مقالات

غزَّة أولاً

05/07/2025, 17:50:51

حرب الإبادة على غزة، وصمود شعبها، فيه تقرير مصير أمَّتِنَا العربية، ومستقبل سيادتها على أرضها.

تصعيد الإبادة بالقصف والتجويع والتقتيل هَدفُهُ إعادة احتلال غزة كلها، وتهجير الغزيين إلى مصر أو أيِّ منطقة أخرى، وضمّ الضفة الغربية للكيان الإسرائيلي، وتهجير مواطنيها بالدرجة الأولى إلى الوطن البديل (الأردن)، والعراق، وسوريا.

زيارة نتنياهو لأمريكا يعني الاحتفال بالانتصار على إيران، ولكن أوضاع ما بعد إيران، واستمرار حرب الإبادة في غزة والضفة الغربية هي ما يواجه ترامب ونتنياهو. فالمهمّ الآن، وبالدرجة الأولى، تصفية القضية الفلسطينية، وتسليم غزة إلى مالك «ريفيرا». أمَّا اتفاق الهدنة الجديد فاستراحة محارب؛ لاستكمال تهيئة الأوضاع لتصفية القضية الفلسطينية، وإرغام دول الجوار على قبول الفارين من الجحيم، وإجبارهم على دفع أتعاب وتكاليف حرب الإبادة.

الشرق الأوسط جاهز، والمعيق الحقيقي في المنطقة كلها هو الفلسطيني والغزي الرافض للموت، والاستسلام، والفرار من الجحيم.

في خمسينات وستينات القرن الماضي، جَرَى التخويف من الشيوعية والشيوعيين، وجرى دعم الإسلاميين، ثُمَّ الغدر بهم، ويجري الآن التخويف بهم.

بعد الثورة الإيرانية 1979 صُوِّرَ الصراع وكأنه عربي- فارسي، وسني- شيعي، وبعد القضاء على النفوذ الإيراني والحرب عليها، فإنَّ المهمة الأبرز أمام الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء نتنياهو في اللقاء المرتقب هي الخلاص من القضية الفلسطينية واستكمال احتلال غزة والتهجير.

مِنْ الخَطَل الاعتقاد بأنَّ إسرائيل مُجَرَّد أداة أمريكية فحسب، وخطأ أكبر الاعتقاد أنَّ نتنياهو مجرد تابع لترامب، أو هما: السيد بونتيلا، وتابعه ماتي، أو السيد علي التبريزي، وتابعه قُفَّهْ في الأدب العربي. فإسرائيل طرف أساس في تحالف صهيوني رأسمالي أمريكي، وأكثر من ثلاثمئة ألف من المسيحيين الإنجيليين في أمريكا لديهم اعتقادات صهيونية، واللوبيات المؤثرة في الانتخابات الأمريكية شديدة التأييد لإسرائيل؛ وبالأخص «إيباك»، والمجموعة المحيطة بترامب من مؤيدي إسرائيل؛ فترامب ونتنياهو حليفان، وجذرهما الاجتماعي يحكم أمريكا.

أمَّا أوروبا الاستعمارية فتعتبر إسرائيل امتدادها الحضاري وضمان نفوذها السياسي، وما قاله المستشار الألماني فريدرتش ميرتس مِنْ أنَّ إسرائيل تخوض الحروب القذرة نيابةً عن أوروبا - له دلالة مهمة.

لقاء ترامب ونتنياهو القادم قد يتناول قضايا عديدة، ولكن الأهم تصفية القضية الفلسطينية، وفرض التهجير، وترتيبات الشرق الأوسط الجديد بغرض التطبيع الإبراهيمي، وفرض النفوذ السياسي الإسرائيلي على المنطقة كلها، والقضاء على النفوذ الإيراني، والحد من نفوذ تركيا وتقليص وجودها.

تريد إدارة ترامب أن تعيد - هي وإسرائيل - صياغة الشرق الأوسط الجديد الذي تهيمن فيه إسرائيل بشكل مطلق على الشرق الأوسط وتكون القوة الوحيدة.

ويقينًا، فإنَّ فوائد وعوائد الثروة النفطية ستكون ثمن الحماية لإسرائيل، كما أنَّ قَطْع الطريق على طريق الحرير الصيني، وفتح قناة بن غريون بدل قناة السويس مِنْ مهام الشرق الأوسط الجديد.

اللقاء القادم بين مجرمي الحرب: ترامب، ونتنياهو، والاتفاق الجديد هدنة مؤقتة، وهندسة لتحقيق استكمال احتلال غزة، وطرد فلسطينيي الضفة، وفرض التهجير، وقيام الدولة اليهودية من النهر إلى البحر.

خطيئة المفاوض الحمساوي، والوسيطين: المصري، والقطري القبول بتجزئة الحل، وتقسيط الإفراج عن الرهائن. فنتنياهو هدفه إبقاء الأسرى؛ لإطالة أمد حرب الإبادة حتى مجيء ترامب في المرحلة الأولى، ومِنْ ثَمَّ الاستمرار في حرب الإبادة، واجتياح مختلف مناطق غزة، وتصعيد القصف، والإمعان في التدمير، ومضاعفة أعداد القتلى والمعاقين والمشردين، ومنع كل مستلزمات الحياة؛ وصولاً إلى تشكيل لجنة «المساعدة الإنسانية» الإسرائيلية الأمريكية؛ لاستكمال حرب الإبادة ضد الجوعى الفلسطينيين، وقد تجاوز قتلاهم أكثر من ستمئة قتيل وآلاف الجرحى، ولا يزال الدم يجري.

لا يختلف ترامب ونتنياهو وفريقهما عن مجرمي الحرب عبر التاريخ: جنكيز خان، أو هولاكو، أو موسليني، أو هتلر، أو ستالين، أو بينوشيت، أو النميري، أو بول بوت، أو بوكاسا - آكل لحوم الأطفال. وهما حريصان على تقديم الأسرى كضحايا لتبرير إبادة الغزيين وتشريدهم وتهجيرهم وتسليم غزة كعقار للسِّمْسَار ترامب وتحويل الضفة إلى مستوطنة إسرائيلية بعد تهجير أهلها.

قصة الأسرى هي قصة الحرب. ففي حين أرادها نتنياهو ذريعةً لشن حرب الإبادة، والاستنقاع في السلطة، وإدامة تحالفه مع اليمين التوراتي الصهيوني، وتأييد أمريكا المطلق وأوروبا الاستعمارية، واستدرار التعاطف الدولي، وتحشيد الرأي الداخلي؛ فقد أرادت المقاومة بقيادة حماس مِنْ وراء الطوفان إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، وفك الحصار عن غزة، ووقف الاستيطان.

كان الخطأ أو الخطيئة انصياع المقاومة لأهواء ومكائد نتنياهو في تجزئة الحل، وتقسيط الإفراج عن الأسرى، والتخلي عن الحلّ الشامل. ورغم أنَّ المقاومة قد طرحت منذ البداية الإفراج الكلي عن الأسرى إلا أنَّ الطرف الإسرائيلي كَانَ حَريصًا على التجزئة، وإطالة أمد بقاء الأسرى؛ لتحقيق الهدف الأساس: التطهير العِرقي، والتهجير.

وللأسف، فإنَّ الوسطاء: المصريين، والقطريين رُبَّمَا لم ينصحوا الطرف الفلسطيني بالإصرار على الحل الشامل، والإفراج عن الأسرى دُفْعةً واحدة.

العنوان الرئيس للقاء ترامب ونتنياهو: الاحتفال بالانتصار على إيران وتصفية نفوذها، لكن «لُقْمَة الخَانُوق» أو «كَعْب أخِيلْ» في انتصارات صُنَّاع الحرب هي غزة، وما التفاوض المكرور إلا لُعْبَة إلهاء وإغواء عن استمرار حرب الإبادة، والإصرار على التطهير العرقي والتهجير.

مبادرة نتنياهو المُقدَّمَة، منتصف العام 2024، التي تبناها بايدن لا تزال تتناسل، ومبادرة ترامب لا تختلف في جوهرها عن مبادرة نتنياهو التي تكرر انقلابه عليها. فالمهم لدى ترامب هو تحقيق الأهداف الرئيسية للحرب.

مقالات

"خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء" (2)

في أول اجتماعٍ حزبي كنا خمسة أو ستة أعضاء، ولم يكن بينهم أحد من قريتي، لكن خوفي كان قد تبخّر، وكان المسؤول الحزبي شخصاً في غاية اللطف، يقول كلامًا بسيطًا عن الظلم والعدالة وعن الحزب، وكنت قد بدأت أستلطفه.

مقالات

الحوثي.. وحشية بلا هوادة تفتت النسيج اليمني

لم يعد بيننا وبين الحوثي مساحة يمكن البناء عليها. لا رابط نقي يمكن ترميمه، ولا أرضية أخلاقية تصلح لحوار. ما فعله بهذه البلاد تجاوز حدود الخلاف، هوى بها إلى درك من الوحشية والتفكك، مزّق النسيج الاجتماعي، وحوّل الروابط إلى رماد. ارتكب مجازر لم توثقها كل الكاميرات، وقتل الآلاف بدم بارد. مارس انتهاك الكرامات، وسحق الحقوق، وزرع الخوف داخل كل بيت. من السجون خرجت صرخات لا تجد من يصغي، ومن البيوت خرج الناجون بلا ذاكرة، محملين بألم لا يُحتمل. لا يمكن توصيف الحوثي كجماعة مسلحة فقط، هو منظومة متكاملة لصناعة الرعب.

مقالات

فؤاد الحِميري: فبراير الذي لا يموت

عندما تتأمل قصائد وكتابات وأشعار فقيد الوطن وأديب فبراير، الأستاذ الثائر فؤاد الحِميري، تجد أنها جميعًا تصب في ينابيع مبادئ الحرية والكرامة ومقاومة الظلم. هذه المبادئ هي ذاتها الأهداف السامية لثورة 11 فبراير، ثورة الشباب السلمية اليمنية، التي كان الحِميري أحد أبرز شبابها وشاعرها الملهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.