تقارير

مخطط التهجير أم خطة الإعمار.. من ينتصر في معادلة القوة بغزة؟

16/02/2025, 07:55:25

يتكشف تدريجيًا مخطط يبدو أنه يتجاوز حدود الحرب ليصبح استراتيجية طويلة المدى. فخلال الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس الأمريكي عن تهجير الفلسطينيين قسرًا نحو الحدود المصرية والأردن، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول الموقف العربي ومستقبل القضية الفلسطينية، في ظل سياسة تقوم على الإفراغ السكاني بدلًا من الحلول السياسية.

موقف الدول العربية، وخصوصًا المعنيتين، مصر والأردن، أبدى رفضه، لكنه موقف حذر أمام معادلة معقدة. إذ تدرك الأنظمة العربية أن قبولها بهذا الواقع الجديد قد يخلق موجة تداعيات داخلية وإقليمية خطيرة، بما في ذلك السعودية، التي ظلت لفترة تحاول لعب دور متوازن بين طموحاتها الإقليمية وعلاقاتها الدولية، لكنها وجدت نفسها في مواجهة نتنياهو، الذي صرّح بأن السعودية بإمكانها إقامة الدولة الفلسطينية على أراضيها.

غطاء سياسي

يقول الباحث الفلسطيني، الدكتور معاذ العمودي، إن دعوات التهجير، التي تزامنت مع خطوات وقف إطلاق النار، هي إعادة ترحيل ولكن بغطاء سياسي، كما حدث في بداية احتلال إسرائيل لفلسطين عام 1948، وبعد ذلك في نكسة 1967.

وأضاف: “كان الإسرائيليون يعتبرون أن هناك خطيئة كبيرة حدثت، وهي أن الفلسطينيين لم يُهجَّروا من الداخل المحتل عام 1948، ولم يُهجَّروا من القدس، أي أن إسرائيل لم تعلن سيطرتها المطلقة على المدينة، ولم تُخرج الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة”.

وتابع: “هذه الخطيئة حاولت إسرائيل معالجتها على مدار سنوات طويلة منذ النكسة وحتى الآن، لكنها لم تفلح، في ظل ظروف هي الأسوأ عربيًا”.

وأردف: “نحن نتحدث عن 50 أو 55 عامًا. وسابقًا، كتبت جريدة الدستور المصرية لا للتهجير بالحرف الواحد. هذه النقطة الأولى، فالمخطط مستمر منذ النكبة، ثم بعد ذلك منذ النكسة، ولكن هذه المرة يُعاد تصديره وكأن المطلوب أن نفهم النكبة مجددًا”.

وزاد: “لم تكن الظروف العربية سابقًا كما هي الحال الآن. فقد انخرط العرب في قتال مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1973، ورغم هزيمة النكسة، إلا أنهم انخرطوا في القتال عام 1967. ثم بعد ذلك، مررنا بمرحلة مفصلية منذ اتفاق كامب ديفيد، الذي أعتبره شخصيًا بداية الهزيمة الحقيقية للفلسطينيين وللأمة العربية. ثم جاء اتفاق أوسلو للسلطة الفلسطينية، ومن هنا دخلنا مرحلة جديدة، حيث أصبحت الإدارة الأمريكية هي الوسيط”.

وقال: “منذ البداية، حذرنا وكتبنا، كما كتب كثير من المثقفين والنخب والخبراء الفلسطينيين، وحتى المناضلين العرب من المغرب غربًا إلى جاكرتا شرقًا، بأن هذا فخ، لأن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تكون وسيطًا، فهي منحازة للاحتلال الإسرائيلي منذ نشأته”.

وأضاف: “الإدارة الأمريكية التزمت بتقديم مساعدات مالية لإسرائيل منذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي وحتى اليوم، وهي مساعدات مالية ثابتة تبلغ 3 مليارات دولار سنويًا، وهذه فقط المساعدات العسكرية. كما أنها لا تمنح الاحتلال الإسرائيلي مساعدات إغاثية، بل جميعها مساعدات تنموية وبرامج شراكة في التسليح وتطوير البرامج القتالية والتقنية، مثل القبة الحديدية وبرامج التسلح المشترك”.

وتابع: “كان لدى الديمقراطيين نوع من الحس والخجل، إذ أرادوا دولة فلسطينية، لكن هذا الطرح توقّف عند عام 2014، في حقبة باراك أوباما الثانية، عندما أعلن جون كيري، وزير الخارجية آنذاك، أنه لا يمكن الوصول إلى حل الدولتين لأن الاستيطان هو العائق الأساسي. وكانت الصهيونية الدينية تتنامى بشكل واضح، سواء في ظل الجمهوريين أم الديمقراطيين”.

وأردف: “منذ أوسلو وحتى 2017، تضاعف الاستيطان بنسبة 200% في الضفة الغربية. كنا نتحدث عن 158 ألف مستوطن، واليوم نتحدث عن قرابة مليون مستوطن في الضفة الغربية. المخطط مستمر، وهذه النقطة الأولى”.

وزاد: “أما النقطة الثانية، فهي أن الإدارة الأمريكية لم تكن يومًا وسيطًا بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، بل كانت تستغل الوضع الراهن لتخدير الفلسطينيين بالحل السياسي، ولم تذكر الدولة الفلسطينية مطلقًا حتى بداية هذه الحرب، عندما تحدث بايدن عن وجود مستقبل لدولة فلسطينية”.

وتابع: “نتنياهو صرّح عام 2014، في محاضرة بالجامعة العبرية، بأنه ليس هناك مشكلة في الحديث عن دولة فلسطينية، لكن إسرائيل ستتحكم في شكلها. ومنذ ذلك الحين، تحولت الحالة الفلسطينية إلى مجموعة من الجزر المعزولة والحواجز في الضفة الغربية، مع حصار مطبق قاتل على قطاع غزة منذ عام 2006”.

وقال: “كان الحديث عن الانفجار يتم تأجيله مرة تلو الأخرى، دون أي حلول أو أفق سياسي، حتى خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة ليقول صراحة للأمريكان والإسرائيليين: ارحلوا عنا، حلّوا عن صدورنا، في تعبير واضح عن اليأس من أي خطوة أمريكية تجاه حل الدولتين”.

مواجهة كبيرة

يقول المحامي والناشط الحقوقي، عبدالرحمن برمان، إنه لا يمكن محاسبة أمريكا قانونيًا على دعوات التهجير، فهي تتربع على عرش قيادة العالم، لكن هناك مواجهة كبيرة جدًا. فقد رأينا كيف أن عددًا كبيرًا من المقررين الخاصين في الأمم المتحدة أصدروا بيانًا أدانوا فيه تصريحات ترامب، ووصفوها بأنها عملية تطهير عرقي أو تهجير قسري للشعب الفلسطيني، الذي يعيش على أرضه منذ آلاف السنين.

وأضاف: “على المستوى الداخلي، هناك أيضًا سبع دول، وللأسف الشديد لا توجد بينها أي دولة عربية، أعلنت تشكيل تحالف دولي لدعم إقامة الدولة الفلسطينية”.

وتابع: “بدأ يتشكل موقف عربي بسبب الشعور بخطورة عملية التهجير، التي تُعتبر جريمة كبرى، ولا يمكن لأي دولة عربية أن تتورط فيها، سواء الدول المجاورة أو الدول التي يُراد لها أن تدعم عملية توطين الفلسطينيين في وطن آخر”.

وأردف: “هناك أيضًا المقاومة المدنية. فقد وقّع، يوم أمس، 142 عضوًا في الكونغرس الأمريكي على مذكرة احتجاج على قرارات ترامب”.

وزاد: “كذلك، وقّعت 70 منظمة مدنية ودينية وحقوقية، أمس، بيانًا يدين التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي، باعتبارها تمسّ حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير والسيادة على أرضه، التي يعيش فيها منذ آلاف السنين”.

تقارير

اتفاق التهدئة مع واشنطن.. ما ثمن الصفقة مع الحوثيين؟

في تطور مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 6 مايو الجاري، عن التوصل إلى اتفاق تهدئة مع مليشيا الحوثيين في اليمن، التي قال إنها طلبت من إدارته وقف الهجمات ضدها، وتعهدت بعدم استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

تقارير

ما وراء الاتفاق الأمريكي الحوثي بشأن وقف الهجمات في البحر الأحمر ؟

بعد يوم دامٍ شهدته صنعاء ومطارها الدولي، خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأسلوبه المعهود أمام الصحافة الأمريكية، بتصريحات فاجأت الجميع، معلنًا أنه تلقى رسالة من ميليشيا الحوثي، مفادها: “رجاءً لا تقصفونا، ولن نستهدف سفنكم”.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.