مقالات

الدولة الوطنية وسؤال الجمهورية في اليمن(1/2)

24/08/2022, 07:43:03
بقلم : فهمي محمد

منذ ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م، التي أعلنت للمرة الأولى قيام النظام السياسي الجمهوري في تاريخ اليمن، وحتى عام 2022/م، الذي أصبح فيه اليمنيون بشكل عام أمام سؤال الجمهورية، نستطيع القول إنه -خلال هذه الفترة المقدرة بستة عقود من عمر اليمنيين وهي فترة وإن تميّزت بغزارة الأحداث السياسية والصراع البيني إلا أنها في المحصلة النهائية أصبحت خالية من تراكم الوعي المجتمعي النوعي فيما يتعلق بثقافة الفكر السياسي الحديث، أي ثقافة الدولة والديمقراطية والوطن الكبير، بعكس بقية الشعوب التي خاضت تجربة الحروب والصراعات السياسية، ولكن ذلك دفعها بشكل إيجابي إلى مسألة الوقوف على سؤال المستقبل- أصبح طريق الوصول إلى السلطة السياسية يقوم على عد الرؤوس وليس على قطعها، أو هكذا يقول الباحث علي خليفة الكوري في تعريفه للديمقراطية الحديثة.

سؤال الجمهورية المخيف والمتجدد الآن أمام اليمنيين، وإن كان يمتد جذرياً - في طرحه السياسي والاجتماعي - إلى سبعينات القرن الماضي، خصوصا في شمال اليمن، إلا أنه ظل بدون إجابة سياسية حتى مع دخول اليمن الموحّد عصر الألفية الثاني الذي أصبح شاهدا على قدرة الكثير من شعوب العالم على نجاعة إجاباتهم السياسية والاجتماعية القادرة على التعاطي الناجح تجاه أسئلة الفكر السياسي الحديث ومتطلبات الإنسان في هذا العصر، الأمر الذي جعل من سؤال الدولة والجمهورية والقبول بالآخر بالنسبة لهؤلاء مجرد أسئلة بديهية لم تعد محل خلاف، لأنها تتعلق بمصالح الشعوب بعد أن أصبحت هذه الأخيرة هي مصدر السلطة وصاحبة السيادة الوطنية. 

هذا الامتداد المعقّد والمتوارث من أحداث قرنين، بخصوص وجاهة سؤال الجمهورية، الذي أصبح اليوم متشعبا أكثر من اللازم على المستوى السياسي والاجتماعي مع سيطرة مشروع الحركة الحوثية الانقلابية في الشمال، ناهيك عن سؤال «الجمهورية اليمنية» على المستوى السياسي الجغرافي الوحدوي بين الشمال والجنوب مع بروز مشروع الانتقالي في جنوب اليمن، لا يعكس حقيقة فشل اليمنيين جميعاً في تقديم إجاباتهم الناجعة، بما يعني إسقاط مشروعية طرح سؤال الجمهورية المركّب على طاولة الحاضر فحسب، بل يعني أن هذا السؤال سيظل قائماً ومطروحا على طاولة الأجيال المتعاقبة، طالما وهو بمنطق الخصوصية اليمنية التاريخية الصراعية، نتيجة طبيعية مترتّبة على هزيمة مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية منذ ثورة سبتمبر وحتى اليوم، رغم نجاح الفعل النضالي في صناعة الفرصة التاريخية السانحة أمام اليمنيين خلال تجربة الثورة والسلطة الممتدة خلال سته عقود. 

بمعنى آخر، تحقيق نجاعة الإسقاط الجذري لسؤال الجمهورية المقلق من على طاولة الفعل السياسي، سواء في الحاضر أو المستقبل، سيظل مرتبطا بقدرة اليمنيين على تحقيق الانتصار التاريخي لفكرة الدولة الوطنية الديمقراطية، وبدون تحقيق مثل هذا الانتصار الوطني سيظل الخرق السياسي والاجتماعي والجغرافي، وحتى الثقافي في سؤال الجمهورية، يتسع على الراقع، في مستقبل اليمنيين.

الفكر السياسي الحديث لا يجعل من فكرة الدولة والجمهورية مسألة سياسية متلازمة بالضرورة في أي مجتمع، أي ضرورة "تحايث" الوجود السياسي في الزمان والمكان لفكرة الدولة والجمهورية، على سبيل المثال: بريطانيا ملكية وليست جمهورية، لكن الدولة الوطنية الديمقراطية موجودة فيها منذ قرون، وعلى العكس من ذلك سنجد في العالم الثالث جمهوريات عديدة خالية من أي وجود لمعنى الدولة الوطنية الديمقراطية، إلا أن خصوصية تجربة الثورة والسلطة في اليمن منذ سبتمبر وأكتوبر جعلت من فكرة الدولة وفكرة الجمهورية حالة سياسية تكاد تكون متلازمة، وإن كان ذلك ظل خارج وعي الكثير من النخب السياسية اليمنية بخصوص إشكالية هذا التلازم السياسي، الذي تتطلبه فكرة التغيير تجاه الخصوصية اليمنية، لا سيما وأن حضور الدولة الوطنية الديمقراطية في اليمن سيجعل منها -أي الدولة- حالة سياسية واجتماعية وقانونية موضوعية ضامنة لاستمرار المشروع الوطني للجمهورية اليمنية، ماذا يعني ذلك؟

مقالات

أيُّ مستقبل للحوثيين بعد حرب إسرائيل وإيران؟

بتهديداتهم المتكررة وغير الواقعية أو العملية، لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، وحتى التلويح باستهداف بعض دول الجوار، يضع الحوثيون أنفسهم في مواقف لا يُحسدون عليها، ليس فقط من جهة ردود فعل تلك القوى الدولية في حال تكررت مغامراتهم باستهدافها مباشرة أو من خلال التعرض لسفنها في خطوط الملاحة المارة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ولكن أيضاً لكون تلك التهديدات باتت تُثير السخرية والتندّر لدى كثير من الأوساط في تلك الدول.

مقالات

غزَّة أولاً

حرب الإبادة على غزة، وصمود شعبها، فيه تقرير مصير أمَّتِنَا العربية، ومستقبل سيادتها على أرضها.

مقالات

"خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء" (2)

في أول اجتماعٍ حزبي كنا خمسة أو ستة أعضاء، ولم يكن بينهم أحد من قريتي، لكن خوفي كان قد تبخّر، وكان المسؤول الحزبي شخصاً في غاية اللطف، يقول كلامًا بسيطًا عن الظلم والعدالة وعن الحزب، وكنت قد بدأت أستلطفه.

مقالات

الحوثي.. وحشية بلا هوادة تفتت النسيج اليمني

لم يعد بيننا وبين الحوثي مساحة يمكن البناء عليها. لا رابط نقي يمكن ترميمه، ولا أرضية أخلاقية تصلح لحوار. ما فعله بهذه البلاد تجاوز حدود الخلاف، هوى بها إلى درك من الوحشية والتفكك، مزّق النسيج الاجتماعي، وحوّل الروابط إلى رماد. ارتكب مجازر لم توثقها كل الكاميرات، وقتل الآلاف بدم بارد. مارس انتهاك الكرامات، وسحق الحقوق، وزرع الخوف داخل كل بيت. من السجون خرجت صرخات لا تجد من يصغي، ومن البيوت خرج الناجون بلا ذاكرة، محملين بألم لا يُحتمل. لا يمكن توصيف الحوثي كجماعة مسلحة فقط، هو منظومة متكاملة لصناعة الرعب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.