تقارير

هاني.. طفل يعيش مع أسرته من ثمن "العُلب البلاستيكية" بصنعاء

26/04/2021, 21:03:21
المصدر : قناة بلقيس - كريم حسن

كانت الساعة تشير إلى تمام العاشرة صباحاً، عندما لمَحت الطفل "هاني منتصر" ذا الأحد عشر ربيعاً، داخل برميل القمامة في أحد أحياء العاصمة صنعاء، وهو يفتش عن عُلب الماء البلاستيكية المستخدمة، من بين أكوام المخلّفات. 

رفّ حُزن الطفولة من عينيه، وقد محت أشعة شمس النهار الحارقة من وجهه الأسمر بهجة الأيام، كانت ملابس هاني رثّة، ويفتقد لأبسط أدوات السلامة، كالوقاية من خطر الإصابة بالفيروسات، كون المكان خطِراً، حيث كان هاني يتواجد.

مُذ ثلاثة أعوام، ولج هاني سوقاً مُحرّماً عليه كطفل عُرف  بـ"عمالة الأطفال"، تلبيةً لرغبة والده العاطل عن العمل، وقسوة ظروفهم المعيشية. 

يقول لبلقيس: "أبي ما فيش معه عمل، وقلّي ضروري أخرج أشتغل، وأصرف عليه هو وإخوتي".

لقد ألبس الأب طفله هاني مسؤولية يكسوها ثوب المُعاناة اليومية، مبتدأها الثامنة والنصف صباحاً، ومنتهاها الخامسة عصراً.. حتى في أيام شهر رمضان المبارك، وهو يبحث عن عُلب الماء البلاستيكية الفارغة والمستخدمة وسط أكوام من المخلّفات وبراميل القمامة المخصصة لمختلف شوارع وأحياء العاصمة صنعاء، ويجمعها في "شوالات واسعة"، ومن ثم ينقلها ويبيعها لمحلات يقوم مُلاكها بشراء كثيرٍ من المواد التالفة، والمستخدمة. 

بذاك الجهد، الذي يبذله، يكون قد تمكّن من توفير احتياجات أسرته اليومية، التي تتكون من 5 أفراد، وهم: والداه، وإخوته الثلاثة. 

يقول هاني لبلقيس: "يوميا، أخرج الصباح، وأجمّع دِبب وأبيعها، وأشتري مصاريف لبيتنا".

 

يتحمّل الطفل ما لا طاقة له به، من التزامات أساسية لأُسرته، إضافةً إلى دفع الإيجار الشهري للمنزل الذي يسكنون فيه، إذ يستقطع 1000 ريال من عائده اليومي في مهمّة "جمع العُلب البلاستيكية المستخدمة وبيعها"، ما يخفف عنه كثيراً توفير إيجار المنزل، الذي يبلغ نحو 30000 ريال، ما يعادل 50 دولارا، سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية.

يبدو العائد، الذي يحصل عليه هاني ثمناً للقوارير التي يجمعها ويبيعها، ضئيلا. 

يقول هاني لبلقيس: "اللي أجمعهن طول اليوم أبيعهن بـ 3000 ريال"، أي ما يعادل 5 دولارات سعر الصرف في صنعاء.

وتتم عملية شراء العُلب المستخدمة عبر الوزن، إذ يصل سعر الكيلو الواحد نحو 80 ريالاً - وفقاً لمختار مالك أحد المحلات التي تشتري المواد البلاستيكية التالفة. 

وتتسرّب طفولة هاني نحو خسرانه لكل شيء، فهو الطفل الذي ترك تعليمه مجبراً، تحت وطأة وضغط الظروف المعيشية، وقسوة أب لا يرحم، تسلل الفشل إلى حياته، مواجهاً إياه بأعذارٍ واهية لا تمت إلى الواقع بِصلة. 

قال والد الطفل لبلقيس: "كنت أشتغل بقاعة أفراح، والآن ما عاد أقدر أشتغل، ولا معي أحد يساعدني إلا هاني ابني".

إذ تخلّى عن كافة التزاماته الأسرية، مقوّضاً مستقبل نجله هاني دون إحساس بمسؤولية ما يفعله، ليلتحق هاني بطابور طويل من أطفال اليمن، الذين انزلقت بهم ظروف الحياة والتواءاتها بصورة باكرة، نحو الهوة السحيقة، مختلفة الوسائل (عمالة الأطفال). 

وغدت طفولة هاني معاناة قد تبدو مُزمنة وخالية حتى من فرح الأطفال وبهجتهم. قال هاني لبلقيس: "ما عاد أحصِّل وقت ألعب فيه، أمشي الشوارع أجمع قوارير". 

"العنف، والتفكك الأسري، والتسرّب من المدارس"،  طُرق لعمالة الأطفال، في ظل استمرار الظروف المعيشية الصعبة في اليمن، بسبب الحرب الدائرة في معظم المناطق منذ أكثر من 6 أعوام، التي ألقت بآثارها السلبية على عددٍ كبيرٍ من الأطفال اليمنيين، حيث خسروا طفولتهم، وجعلتهم في مواجهة مباشرة مع معارك الحياة شديدة القسوة. 

الباحث الاجتماعي عقيل الحاج، البالغ من العمر 42 عاماً، يقول لبلقيس: "هناك عوامل كثيرة تترك الأطفال يذهبون إلى العمالة، أبرزها: التفكك الأسري، والعنف، والفقر، وفقدان عائل الأسرة، وغيرها. 

ونظراً لحالة الحرب، والتمزّق، والانقسامات الشديدة، تنعدم مراكز إعادة تأهيل الأطفال الذين انخرطوا في سوق العمل". 

ويضيف الحاج لبلقيس: "هناك آباء هم من يرسلون أطفالهم للعمل، غير مدركين تأثيرات ما يقومون به. إذ يتخلون عن تعليمهم، تحت ادعاء عدم القدرة على تعليمهم  والإنفاق عليهم". 

ويشير تقرير لمنظمة العمل الدولية إلى أن "نحو 1.4 مليون طفل يمني يعملون في مجالات مختلفة، معظمهم تحت تأثير العادات والتقاليد".

ولا تقتصر عمالة الأطفال على الذكور فقط من سنّ "6 ـ 11"، بل تشمل الفتيات صغيرات السنّ. 

ويشكل تسرّب الأطفال من المدارس أخطر الطرق نحو التحاقهم بسُوق العمالة. 

ونتيجة لعدم دِقة الإحصائيات بذلك، يُشار إلى أن "عمالة الأطفال تزداد يوماً بعد آخر، خصوصاً والبلد يعيش فقراً في ظل ظروف مضطربة". 

تقارير

محكمة تقضي بإعدام شاب يمني قتل مشرفًا حوثيًّا حاول الاعتداء عليه

لم يكن الشاب "أنس يوسف علي داوود الأحمدي" قد تجاوز السابعة عشرة من عمره، حين اهتزت العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي على وقع حادثة قتل غير مألوفة، راح ضحيتها أحد المشرفين للمليشيا وقائد أمن منطقتي منبه والرقو في صعدة، على خلفية اتهامات له بمحاولة اعتداء جنسي على الشاب القاصر.

تقارير

معركة ضد القرآن.. جريمة قتل الشيخ صالح حنتوس تكشف بشاعة مليشيا السلالة على حقيقتها

لم يكن الشيخ صالح حنتوس يحمل سلاحًا أو يقود جماعة مسلحة، ولم يُحرض على القتال، فهو رجل سبعيني كرّس حياته الطويلة لتعليم القرآن الكريم وتربية أجيال من أبناء اليمن على القيم التي تحفظ للإنسان إنسانيته.

تقارير

هل ينجح غروندبرغ في كسر الجمود وإعادة الملف اليمني إلى طاولة الحلول؟

تلوح أيادي مبعوث الأمم المتحدة بالتحية من اليمن مجددًا بعد زيارته أواخر مايو الماضي، إذ حط هانس جروندبرج رحاله في عدن على أمل تحريك الجمود السياسي القائم. لكن هذه الزيارة تبدو غير مباشرة، فميليشيا الحوثي ترفض استقباله، في حين تؤكد الأخبار أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي لا يزال رافضًا للقائه أيضًا، ليعود جروندبرج إلى عدن في ظل ظروف محلية وإقليمية مختلفة عن آخر مرة كان فيها.

تقارير

ما وراء إعلان "حلف قبائل حضرموت" تشكيل لواء عسكري جديد؟

تعيش محافظة حضرموت حالة حساسة من تعدد التشكيلات العسكرية ذات الولاءات المتنوعة، من قوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيًا، إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة، مرورًا بالوحدات الأمنية المحلية وكتائب حماية المنشآت، وختاما بتشكيل لواء عسكري وإعلان قيادة له من قبل حلف قبائل حضرموت.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.