مقالات

بلدٌ.. راح واستراح!

24/10/2021, 09:13:49
المصدر : بلقيس - خاص

منذ اندلاع الحرب في 2015، وتواتُر تداعياتها الرهيبة والمرعبة حتى هذه اللحظة، راح العام يمتزج بالخاص على صعيد الفجيعة في فضائي الشخصي.

عدد غير قليل من أعز الأصدقاء، وأروع الزملاء، وأفضل الرفاق إما ذُبحوا بمنجل شيطان هذي الحرب، وإما انتحروا بصور شتّى ولظروف شتى، وإما ارتحلوا فجأة عن هذه الدنيا لمرض غاشم أو لسبب غائم، وإما ماتوا فيما لا يزالون على قيد الحياة.. وكان آخرهم ثلاثة من أعزّهم رحلوا في أسبوع واحد: أبوبكر باذيب، حسن القاضي، وحسين السُفاري.

فجأة يشعر المرء أن لا حدَّ فاصلاً أو لا برزخَ حقيقياً بين الحياة والموت، وبالذات في بلد كهذا يُعَدُّ الحي ميتاً فيه لا محالة، ولو كانت لديه قوة هرقل وثروة قارون وجمال يوسف وحكمة لقمان ودهاء معاوية!

لعمري كدت أُجَنُّ يوماً وأنا أسمع لأحد مليونيرات هذا البلد وهو يشكو لي حالة النكد التي تعتريه فيما هو مقيم هنا، وكيف يسارع إلى السفر إثر كل شهرين أو ثلاثة أشهر بالكثير لكي يشعر بأنه لا يزال على قيد الحياة!

...

إن اليمن هو البلد الوحيد الذي تسمع فيه عبارة "راح واستراح"، كلما جاء نبأ رحيل أحدهم عن الدنيا!

ويكون رحيل المرء أحياناً راحة له ولأهله، إذا كان قد وقع ضحية مرض عضال لا يقوون معه على سداد مصروفات علاجه الفادحة، بل تكون أحياناً كُلفة الدفن والعزاء أكثر وأكبر من طاقتهم!

ففي هذا البلد، حيث الفقر المدقع - الذي استفحل جراء هذي الحرب ويتباهى بجبروته الذي يُنابِز جبروت الحرب نفسها - يغدو الموت فوزاً عظيماً للخلاص من كلفة القوت والدواء.

وفي إمكانك أن تعيش - على النحو الأدنى من العيش - في هكذا بلد، شريطة أن لا تأكل ولا تشرب ولا تلبس ولا تتطبّب ولا تسكن بالإيجار أو تدفع مصروفات مدارس ووسائل نقل، وحبذا لو امتنعت عن استخدام سائر الحواس.. وعن الحلم أيضاً فضريبته في هذا البلد باهظة!

...

إن من غضب الله وغبطة الشيطان أن يُبتلى هذا الشعب المنكوب منذ انهدام السدّ بنُخب حاكمة ومُتحكمة لم يخلقها الرب من طين وماء كباقي البشر، إنما خلقها من روث الطيور وفضلات البهائم المدهون بزبدة الأفاعي والسحالي والمغموس في دَبَس الجنّ والمنقوع في نبيذ الجحيم.

سيأتي في هذي اللحظة وغدا سقيم ليقول لي: لا تكفر!.. ويتعامى هذا الأحمق عن حقيقة أننا نحيا الكفر الخالص حتى النخاع في كل لحظة تمر علينا، ونحن نقيم في هذا البلد.

انظر حولك وأخبرني إن كنت ترى شيئاً واحداً يشير إلى أننا نعيش كباقي البشر..

انظر حولك وأخبرني إن كنت تعتقد بأن حكامنا وساستنا لهم أدنى علاقة بصفة واحدة من الصفات الآدمية المتعارف عليها في قاموس الإنسان وناموس الإنسانية..

انظر حولك وأخبرني إن كنت تعتقد بأنك قادر على الابتسام - مجرد الابتسام - كلما تطلَّعت إلى وجهك في المرآة.. 

أنت تدري جيداً ما الذي تشعر به كلّما تطلَّعت إلى وجهك في المرآة. فلا تضحك عليَّ.. ولا على نفسك!

مقالات

الوطن، الوثن.. وسارق الأحذية!

أحتاجُ إلى فُسحةٍ من التبصُّر الذاتي، أو قَدْرٍ من السلام الروحي، لتبيان الفرق بين الوطن والوثن، فقد تشابه الوطن عليَّ (أَمْ تُراه تشابه الوثن!) حتى بات الأمر ضرباً من الهُلام المتداخل بين قرص الشمس المجوسية وروث البقرة الهندوسية، يسقط هذا في نتن ذاك، أو ينأى هذا في الوعي ليصبح في هيئة ذاك في الوجدان!

مقالات

البكاء بين يدي مدينة تعز!!

لم تعد تعز تلك المدينة، التي نعرفها، لقد أضحت مدينة حزينة ذليلة باكية، رغم كل ما يحيط بها من جمال الطبيعة وعبقرية المكان، أضف إلى ذلك عبقرية الناس الذين يعيشون فيها بشكل متجانس منذ حُقب بعيدة، فهي مثلها مثل صنعاء وعدن من حيث التجانس بين فئات كثيرة من كل أنحاء اليمن

مقالات

مطهر الإرياني.. الشاعر الذي راكم على تغريبة اليمني وحكمة الفلاح وإرثه (1-2)

في كتابنا (الهجرة والمهاجرون في أدب اليمن - 2023 )، خصصنا مساحة لقصيدة "البالة" لمطهر الإرياني بوصفها أحد العناوين الصريحة لهذا النوع من الكتابة الشعرية الملتحمة بتغريبة اليمنيين الكبرى، وهي الهجرة، وقد حازت على شهرتها الواسعة بواسطة عملية التلحين والغناء التي قام بها الفنان "علي عبدالله السمة".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.