تقارير

مخاوف من انقطاع رواتب المعلمين بعد تحويلها إلى بند هبات وتبرّعات

17/09/2023, 16:06:38
المصدر : خاص

"نفد صبر أغلب المعلِّمين، لم يعد أحد قادرا على العطاء، وهم محطمين نفسيا، وجسديا بسبب المرض، الذي لا يستطيعون حتى علاجه، خاصة مع عدم استلامهم راتب شهر أغسطس حتى اليوم، الأمر الذي جعلهم يخشون من انقطاعه تماما"، تقول التربوية غادة محمد بحرقة، وهي توضح جانبا من معاناتهم.

تؤكد غادة لـ"موقع بلقيس" أن جميع المعلِّمين يعيشون هموما كبيرة، تمنعهم من ممارسة عملهم كما يجب؛ كون تفكيرهم بمتطلبات الحياة، وأبرزها الطعام، يشغلهم وبشكل يومي، وفي كل وجبة.

ينتظر عشرات المعلِّمين في تعز تسليم راتب شهر أغسطس، الذي تأخَّر حتى اليوم، بعد قرار تحويل رواتب موظفي قطاع التربية والتعليم إلى البنوك التجارية، ومن بند أجور إلى بند هبات وتبرُّعات، وهو ما دفع كثيرا من المدارس لبدء الإضراب والتصعيد، والمطالبة بتحسين أوضاعهم.

أثارت هذه الخطوة مخاوف المعلِّمين في تعز، ومناطق سيطرة الحكومة، من إمكانية انقطاع رواتبهم مجددا، كما حدث في سنوات الحرب الأولى، التي عانوا خلالها كثيرا، خاصة أن أغلبهم لا يمتلكون مصدر دخل آخر.

تؤكد التربوية غادة أن الرواتب لم تعد تتناسب مع ارتفاع الأسعار المستمر، مشيرة إلى اضطرار المعلمين -من الذكور- إلى العمل في مهن أخرى بجانب وظيفتهم؛ للتخفيف ولو قليلا من معاناتهم وأسرهم، كالعمل كبائعين في محلات، أو متجولين بعربات.

وأضافت بحسرة: "ملابس الزملاء رثة، ولا يستطيعون حتى تغييرها، بالكاد يمكنهم شراء كل عام قطعة وبالتقسيط، كالحذاء أو الحقائب".

- التوقّف عن التدريس

مع تزايد مخاوف المعلِّمين من إمكانية عدم انتظام رواتبهم، خلال الأشهر القادمة، أو انقطاعها كما حدث في بداية الحر، يؤكد العديد منهم لـ"موقع بلقيس" استعدادهم للتوقف التام عن التدريس في المدارس الحكومية، وتوجههم إلى العمل في القطاع الخاص، أو أي مهن أخرى؛ لتغطية بعض متطلباتهم الأساسية.

تقول التربوية أروى أحمد إن المعلِّمين مستعدون للتصعيد، ليس فقط من أجل انتظام تسليم الرواتب، بل للمطالبة برفعها لتتناسب مع الوضع المعيشي الحالي.

وبيَّنت لـ"موقع بلقيس" أن أغلب المعلِّمين لم يعد لديهم القدرة على التحمّل أكثر، مهما كان الضغط عليهم، مشيرة إلى أن الكثير منهم لا يملكون حتى أجرة وسائل المواصلات ليتمكَّنوا من الوصول إلى مقار عملهم.

يؤكد ذلك -بدوره- التربوي محمد الشرعبي، الذي أصبح غارقاً في الديون، التي تتزايد شهراً بعد آخر، ليستطيع إعالة أسرته، بعد أن أصبح راتبه لا يحقق له حتى أدنى متطلباته.

يقول لـ"موقع بلقيس": "أنفقت أنا وزوجتي كل مدخراتنا، حتى إننا مهددون بالطرد من المنزل؛ بسبب تراكم الإيجارات، وأفكِّر جدياً بالتوقُّف عن التدريس، والانتقال إلى الرِّيف للعيش في أي منزل بسيط هناك، والعمل بأي مهنة".

- مَطَالب وتصعيد

يتوسَّع الإضراب في المدارس بتعز، مع بدء العام الدراسي الجديد، في ظل عدم وجود حلول تتجِه لها الحكومة لحل قضية المعلِّمين.

محمد الرميم -رئيس نقابة المعلِّمين في مديرية المظفر بتعز- أوضح لموقع "بلقيس" أن النقابة لم تدعُ بعد إلى إضراب، لكنها دشنت حُزمة من الاحتجاجات، أولها كان وقفة احتجاجية أمام المحافظة، ثم مسيرة حاشدة شارك فيها معلمون وأسرهم؛ للمطالبة بحقوقهم، المتمثلة بتسليم الراتب في موعده، والعلاوات المتأخِّرة من 2014، والتسويات المتوقِّفة منذ 2011.

إضافة إلى تنفيذ قانون الأجور وتعديله، بما يتناسب مع الوضع المعيشي الحالي، كون الراتب لم يعد يغطي جزءا من حاجة المعلِّمين، فأعلى راتب لا يصل إلى أكثر من 60 دولاراً، وأقلّ راتب لا يصل إلى 35 دولاراً، وفق الرميم الذي تحدث لـ"موقع بلقيس".

وأكد أن الاحتجاجات ستستمر إذا لم تستجب الحكومة، حتى تحقيق مطالبهم المشروعة، التي صدر ببعضها فتوى من وزارة المالية، ولكن البنك امتنع عن صرفها، وتنفيذ التعزيز المالي.

كما نوَّه الرميم أن الراتب حق من حقوق الموظّف، ولا يجوز المساس به  أو المساومة عليه، أو ابتزازه عن طريقه، تحت أي مسمًى كان، ومن أي طرف، لافتا إلى أن قانون العمل ينص على أن "الأجر مقابل العمل"، متسائلا بتعجب: "كيف يطالبون المعلِّم بالعمل، وهو لا يستلم راتبه".

ويتمنَّى النقابي الرميم أن تستجيب الحكومة لمطالبهم، وألا يتكرر تأخير الراتب كما حدث في شهر أغسطس، كون ذلك ليس في صالح استقرار العملية التعليمية.

وطالب الحكومة بتحمّل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية، والنظر باهتمام إلى مطالب المعلِّمين في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، مؤكدا أن التعليم من أهم ركائز الدولة، وصرف الرواتب واجب عليها، لحفظ كرامة المعلِّم، وليكون قادراً على القيام بمهمَّته كمربي أجيال.

يُذكر أن بعض المدارس في عدن، أيضا، بدأت، منذ العاشر من سبتمبر/أيلول الجاري، إضرابا شاملا؛ خوفا من تحويل مرتبات الدولة إلى بند هبات وتبرُّعات، ما يعني عدم انتظام رواتبهم، وربما انقطاعها، وهناك كذلك جامعات في عدد من المحافظات توقَّفت عن العمل.

تقارير

كيف تسببت الضربات الجوية في مفاقمة الأزمة الاقتصادية في اليمن؟

مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، وقف ضرباتها في اليمن، واستمرار تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة غاراته، تواجه مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي نقصًا حادًا في الوقود، والمواد الغذائية، خاصة أن الدمار طال مرافق حيوية وكبّد البلاد خسائر تُقدّر بمليارات الدولارات.

تقارير

في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي.. هل تعود الطبقية والسلالة لتتحكم بمصائر الأفراد في اليمن؟

تمثّل الوثائق القبلية المُعلنة مؤخرًا حلقةً خطيرة في مشروع أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع اليمني على أسس ما قبل الجمهورية، إذ ترسخ جرائم عنصرية مكتملة الأركان، وتُشرعن الإقصاء الطبقي تحت لافتة الانتماء القبلي.

تقارير

كابوس قديم.. كيف أعادت الغارات الجوية شبح أزمة الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين؟

لا تبدو الصباحات عادية في صنعاء، إذ تمتد الطوابير أمام محطات البنزين لعشرات الأمتار، بينما ارتفعت أسعار المشتقات في السوق السوداء بمناطق سيطرة الحوثيين إلى أرقام قياسية خلال أيام، في مشهد أعاد إلى الأذهان بدايات الحرب وشبح أزمة الوقود، بعد أن ظنّ البعض أن زمن الأزمات المتواصلة قد ولّى، أو على الأقل دخل في “هدنة مؤقتة”.

تقارير

العالقون في الأردن.. من يتحمل مسؤولية استمرار معاناتهم؟

لا يزال نحو 80 مواطنا يمنيا عالقين في العاصمة الأردنية عمَّان، في انتظار عودتهم إلى الوطن، حيث ذكرت القنصلية اليمنية في عمّان أنه من المقرر نقل 35 مسافرًا، ليلة أمس الجمعة، ضمن رحلة لطيران اليمنية إلى العاصمة المصرية القاهرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.