر، الدكتور رشاد العليمي مثلما هو مدعوم من أشقائنا في المملكة، هو مدعوم أيضًا من أشقائنا في الإمارات، وكذلك العميد طارق صالح، ولا يوجد، في حقيقة الأمر، أي خلاف بين الدولتين المكوّنتين للتحالف العربي الداعم للشرعية».
وأفاد: «والله، أنا أتكلم الآن من مدينة تعاني من الحُمّى والضّمأ نتيجة انقطاع المطر، التي هي تعز، وجئت من عدن، والحالة فيها صعبة جدًا، يجب أن تتحرك الحكومة بشكل جاد، ويخصص مجلس القيادة الرئاسي كل جهوده لتخفيف المعاناة».
وأكّد: «تم تعميم أن البيان لا يعني على الإطلاق وجود حملة ضد رئيس المجلس، وأن هذا ليس أسلوب المقاومة الوطنية منذ العام 2018، أنا لست متحدثًا باسم المقاومة، لكني شاهد على ما حصل».
وشرح: «حسب ما سمعت من مصدر رئاسي - وليس من المقاومة - فإن الخطأ كان هيكليًّا؛ عُقد اجتماع لهيئة التشاور والمصالحة دون دعوة المكتب السياسي لأنه لم يكن ممثّلًا فيها، ومن حق أي قوة سياسية أن تكون جزءًا من السلطة».
وأضاف: «مفردات البيان كانت سياسية، لا تحتوي على إساءة أو تصعيد، جاءت في اليوم الأخير من الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، وما كان أحد ليلتفت إليها لولا تغريدات بعض الناشطين، ومعظمهم لا هم في خندق المخا ولا في خندق الدكتور رشاد».
ودعا: «علينا كإعلام مسؤول أن نعمل على تهدئة الوضع، حتى وإن كان هناك خلاف، ليس من المصلحة إشعال الخلافات الصغيرة، أو النفخ فيها».
واستبعد: «لا علاقة، والله لا علاقة، بين ما سُمّي توسيع الشراكة وبين مشكلة الكهرباء في عدن أو المياه في تعز، كثير ممن قابلتهم في المخا غير راضين عن البيان، ويرون أنه ربما يفتعل مشكلة، كما حصل اليوم».
وناشد: «علينا أن نركّز على الأمور المرتبطة بالشأن العام، وتحرير صنعاء وبقية المناطق المنكوبة من مليشيا الحوثي"، مؤكدا "إذا لم نطلق معركة التحرير، فستأتي الخلافات من لا شيء».
واختتم: «يجب أن نصنع إجماعًا وطنيًا حقيقيًا ضد الحوثي، ونعمل على تسوية النسيج الوطني، بدلًا من الغرق في الصراعات الجانبية أو التحريض الإلكتروني الذي لا أساس له في الواقع».
- هناك شكل من أشكال التصدّع
بدوره، يقول الكاتب الصحفي عبد العزيز المجيدي: «هناك مؤشرات واضحة تقول إن هناك شكلًا من أشكال التصدّع في مجلس القيادة الرئاسي، الذي كان واجهة بُنيت على أنقاض شرعية عبد ربه منصور هادي».
وأوضح: «الأطراف تحاول إعادة اقتسام الكعكة بطريقة ما، البيان الصادر عن مكتب طارق صالح لم يتحدث عن الانهيار الاقتصادي أو توقف الجبهات أو تردّي أوضاع المواطنين، بل تحدّث بوضوح عن الشراكة الوطنية واستحقاقات خاصة».
ويرى: «البيان كان إشارة لوجود أزمة داخل مجلس القيادة، وتحفظات وخلافات خرجت إلى العلن، وربما أراد البعض ذلك تعبيرًا عن صراع يتجاوز المجلس نفسه، ليصل إلى طرفي التحالف».
وأشار: «رشاد العليمي مدعوم من السعودية، وطارق صالح مدعوم من الإمارات، وينفذ أجندتها بوضوح، وهذا يُثير قلقًا لدى اليمنيين لأن البعض يعمل تحت غطاء الشرعية لخدمة مصالح خارجية».
وتابع: «البيان كان تمهيدًا لحملة ضد العليمي؛ هذا ما سُمِّي 'العتب الناعم' من أجل مكاسب، وهناك أحاديث كثيرة عن مطالب تتعلق بتعيينات في وزارات وهيئات حكومية».
وأكّد: «هذه القوى بدلًا من التركيز على وحدة الصف، انشغلت بمكاسبها على حساب المواطن؛ هذا الانشغال بالاستحقاقات الخاصة تكرر طوال السنوات الأخيرة».
واتهم: «طارق صالح لا يريد أن يكون عضوًا عاديًا، بل يهيّئ نفسه ليكون رئيسًا، لا يعترف بأي سلطة فوقه، كل فعالياته في المخا لا تؤكد وجود شرعية، ولا تحترم سلطة مجلس القيادة».
وانتقد: «حتى شكل السلطة غائب، عند افتتاح مشروع إماراتي لم تظهر صورة رشاد العليمي، بل ظهرت صورة طارق صالح ومحمد بن زايد، كأنهما ندان».
وسخر: «في بيان المقاومة يتحدثون عن مرجعيات دستورية، لكن ما هي المرجعية التي تُخوّل جماعة مسلحة أن تتحول إلى كيان سياسي يُدار من الخارج، ويمنع الناس من البناء؟».
واتهم: «طارق لم يحرر أي منطقة، وكل ما في يده تم تسليمه له، ثم أُعيد تسليم 100 كلم للحوثيين، هو مجرد أداة، والقرار ليس بيده».
وتساءل: «أين المناطق التي حررتها هذه المقاومة؟ هي مناطق حُررت على أيدي التهاميين والعمالقة والمقاومة الجنوبية، ثم سُلّمت له لاحقًا».
وشدّد: «هذا الكيان يرفض حتى أبناء تهامة، ويمارس سياسة الإقصاء، ولا يريد القبول بالمواطنين، بل ينفّذ أجندة استعلائية وإعادة إنتاج للسلطة القديمة».
وانتقد الشرعية: «الشرعية أُضعفت خلال الحرب، ثم جرى هندستها لتقسيمها بين أطراف لا تمثل الشعب، بل تُدار من الخارج. مجلس القيادة صُمّم لإدارة الصراعات، لا لمواجهة الحوثي».
وأضاف: «الأحزاب أيضًا انشغلت بتلميع نفسها، وليس بحل مشكلات الناس؛ السياسيون يجتمعون في الرياض، بينما يُمنع العمل السياسي في عدن».
وأكّد: «هذا المجلس لم يُنشأ لحل الأزمة، بل لإدارتها بما يخدم التفاوض مع الحوثي، لا المواجهة؛ الأطراف التي هندست الشرعية تسعى إلى صياغة خريطة طريق تُرضي الخارج».
وكشف: «هناك تسريبات عن تقليص عدد أعضاء المجلس أو إعادة هيكلته؛ هذه كلها أدوات لإطالة الصراع لا حله، وتقديم الشرعية للحوثي على طبق من ذهب».
وختم: «إذا كانت هناك رغبة حقيقية باستعادة الدولة، فعلى هذه الكيانات أن تتوقف عن تنفيذ أجندات الخارج، وأن تندمج في الحالة اليمنية، وتخدم مصالح اليمنيين».