مقالات

ثورة سبتمبر.. معركة اليمن ومصر ضد الاستعمار والرجعية( 1-2)

03/10/2020, 10:02:03
بقلم : محمد صلاح
المصدر : خاص

‏كانت المخاطر الخارجية، والتدخل الأجنبي للاستعمار البريطاني وحلفائه في الجنوب، والرجعية العربية بقيادة السعودية والأردن، ضد ثورة سبتمبر، تشكل الخطر الحقيقي على ثورة سبتمبر، بينما ظهر الموقف الداخلي متماسكا ومؤيداً للثورة منذ صبيحة اليوم الذي أعلن فيه البيان الأول لقيام النظام الجمهوري، بحيث لم تشرق شمسه إلا وقد كانت المظاهرات المؤيدة للثورة تجوب مدينة صنعاء.

‏خلال الإعداد لقيام ثورة سبتمبر ودراسة الأخطار التي قد تواجهها الثورة في حال انطلاقها واقتلاعها للنظام الإمامي، كان تنظيم الضباط الأحرار، بعد مراجعة أسباب فشل ثورة 1948، وحركة الجيش عام 1955م، قد أيقن أن الموقف العربي له دور مؤثر على أي تحرك في اليمن يستهدف تغيير النظام الملكي الإمامي، وإقامة  النظام الجمهوري، وكان على يقين بأن الرياض، ومعها بريطانيا، سيكون لهما موقف مناهض ومعارض، وقد قالها الأمير فيصل صراحة حين كان وليا للعهد للقاضي عبدالرحمن الإرياني عام 1960 حينما دار الحديث بينهما حول التغيير في اليمن حيث قال الأمير: "لنا شرط واحد وهو أن لا تعلنوا الجمهورية، فإذا أعلنتموها فإنني أقول لك من الآن بأنّا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنحارب حتى النهاية »، ولذلك فقد كان تفكير الضباط الأحرار، وبقية القوى الوطنية في مراسلة عبدالناصر ودعمه لمساندة الثورة اليمنية يهدف بالأساس إلى الوقوف مع الثورة ضد التدخل الخارجي، وليس لحسم الموقف الداخلي.


‏لقد كانت جميع القوى في اليمن، ومعها المجتمع، مهيأة نفسيا ومعبأة ضد النظام الإمامي، وكان الجميع ينتظر سماع الطلقة الأولى، وموعد انفجار الثورة، وإعلان قيام النظام الجمهوري. فخلال الأعوام الثلاثة التي سبقت ثورة سبتمبر كان النظام الملكي الإمامي قد خسر جميع المناصرين له، والمخدوعين به، واستنفد كل مخزونه في التضليل على الشعب، ومقدرته في التلاعب على تناقضات القبائل، حيث فقد خلال تلك السنوات ثقة القبائل، ومساندة الجيش، وكان لسياساته العابثة في ضرب الجيش بالقبائل تارة، وتارة أخرى ضرب القبائل بالجيش، وتأليب قبيلة ضد الأخرى، قد أقنع الجميع بضرورة الخلاص منه، ولم يعد لديه سوى شراذم من المنتفعين والمحيطين به من الأسرة الحاكمة، وقلة من الشخصيات الانتهازية، وبقايا العكفة المحيطين والمتواجدين في منازل الأمراء من بيت حميد الدين.


‏وصلت عبد الناصر في منتصف أغسطس 1962 رسالة قائد تنظيم الضباط الأحرار علي عبد المغني، حول استعداداتهم للقيام بثورة، وخشيتهم من التدخل الخارجي ضدها، وإمكانية مساندة مصر لليمن ضد أي عدوان أجنبي، وكان رأي جمال أنه "لا يتوقع معارضة داخل اليمن لأي انقلاب يقع فيها ضد حكم الإمامة، وأما عن الأخطار الخارجية، فهو على استعداد لأن يتصور احتمالاتها من مصدرين: الأول هو السعودية، وكان في تقديره أن الملك "سعود" مشغول بمشاكله الداخلية عن أي شيء يمكن أن يحدث في اليمن، وأمام المصدر الثاني للخطر فهو الاستعمار البريطاني في عدن، وهو بدوره مشغول بالثورة التي تقودها نقابات العمال وعمال المصفاة في الميناء الاستراتيجي الحساس" [محمد حسنين هيكل سنوات الغليان ص 621 – 622].

‏لكن ما جرى صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، والانفجار اليمني الذي هز الجزيرة العربية في ذلك اليوم، كان قوته أكبر من أي حدث عرفته المنطقة من قبل، بحيث دفع سعود والبريطانيين ومن معهم من حلفائهم للالتفات إليه، والعمل على الالتفاف عليه، وتنسيق الجهود لمواجهته، والوقوف ضده.
‏خلال الأيام الأولى لقيام ثورة سبتمبر بدأ التنسيق الاردني السعودي لمواجهة ثورة اليمن. فلقد عارض الملك حسين قيام الثورة اليمنية وأعلن في برقية أرسلها إلى الإمام محمد البدر يوم 27 أيلول 1962 بأن المملكة الأردنية الهاشمية على أتم الاستعداد للوقوف إلى جانبه من أجل استعادة عرشه، وأكد له بأنه سوف يعمل في شتى المجالات والميادين من أجل وضع حد لكل المحاولات الرامية إلى هدم النظام الملكي في اليمن الشمالي" [التنسيق الأردني السعودي لمواجهة ثورة اليمن محمد عماد رديف].


‏وفي الأول من أكتوبر 1962 أرسل الأردن بعثة عسكرية برئاسة قائد الجيش الفريق حابس المجالي إلى مدينة جدة بقصد تنسيق المواقف والإمكانيات والاتصال مع الإمام البدر والبحث في إمكانات تقديم الدعم له في صراعه مع الثوار" [محمد عماد رديف المصدر السابق]. كما أرسلت المملكة الأردنية سرب طائرات إلى السعودية والمرابطة في نجران، ومعها أيضا وحدات من جيش البادية.
‏ويوم الثاني من أكتوبر 1962 حطت في مطار ألماظة العسكري بالقاهرة طائرة سعودية تحمل الأسلحة والذخائر لدعم المرتزقة المعادين للثورة اليمنية والتي كان مركز تجمعهم في نجران، وفي اليوم التالي 3 أكتوبر حطت طائرة سعودية أخرى في مطار أسوان محملة بالأسلحة والذخائر لدعم المرتزقة، حيث رفض طياروها أوامر القيادة في المملكة، وذهبوا بطائراتهم إلى مصر، للتعبير عن مساندتهم للثورة اليمنية، وللموقف المصري المناهض للاستعمار، وبعدها بفترة أيضا رفض بعض الطيارين الأردنيين تنفيذ أوامر الجيش الملكي الأردني في إيصال المساعدات العسكرية إلى أعداء الثورة اليمنية، وعوضا عن ذلك حطوا بطائراتهم على أرض مصر، وكانت المفاجأة في وصول قائد القوات الجوية الأردنية على إحدى الطائرات التي وصلت إلى إحدى القواعد العسكرية المصرية، وكانت هذه المواقف تفضح الدور السعودي والأردني ضد ثورة سبتمبر قبل أن يصل أي دعم مصري لليمن. 


‏وفي بداية أكتوبر سنة 1962 طار إلى لندن الملك حسين، وقابل رئيس الوزراء ماكميلان "وقال إنه جاء يتكلم باسم آخرين في العالم العربي"، بحسب محمد حسنين هيكل، وكان هدف اللقاء التنسيق والعمل ضد ثورة اليمن، وكان رد ماكميلان على الملك أن هذه هي أيضا معركة الإمبراطورية.
‏وخلال الأسبوع الأول للثورة سارعت بريطانيا بنقل الاسلحة إلى بيحان، وإرسال الذخائر للعمل من أجل إجهاض الثورة خشية أن يمتد نفوذها إلى المناطق الشرقية، بحيث وصلت إلى إمارة بيحان كما يقول العميد أحمد علي محسن "مجموعة من البريطانيين بصورة علنية وواضحة وعقدوا اجتماعات مع حاكم بيحان الشريف حسين الهبيلي وابنه الامير صالح، ومنهم من عاد إلى عدن، ومنهم من مكث في إمارة بيحان وخلال48 ساعة من عودتهم إلى عدن وصلت كميات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر نقلتها طائرات نقل عسكرية بريطانية مع عدد من سيارات الجيب نوع (لندروفر) حجم صغير، ووصلت إلى منطقة (الشقة) الواقعة جنوب غرب عسيلان, التي نزلت فيها الطائرات بكل سهولة".


‏وأمام كل هذه الاستعدادات السريعة من قبل الرجعية والاستعمار للتآمر على ثورة اليمن من الخارج، وجدت مصر نفسها مطالبة بتلبية نداء الثورة اليمنية لمساندتها في معركتها ضد التدخل الخارجي الذي يستهدف ضرب الثورة، "ولم يكن ممكناً لعبدالناصر أن يثابر على تحفظه على التدخل بعد مناشدة الثوار له أن يحميهم ضد التدخل الخارجي في وقت بدا فيه أن منحنى السياسة العربية لمصر ينكسر في أعقاب الانفصال السوري في ١٩٦١ ومثل تصحيح هذا الانكسار بعمل جسور في بلد يلاصق قواعد الاحتلال البريطاني في الجزيرة العربية فرصة ذهبية آنذاك" أحمد يوسف أحمد.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.