تقارير
نساء عدن يكسرن الصمت.. انتفاضة الغضب في وجه سلطة عاجزة
النساء اللواتي أُقصين طويلاً عن دوائر الفعل والقرار، تَقدّمن الآن ليمثلن مدينة بأكملها، في وجه سلطة تتقاسمها الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي.
هذا الخروج المثير للإعجاب، كشف عن حقيقة خطيرة، وهي فقدان النخبة السياسية لحقها في ادعاء تمثيل الناس، خاصة وقد عجزت حتى عن تبني مطالبهم.
أصوات النساء الغاضبة تركت أصداءً واسعة، من بينها وعود رئيس الوزراء الجديد بالتحرك لحل المشكلة، والبعض رأى أن تصريحات بن بريك أقرب إلى تسجيل الحضور منها إلى إعلان موقف ملتزم، في تصريحات باردة تعيد إنتاج لغة مستهلكة وعاجزة عن استيعاب معنى أن تخرج نساء عدن إلى الشوارع، لأن كل الطرق الأخرى أُغلقت بوجههن.
أما إعلام المجلس الانتقالي وناشطوه، فقد سقطوا في فخ السخرية من هذه الأصوات، وغضبها الصادق، وحزنها على ما وصلت إليه الأحوال.
الفقر والمرض
تقول الناشطة الحقوقية وممثلة قطاع المرأة في الحراك الجنوبي السلمي، ضياء حسن: عندما تصرخ المرأة أو تصرخ النساء، فهذا معناه أن الألم بلغ مداه، فالوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين في حالة تدهور تام.
وأضافت: المرأة هي التي تتعرض لأكثر هذا الضيم والظلم، لأنها أغلب أوقاتها تكون في المنزل، بسبب الجو الحار والاختناق الذي تشعر به.
وتابعت: وضعنا المعيشي متدهور للغاية، ونحن نعيش الفقر والمرض في هذه البلد، ولا نعرف لمن نوجه رسالتنا، وأنا عن نفسي أوجهها للانتقالي، لأن هناك ثلاثة أعضاء في المجلس الانتقالي، هم في المجلس الرئاسي، وهم يُعتبرون حكومة، وليسوا مكوناً.
وأردفت: أنا لا أتحدث بفرز، أنا أتحدث مع حكومة، وخروجنا للمطالبة بخدمات، لا لعقد صفقات مع أحد، أو مع أي طرف، أياً كان. نحن خرجنا لخدماتنا، لمعيشتنا، لحياتنا الممتحنة داخل عدن.
وزادت: الموضوع معروف لدى العامة، ولكن الإعلام التضليلي الذي يُبث عبر القنوات الفضائية، من تصريحات، ومن فتح جولات، ومن فتح بنوك، يوهم العالم بأن عدن تعيش في جنة الفردوس، وعدن منتهكة تماماً من كل الجوانب، والمرأة تعيش حالة بؤس وفقر، والمواطنون كلهم في حالة فقر مُدقع، وفي مرض، ولا أستطيع أن أعالج نفسي في حالة المرض، وفي حالة العوز الذي نعيشه.
محاكمة شعبية
يقول الصحفي صلاح السقلدي: نحن لسنا فقط أمام تظاهرة نوعية نسائية بحجمها وحسن تنظيمها، ولكن نحن أمام محاكمة شعبية لهذه القوى التي تحكم عدن، وتحكم سائر المحافظات الأخرى، وهي محاكمة نوعية، هي الأولى من نوعها.
وأضاف: جاءت هذه المحاكمة الشعبية بعد أن عَزَّت كل الوسائل التي يمكن من خلالها أن تُنتزع حقوق الناس، خصوصاً في الجانب المعيشي الذي بلغ مبلغاً كبيراً من البؤس.
وتابع: أنا لا أستغرب هذا الخروج، ولكن أستغرب أن يظل الخروج متأخراً إلى اليوم، وكنت أتوقع أن يكون الخروج قبل سنة إلى سنتين على أقل تقدير، فهذا التأخير هو الذي نستغربه، أما الخروج فكان منطقياً، خصوصاً بعد أن وصل الحال إلى حالة لا يمكن على الإطلاق السكوت عليها.
وأردف: وصلت انقطاعات الكهرباء إلى 20 و24 ساعة، وهي خدمة تمثل محور الحياة وعمودها الفقري، فعندما تنهار الأوضاع بهذا الشكل، وتنهار حتى سلوكيات وأخلاق هذه النخب الحاكمة، أو التي يُفترض أنها حاكمة، كان من المنطقي أن تخرج التظاهرات، وشاهدنا تظاهرات أخرى، وسنشاهد تظاهرات كثيرة في قادم الأيام، إذا بقي الوضع على ما هو عليه.
وزاد: يبدو أن الوضع يتدحرج للأسوأ، والمجلس الانتقالي للأسف هو المعني، وليس مقبولاً منه أي مبرر، أو أن يركب الموجة في الدقائق المتأخرة.
مشاريع متضاربة
يقول الصحفي والكاتب السياسي أحمد حميدان: إن ما يحدث اليوم هو نتائج طبيعية لعدم وجود المشروع السياسي الذي تحمله القوى السياسية من شرعية وانتقالي، أي أن هؤلاء لم يكونوا في مستوى المسؤولية لإدارة شؤون المناطق التي يسيطرون عليها.
وأضاف: عندما تستخلص الموارد والجبايات، ولديك قوات أمنية تدير العاصمة، ولديك مؤسسات، واستطعت من خلال تحالفك مع الحكومة أن تحصل على سلطات ووظائف لبعض المؤسسات المهمة، ولكن في النهاية تتبرأ وتقول: أنا ليس لي علاقة بالخدمات، وتتهم الحكومة بالفشل!
وتابع: نحن في مشاريع متضاربة، والانتقالي يتحمل مسؤولية المناطق التي يحكمها، والتي يسيطر عليها، وهو الذي يأخذ الجبايات ويستخلصها، والمحافظون في هذه المناطق يتبعونه، وبعض المؤسسات المهمة، كوزارة الكهرباء، ووزارة الخدمة المدنية، وكثير من المؤسسات الحكومية تتبعه.
وأردف: ليس لديهم رؤية سياسية، ولا لديهم استراتيجية، والموضوع فقط هو أن نصل إلى سلطة معينة، ونحصل على عدد من الوظائف، ووزعوها بين الأقارب والأحباب والأبناء وأصحاب البلاد والقرية، وفي الأخير ضاعت الدولة.
وزاد: أنا أريد من محافظ عدن أن يقول لنا: فين إيرادات عدن؟ يخرج ويتكلم، ويقول: الإيرادات تأخذها مجموعة من العسكر أو مجموعة من المسؤولين الذين في الخارج، يأخذونها إلى جيوبهم.