تقارير
لا حرب ولا سلام.. ما الصيغ المحتملة للحل في اليمن؟
بين حالتي "اللا حرب واللا سلم" يتأرجح واقع الحال في اليمن؛ نتيجة تعثر الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية، في تحقيق أي اختراق في جدار الأزمة، وجراء تعثر مسارات الحل، فإن مستقبل السلام يلفه الغموض، وتعدد الاحتمالات، إزاء صيغ الحل المحتملة وغيرها من التسويات في ظل هيمنة المليشيات وضعف مؤسسات الدولة.
وقبل أيام حذّرت تقارير نشرتها مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية من اقتصار المفاوضات على إنهاء الحرب على الكيانات المسلحة، التي اكتسبت الشرعية من خلال المعركة، فـ إلى متى ستستمر حالتا اللا حرب واللا سلم في اليمن؟ وما صيغ الحل المحتملة؟
- مؤشر خطير
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز، الدكتور عبدالوهاب العوج: "إن الكلام، الذي ذُكر في المجلة الأمريكية، يعتبر مؤشرا خطيرا، والذي يشير إلى أن من يمتلك البندقية والسلاح والسيطرة على مساحات من الأرض فإنه سيكون له مجال في طاولة المفاوضات، وهذا الأمر ضد ما يُعرف في كل مناطق الصراع في العالم".
وأكد أنه "يجب أن يشارك جميع الأطراف السياسية والمكوِّنات المختلفة، وحتى من المتضررين، ومن الأطراف الذين يمتلكون قوات عسكرية، ويسيطرون على جغرافيا معيّنة، في طاولة المفاوضات".
وأوضح: "في حال اقتصرت طاولة المفاوضات على الأطراف التي تمتلك قوة عسكرية وسيطرة على الأرض، لتتشارك همومها، فإن اليمن لن تخرج إلى طريق؛ لأن مليشيا الحوثي تؤمن بالغلبة ولا تؤمن بحق الآخرين، ولا تؤمن بالرأي والرأي الآخر، ولا بالتعددية السياسية".
وأضاف: "لم يحدث في أي منطقة من مناطق العالم أنه تم التفاوض بين الأطراف التي تمتلك البندقية فقط، وإنما كل فئات المجتمع كانت تُشرك في عملية التفاوض".
واعتبر أن "ما تناولته الصحيفة الأمريكية يمثل جس نبض لما سيكون من رد فعل للقوى السياسية ومنظمات المجتمع، ولكل النخب اليمنية؛ لأن هذا مؤشر خطير يشير إلى أن الغلبة للبندقية، ولا مجال للحوار".
وأشار إلى أن "المرجعيات الأساسية، التي يعتمد عليها الحل في اليمن، تقول إن الدولة هي وحدها فقط من تحتكر السلاح، وفي حال تركت المليشيات المسلحة هي من تتحكم بالمشهد فهذا يعني أننا سندخل في عصر من الحروب لا نهاية لها".
وبيّن: "أي حلول لا تراعي المرجعيات الثلاث، فإنها ستكون فقط فترات استعداد لجولات حرب جديدة، ولن تؤسس لسلام حقيقي، فالسلام في اليمن يتطلب حلا جذريا للمشكلة، التي قامت على أساسها هذه الحرب، وهي الانقلاب الحوثي على الدولة، وأدخلت البلد في حرب مع الداخل والخارج".
- تسوية خارج المرجعيات
يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "مجلة فورين أفيرز الأمريكية دائما تهتم باتجاهات العملية السياسية في اليمن، والمحادثات التي تجري في اليمن بوساطة الأمم المتحدة، وسبق لها أن حذّرت من صفقة سعودية -،حوثية تضعف السلطة الشرعية، وكانت محقة، وما نشرته مؤخرا يعتبر تحذيرا آخر، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار".
وأوضح: "مسألة التوجّه نحو تسوية تتم بين ما تُعرف بقوى الأمر الواقع تعني أنها تسوية خارج المرجعيات، وخارج الالتزامات الدولية تجاه اليمن ووحدته واستقراره".
وأضاف: "أي صفقة تتم بين قوى الأمر الواقع يعني أنها ستراعي بشكل دقيق وأساسي أولوية هذه الأطراف، وهي أولويات مرتهنة لأجندات خارجية ولمشاريع سياسية، ولن تراعي الثوابت الوطنية التي تقوم عليها العملية السياسية، كوحدة اليمن ونظامه، ومسألة استعادة الدولة كهدف".
وتابع: "نحن نعرف أن الحرب صممت بشكل قذر جدا؛ لكي تنتهي إلى هذه النتائج السيئة، التي تتعارض مع مبادئ ومصالح وقيم وثوابت الدولة اليمنية، ومع مصالح وأولويات الشعب اليمني".
ويرى أن "تحذيرات المجلة تأتي في سياق وضع يذهب نحو الغموض بشكل أساسي، خصوصا في ضوء التصريحات الصادرة عن مليشيا الحوثي، التي تقول إن المفاوضات مع السعودية توقفت عند مسألة الرواتب، وتهديداتها بالتصعيد العسكري".