مقالات
الوحدة اليمنية يتيمة بين المتقاربين
في مشهدٍ لافتٍ وغير مسبوق، تراجعت مظاهر الاحتفاء بذكرى قيام الوحدة اليمنية. يحل عيدها الـ35 وسط حالة من التجاذبات والاستقطابات داخليًا وخارجيًا، انعكست سلبًا على مستوى الاهتمام المطلوب بمنجز وطني وتاريخي بقيمة وحجم الوحدة اليمنية.
في سياق التقارب الحاصل بين قيادات المجلس الرئاسي، بات ملحوظًا - ولو نسبيًا - تغيُّر منهجية التنابز الإعلامي بين منابرهم ومنصاتهم، وذلك تحت عنوان التقارب وتوحيد الصف ضد خصم كل اليمنيين، وهو الانقلاب الحوثي. غير أن الملاحظ أن التقارب، مثلًا، بين مكونات وتيارات سياسية وحدوية في تأسيسها وخطّها مع مكونات تتبنى مشروع الانفصال، انعكس سلبًا على مستوى الاحتفاء الإعلامي والشعبي والرسمي المعهود بذكرى الوحدة المجيدة. وهي خطوة يراها البعض تصب في مصلحة خصوم الوحدة أكثر من كونها اتفاقًا وطنيًا يُفترض ألا يكون على حساب المبادئ والثوابت الوطنية.
إعلاميًا وسياسيًا، بل وحتى على المستوى الشخصي لقيادات رسمية طالما عُرفت بوطنيتها ووحدويتها، ثمة تراجعٌ وغيابٌ لافتٌ يثير كثيرًا من الغرابة عن هذا التحوّل المُستغرَب. كما يبدو، لم يبقَ للوحدة إلا بعض الاهتمام في الإعلام الحكومي والرسمي، على عكس ما كان عليه الوضع قبل سنوات، حيث كانت تُخصص حملات وأيام وبثوث مفتوحة، ويتسابق الجميع في التعبير عن احتفائهم بها.
صارت الوحدة مجرد مناسبة وطنية عابرة يُحتفل بها رمزيًا، كما لو كانت عيد ميلاد في بعض المصالح الحكومية، أو بحفل فنيٍ وخطابي عادي في فقراته ومظاهره، من باب إسقاط الواجب في بعض المؤسسات والسفارات.
وبالمقابل، تحاول المليشيا الانقلابية في صنعاء ادعاء الوطنية ببعض البرامج الإعلامية وبعض المظاهر الشكلية التي لا يمكن مقارنتها من حيث الاحتفاء بأعيادهم الخاصة.
وبين هؤلاء وأولئك، يبدو عيد الوحدة هذا العام أضعف من سابقه بشكل مؤسف وعلى نحوٍ محزن.