تقارير
يحيى العرشي يستعرض، في برنامج "الشاهد"، مرحلة إنشاء المؤسسات الإعلامية وتدخلات السعودية والغشمي
يستعرض برنامج "الشاهد"، في حلقته الخامسة، مع الدبلوماسي والسياسي اليمني يحيى حسين العرشي، مرحلة إنشاء المؤسسات الإعلامية، في اليمن، واعتقالات الصحفيين في عهد الرئيس الحمدي، وتدخلات الغشمي والسعودية في الإعلام الرسمي.
- مرحلة إنشاء المؤسسات الإعلامية
يقول يحيى العرشي: "بتأسيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، في اليمن، شعرت بأنني أدّيت واجبا وطنيا مهما، في تأسيسه، وحينما استدعاني الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، في 1976م، تحدث معي حول الإعلام، وقال لي لقد أنجزت مهمتك في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وهو الآن يمارس دوره بشكل ممتاز، من الكفاءات والقدرات، وأريدك الآن لمهمّة تكوين أجهزة الإعلام".
وأضاف: "حدَّثني الحمدي حينها بأنه قد بدأنا في البث التلفزيوني، لكن حتى الآن لم ينشأ له الجهاز المناسب للعمل الإعلامي المرئي، وطلب مني أن اختار من أريد لأن يتسلّم من يخلفني في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، حتى يستمر كما تم تأسيسه، فوجدت نفسي أمام هذا المشوار الجديد، وهو مشوار تأسيس، كان يتطلب جهودا كبيرة فيما يتعلق باختيار من يتولى الأعمال في هذا المجال أو في الآخر".
وتابع: "لم يكن أمامي إلا أن أقبل بهذه المهمة بشرط واحد فقط، أنني اختار من أراه مناسبا في الإعلام، فقال لي الحمدي هذا الخيار وهذا الشرط، لك أن تختار من تريد للعمل في الإعلام، فقلت له العمل في الإعلام عمل حساس يختلف عن الجهاز المركزي، وبالتالي اختيار الأشخاص من المهم أن يتطلب شروطا معينة، قد تكون غير مقنعة لأطراف أخرى، لكن هكذا أريد أن أتجه في مجال الإعلام، فقال لي لك هذا".
وأردف: "بدأت المشوار في يناير 1976، مع تقديري لكل الجهود التي بُذلت ممن سبقني في الإعلام والثقافة؛ من ضمنهم عبدالله حمران، وأحمد دهمش، وأنا جئت خلفا لهم، وكان واجبهم، ولم يقصر أي زميل سابق في أي مكان من الإعلام والثقافة، ولكن الظروف تختلف من وقت لآخر، وهذا ما وجدت نفسي فيه في الإعلام، أنني أمام جهاز يتبع الجهاز الإداري للدولة، ويخضع للخدمة المدنية والإجراءات المالية، وهذا كان يثبط بعض النجاحات".
وزاد: "كان في الإعلام فقط إدارة الإذاعة، وإدارة التلفزيون، ووكالة سبأ، وصحيفة الثورة، بمعنى أن هذا النشاط ليس له هيكل إداري يديره، ويوفر له الإمكانيات، ويشكّل انبعاثا للعمل الإعلامي، بالإضافة إلى أن العمل الثقافي في بلادنا لم يكن له جهة معنيّة في الحكومة والدّولة، تعنى بالجانب الثقافي، لا سيما وأن الجانب الثقافي والموروث الحضاري يعتبر مقوما رئيسيا بالنسبة لليمن".
وقال: "كان قد سابق، في فترة من الفترات، تسمية وزارة دُمجت فيها الإعلام مع الثقافة، لكن لم ينشأ لها الجهاز، وأجهضت الفكرة من سنوات، في عهد أحمد قائد بركات".
وأضاف: "قلت للرئيس إبراهيم الحمدي إنه من الضروري أن نعطي اهتماما للجانب الثقافي، خاصة وقد أوليت اهتمامك في أن يكون في بلادنا مراكز ثقافية تعنى بالثقافة في المدن، وهذه بحاجة إلى إدارة ومن يشرف عليها وينظمها، وينشئ المباني اللازمة لها، فقال لي لك هذا".
وتابع: "كان أول مشوار هو إعادة تنظيم وزارة الإعلام والثقافة، ولحسن الحظ كان لدينا خبير من مصر، عكف على هذا الطلب، وتم إعداد قانون، بإنشاء وزارة للإعلام والثقافة، وإعادة تنظيم وزارة لتكون وزارة للإعلام والثقافة، أي أن تكون من قطاعين، قطاع الإعلام، وقطاع الثقافة، ولكل قطاع وكيل مختص، والوزير هو الذي يشرف على القطاعين".
وأردف: "القطاعات الإعلامية الأخرى كان بالضرورة أن ننشئ لها مؤسسات مستقلة، تخرج من جيب الإدارة الحكومية الضعيفة، لكي تنطلق كمؤسسات تشكل تطورا للعمل الإعلامي، مؤسسات مستقلة، مؤسسات لها مجالس إدارة مستقلة".
وزاد: "أنشئت ثلاث مؤسسات؛ المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، وكانت تعنى بالإذاعة والتلفزيون، ولها مجلس إدارة مستقل، يرأسها مدير عام المؤسسة، والرئيس الأعلى هو المجلس، ورئيسه هو الوزير، وهذا المجلس مكون من قيادات من داخل الوزارة ومن خارجها، حتى يكون هناك فعالية لخطط وبرامج العمل الإعلامي في مجال التلفزة وفي مجال الإعلام".
وقال: "أعد مشروع إنشاء مؤسسة الإعلام والثقافة إلى جانب قانون إنشاء وزارة الإعلام والثقافة".
وأضاف: "في الصحافة أنشئت مؤسسة عامة للصحافة والأنباء، للقسمين (صحافة وأنباء) لديها مجلس إدارة ومدير عام، ومدراء عموم مساعدون، مثلا: المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، فيها مدير عام مساعد للإذاعة، ومدير عام مساعد للتلفزيون، وكذلك في مؤسسة الصحافة والأنباء، هناك مدير عام مساعد للصحافة، ومدير عام مساعد للوكالة".
وتابع: "أمامنا أيضا قطاع السياحة، وهو قطاع مهم، وعملية استثمارية بالنسبة لبلادنا، وكما هو الحال في أن يكون للثقافة انبعاثة، لا بُد أن يكون للسياحة كذلك من يدير هذه المرافق، فأنشئت المؤسسة العامة للسياحة".
وأردف: "نظام المؤسسة يختلف عن نظام الهيئة، فنظام المؤسسة هو نظام مؤسسي مستقل، له مجلس إدارة، وله ميزانياته، وإيراداته للمؤسسة ذاتها، تصرف منه لدخلها، وتتعامل مع مصادر الدخل من إعلانات، وغيرها".
وزاد: "قدمت هذه الأربعة القوانين للرئيس الحمدي، وعرضها على مجلس القيادة، وصدر في الوقت نفسه قرار بإعادة وزارة الإعلام والثقافة، والقطاعات الأربعة، وتسمية وزير الإعلام والثقافة".
واستطرد: "في مجال الثقافة، أسس المركز الثقافي في صنعاء، وهو الوحيد، حتى الآن، وهو بتمويل قطري، ولأن بعض البلدان أعانتنا في هذا المضمار (قطر والإمارات)، عانتنا في قطاع التلفزيون".
وأشار إلى أن "مشروع التلفزيون كان من الإمارات يومها، وبالتالي تابعنا استمرار دعمهم لهذا المشروع في اليمن، وأعانتنا كذلك عُمان فيما يتعلق ببعض الإمكانيات، من أجهزة للمراكز الثقافية، وأنشئت مراكز ثقافية فيما يقارب من خمس محافظات (في صنعاء وذمار وتعز وإب وحجة، والمحويت)، وبعضها استأجر لها مقرات حتى يتم إنشاء مبان خاصة".
- تدخلات السعودية والغشمي بالإعلام الرسمي
يقول العرشي: "الغشمي كان مهيئا نفسه للحضور في الإعلام، في أخباره، وبالنسبة لي كانت سياسة الإعلام بأنه لا يجوز أن نحدث مراكز قوى جديدة، وعاد نحن خلصنا منها، ونبدأ من جديد!".
وأضاف: "هناك دولة، ورئيس دولة، ومؤسسات دولة، وأخبار القائد العام، تتعلق بنشاطه العسكري، ومن خلال التوجيه المعنوي، فالجهاز المدني يختلف عن المؤسسة العسكرية، لكن الغشمي كان حريصا بأن يكون بارزا في الإعلام، من وقت مبكر".
وتابع: "قلت للرئيس الشهيد الحمدي إن مراكز القوى أنت أنهيتها بإجراءات كلفتك الوقت والجهد، فلا يجوز أن تنشأ، وكان بالنسبة للغشمي شخص له طموح مبكر في الواقع".
وزاد: "أتذكر أنه، في حركة يونيو حينما قامت، كان كل شخص من أعضاء مجلس القيادة مكلفا بمهمة، وكان الغشمي مكلفا ببيت الإرياني، ومحمد أبو لحوم كان مكلفا بالإذاعة".
وأردف: "في لحظة معينة، حدث حراك قبل أن يعلن البيان، واشترط الغشمي أن يكون هو في الإذاعة، وأن يكون معنيا بالإذاعة، وأن يكون محمد أبو لحوم معنيا ببيت القاضي الإرياني".
وأوضح: "الغشمي كان مركزا على الإعلام، منذ وقت مبكر، وهذا بالنسبة لي كان يشكل شيئا من الإزعاج، كتدخل بالشأن الإعلامي، ومع هذا كنت امتصه بقدر الإمكان خلال الفترة".
وقال: "من فقدوا مساحتهم في الإعلام، بحكم التغيير، وجدوا فرصة أنهم يكونوا مع الغشمي، فوظّفهم في هذا العمل، فبقيت الإشكالية مع الأمن السياسي، ومع أحمد الغشمي".
وأضاف: "كذلك السعودية كانت طرفا ثالثا، حيث كانت، كأي بلد يدخل من الإعلام، تحاول أن تستمر كما كانت عليه بعلاقات مع أشخاص معينين في مجال معين، بالذات في الأنباء والصحافة، وهذا الموضوع أوقفناه، فانزعجت السعودية".
وتابع: "قلت للملحق الثقافي، الذي كان يتدخل في كل شيء، إذا أردتم أن تقدموا لليمن قدموا من خلال الوزير، ومن خلال المؤسسة والوزارة، لكن أن تتعاملوا مع أفراد معينين بذاتهم في العمل الإعلامي فهذا مرفوض".
وأردف: "هذا الموقف شكل إزعاجا للسعودية، بأنه لا تستطيع أن تتعامل مع الإعلام اليمني إلا من خلال أجهزة الإعلام، ومن خلال وزارة الإعلام".