تقارير
ما وراء إصرار مليشيا الحوثي على الإفراج عن اللواء فيصل رجب بوساطة قبلية؟
بعد 8 سنوات يخرج اللواء فيصل رجب من سجون مليشيا الحوثي، وعلى الرغم من الفرحة، التي غمرت جميع اليمنيين بخروج أحد الأبطال والقادة العسكريين الذين شاركوا في المعركة ضد المليشيا منذ الوهلة الأولى، إلا أن خروجه بوساطة قبلية، وهو القائد الذي تم استثناؤه من صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، يفتح الباب لأسئلة كثيرة.
تحاول مليشيا الحوثي أن تخطب ود القبائل في المحافظات الجنوبية، وهي التي نكلت بالقبيلة في المحافظات الشمالية، وقتلت العشرات من المشايخ والوجاهات الاجتماعية، لكن ما الذي فعلته الحكومة الشرعية أمام محاولة الاستغلال هذه؟ وكيف ستتعامل مع هذا الملف، ومع ملفات ما تبقى من المختطفين في سجون المليشيا؟
- طريقة مختلفة ملغمة
يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "إن الإفراج عن اللواء فيصل رجب خطوة ممتازة، وتأخرت كثيرا، وتعرضت للابتزاز السياسي والتوظيف السياسي أكثر من اللازم، وكان ينبغي حسم هذا الموضوع منذ وقت مبكر".
وأضاف: "طريقة إطلاق سراح اللواء رجب بدت مختلفة إلى حد كبير، لأن اسمه كان مطروحا ضمن صفقة الإفراج التي اتفق عليها مؤخرا في جنيف".
وأوضح أن "هناك من يتحدث بأن الطرفين لم يبذلا الجهد الكافي لضمان إطلاق سراحه، لكن الواضح من هذه العملية أن مليشيا الحوثي أرادت أن يتم إطلاق سراحه بشكل مختلف، بحيث تبدو وكأنها من المليشيات تجاه أبناء أبين، وتم التصرف على إحياء هذا البُعد المناطقي".
وتابع: "كان لا ينبغي التعامل مع اللواء فيصل رجب على أنه ابن أبين، فهو ابن القوات المسلحة، ضابط محترف، ومن المشروع الوطني، حيث كان يواجه مليشيا الحوثي من أجل الدفاع عن الدولة اليمنية، وليس الدفاع عن أبين".
وأشار إلى أن "محاولة تكريس فكرة أن عملية إطلاق سراحه هي صفقة مناطقية، يسيء للرجل وللأطراف الذين سعوا للإفراج عنه، ولكل الذين يريدون أن يثبّتوا هذه الحقيقة على أن المسألة مسألة صفقة مناطقية ساهمت فيها مساعٍ قبلية".
واعتبر أن "المساعي القبلية تشكِّل ورطة بحد ذاتها، بالنسبة للأشخاص الذين تبرعوا وذهبوا إلى صنعاء، فهؤلاء لا مشكلة لهم مع مليشيا الحوثي، وربما اتخذوا هذه الطريقة ليعطوا تواصلهم الذي لم ينقطع مع المليشيا، طابعا إنسانيا، لكن في الحقيقة فهم يتخادمون مع المليشيا".
ويرى أن "تحوّل عملية إطلاق سراح ضابط كان يواجه المشروع الانقلابي إلى صفقة مناطقية يقزّم القضية الوطنية ويقزم دور الرجل، ويحوله إلى سلعة ضمن مساومات قبلية، أو في إطار محاولة تبذلها المليشيا لمد جسور التواصل مع مكوِّنات قبلية كما يسمونها، لكن في الحقيقة هو تخادم، فهناك آليات رسمية معروفة ينبغي الاعتماد عليها في مسألة إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين".
ولفت إلى أنه "يمكن أن تكون هناك صفقات تسهم في إطلاق سراح الأسرى والمختطفين كالصفقات الميدانية والمحلية، لكن أن تتحول قضية اللواء فيصل رجب إلى مهرجان، وذريعة لتجاوز الخطوط الحمراء لإضفاء نوع من الرسمية لتواصل مليشيا الحوثي غير المشروع مع مكوِّنات يفترض أنها تقر بالسلطة الشرعية، وتحترم وجودها، وتلتزم تجاه الوطن بعدم التعاطي مع هذه المليشيا الانقلابية".
وزاد: "مليشيا الحوثي اليوم تسيطر على محافظة البيضاء، ورأينا كيف تآمر الجميع ضد مقاومة البيضاء في الشمال والجنوب".
وبيّن أن "محافظة أبين مستهدفة من المجلس الانتقالي الجنوبي، حتى وإن كان هناك عناصر من أبين محسوبة على المجلس الانتقالي، لكن دورها هامشي، لذا مليشيا الحوثي تلعب بهذه الورقة، ويتعاملون مع قضية فيصل رجب باعتباره ابن أبين، ولما له من دلالة مناطقية تستثير الصراع المناطقي الموجود في إطار القضية الجنوبية، خصوصا وأن المجلس الانتقالي برموزه وثقله وقوته يعيد إنتاج مشهد الصراع الذي شهده الجنوب في 1986م".
وقال: "إن على اللواء فيصل رجب ألا يقبل بأن يكون سلعة ضمن المساومات المناطقية التي تقوم بها مليشيا الحوثي، بل إن ذلك لا يتفق مع مكانته كضابط محترف يفترض أنه يخدم القضية الوطنية والمشروع الوطني".
وأضاف: "ينبغي ألا ننظر إلى أن ما قامت به مليشيا الحوثي عملية إنسانية؛ فالمليشيا تلغم حتى أي عمل تظهر به على أنه عمل إنساني".
- الصفقة المقبلة
من جهته، يقول عضو لجنة المفاوضات الحكومية بشأن الأسرى، ماجد فضائل؛ "إن اللواء فيصل رجب ضمن الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن إلى جانب اللواء الصبيحي وناصر منصور، ومحمد قحطان، وهم الأولوية الأساسية الذين نطالب بالإفراج عنهم منذ العام 2016م، دون قيد أو شرط، ولكن قبلنا من أجل مصلحتهم وأُسرهم مبادلتهم بمجرمين وأسرى حوثيين".
وأضاف: "كانت هناك مفاوضات ومساومات طويلة حتى توصلنا بأن يتم الإفراج عنهم مقابل أعداد كبيرة، حيث تم الإفراج عن ناصر منصور واللواء الصبيحي مقابل 200 أسير حوثي، وكان هناك اتفاق على أن محمد قحطان وفيصل رجب سيطرحون على قائمة التبادل المقبلة مقابل أعداد من الأسرى".
وتابع: "في الصفقة الماضية كانت هناك محاولات لأن تشمل العملية جميع من هم مشمولين بقرار مجلس الأمن؛ لكن مليشيا الحوثي رفضت رغم الوساطات من مكتب المبعوث الأممي، وكادت العملية أن تفشل، وفي الاتفاق السابق تم الاتفاق على تأجيل الإفراج عن اللواء فيصل رجب ومحمد قحطان إلى تأريخ 15 مايو القادم، وهذا الاتفاق موقَّع".