مقالات

حكاية غرام

27/04/2024, 12:37:28

كان الوقتُ عصراً، حين انتهى أعضاء فريق المشي وتسلّق الجبال من تناول طعام الغداء في مخيمهم، الذي أقاموه عند منابع المياه الدافئة في "عيون سردد" بمحافظة المحويت.

وكان من عادتهم أن يأخذوا قيلولةَ بعد الغداء، أما أنا الذي لم أتعوّد على النوم نهارًا، فكانت قيلولتي بين الماء. اخترتُ مغطساً من مغاطس العيون الدافئة، وبقيتُ فيه لمدة نصف ساعة، ثم خرجتُ ومضيتُ صاعداً في الوادي، وفي الجانب الخالي من صوت خرير الماء، وصوت الحياة، ولم أكن أرتدي سوى خرقتين مبتلّتين بالماء، ومنشورتين فوق جسدي الذي تحوّل إلى حبل غسيل، ولأكثر من ساعة بقيت أمشي في وادٍ لا حياة فيه، وباستثناء صوت خطواتي وصوت تنفسي لم أسمع صوت كائن حيّ يزحفُ، أو يسيرُ، أو يطيرُ، أو يتنفسْ.


وحده الصمتُ كان يحيط بي في ذلك الوادي، الذي بدا لي وأنا أمشي فيه كما لو أني أمشي وسط جبلٍ انفلقَ وانشقّ بالطريقةِ نفسها التي انفلق وانشق بها البحر أمام نبي الله موسى.
ولشدة خوفي من الصمت المريع، فكرتُ بالعودة، وقلتُ أرجع إلى المخيم، لكن نفسي الأمّارةُ بالجمالِ أمرتني أن أواصل السير؛ بحثا عن منظرٍ جميلٍ، أو عن كائنٍ حيّ حتى ولو شجرة أو عُشبة في ذلك الوادي الموحش، والمستشرس الخالي من الجمال، ومن أي صوت يشي بوجود حياة.

وعندما وصلتُ إلى أعماق الوادي، وجدتُ صخرةً عظيمةً بيضاءَ وملساءَ وغريبة الشكل كأنها من صخور الفضاء، وكانت تلك الصخرة التي انتصبت أمامي، وسدّت طريقي، هي أجمل منظرٍ رأيته في الوادي، وبعد أن تسلقتُها رأيتُ، وأنا واقفٌ فوقها، امراةً تحمل صرة فوق رأسها، وتتقدّم نحوي، وبقيتُ انتظر.

كانت فارعة الطول، ممتلئةً وسافرة الوجه، وكان عليها حتى تصل إلى الجانب الآخر من الوادي أن تتسلّق تلك الصخرة العظيمة، لكنها، وهي تقتربُ منها، توقفت شبه محتارة، وراحت تتفرّجُ عليها وتقيسُ ارتفاعها بعينيها، وقد بدا لها تسلق الصخرة مع وجود صُرّةٍ كبيرةٍ على رأسها مسألة صعبة، وشيء أقربُ إلى المستحيل، لكن القدرة الإلهية كانت قد وضعتني في طريقها، أو ربما وضعتها في طريقي لحكمةٍ لا أعرفها، واستطيعُ القول، من خلال تجاربي، إن القدرة الإلهية، حين تضع امرأةً في طريقنا، تضعها لتنقلنا من المعلوم إلى المجهول، ومن العادي إلى الخارق، ومن الظلمات إلى النور.

حين اقتربت المرأة من الصخرة، ورأتني أقف فوقها وأنا شبه عريان، ظننت أن ذلك سوف يخيفها، أو على الأقل سوف يحرجها، لكنها راحت تتقدم نحوي، وحين مددتُ يدي إليها لأساعدها على الطلوع، ناولتني صُرّتها، وقد بدت لي تلك الصُرّةُ ثقيلة لكأنها تخفي فيها سراً ثقيلاً من أسرار حياتها.

ثم وقد أخذت منها صُرّتها، ووضعتها جانباً، مددتُ يدي ثانية، ومدت لي يدها، وبعد أن ساعدتها في الانتقال إلى الجانب الآخر من الوادي اتسعت حدقتا عيني من الدهشة، وامتلأ رأسي بالأسئلة:
- من تكون هذه المرأة؟ ما قصتها؟ من أين أقبلت؟ وإلى أين هي ذاهبة؟ لماذا لم تغطِّ وجهها حين أبصرتني؟ وماذا لو أبصرها أحدهم وهي معي؟

كانت شابة في العشرينات من عمرها، وكانت جميلة لها جسدٌ منحوتٌ بلون البرونز، ونهدان متوتِّران لكأنهما ضاقا بقفص صدرها، وكان أول شيء لفت انتباهي بعد أن ساعدتها في تجاوز الصخرة، والعبور إلى الجانب الآخر من الوادي، هو أنها كانت "مخزّنة"، وكان خدها المتكوِّر والمحشو بالقات قد أضفى جمالاً على جمالها، وكانت أول كلمة قالتها لي:
-"خزّن".

قالت ذلك بعد أن أخرجت من جيب صدرها "علّاقِي" من القات "القَطَل"، وكان قاتها من النوع الممتاز يُوحي بأنها مولعيّة تحب القات، وتستمتعُ به، ولاحظتُ من حديثها معي ومن تعابير وجهها أنها كانت منتشية، وفي ذروة نشوتها.
ثم، وقد ساعدتها في العبور إلى الجانب الآخر من الوادي، توقعتُ أن تتركني وتمضي لوحدها، لكنها لم تفعل، وساورني شعور بأنها سوف تخجل مني أنا الغريب، وتغطي وجهها، لكنها لم تخجل، والعكس هو ما حدث، كنت أنا الخجلان؛ لأني أسير إلى جانبها وأنا شبه عريان.


وفي طريقنا، راحت تسألني أسئلة كثيرة، وأنا أجيبُ عليها، ومن بعد رحتُ أنا ألقي عليها الأسئلة وهي تجيب.
قلت لها: أين رايحة في هذا الوقت؟ ومن أين جئت؟
قالت إنها أقبلت من قرية زوجها، وذاهبة إلى قرية أهلها.
وحين سألتها عن السبب.
قالت: زوجي طلقني.
قالت ذلك من دون أن يظهر عليها أنها غاضبة، أو مكترثة لما حدث لها، وربما كانت منتشية بالطلاق أكثر مما كانت منتشية بالقات.
قلت لها: كيف سخي يطلقك وأنت بهذا الجمال!؟
وكنتُ صادقاً في كلامي عن جمالها، ولم أقل ذلك مجاملة لها، فقد كان جمالها من فصيلة نادرة، ومن الصنف النادر الذي لا يمكن العثور عليه بسهولة، لكن المرأة بدت مستغربة من كلامي، وشعرتُ من تعابير وجهها كما لو أني قلت لها كلاماً معيباً، ولا يجوز لي أن أقوله، وعندما رأتني أكرر كلامي عن جمالها راحت تنكر بأنها جميلة كما لو أن الجمال تهمة.


وحتى تنفي تهمة الجمال عنها وتثبت لي أنها ليست جميلة، وأني أخطأت في الحكم عليها، كان عليها أن تكشف لي سرّها، وكان ذلك صعباً ومحرجاً لها. كانت، وهي تمشي معي، أشبه بأولئك الذين لديهم عاهة يخجلون من إظهارها، أو سراً لا يرغبون في البوح به، أو جريمة اقترفوها ولا يريدون أن يعرف أحدٌ بها، لكن المحققين في جلسات التحقيق يضطرونهم إلى الاعتراف بكل شيء، بعاهاتهم، وأسرارهم، وجرائمهم، وهذا ما حدث بعد أن رحت أحقق معها، وأتقمّص دور المحقق.

اعترفت لي المرأة، وقالت لي بما معناه أنّ العبيد ليسوا جميلين، وأنه ليس من اللائق أن أقول عن عبد بأنه جميل، وعن عبدة بأنها جميلة.
كانت تظن أنني فهمت سرها، لكني في الحقيقة لم أفهم ما الذي تقصده بقولها عن العبيد بأنهم ليسوا جميلين، وقلت بيني ونفسي:
- ما دخل العبيد في موضوع الجمال!!
وعندما قلت لها إني أتكلم عنها وليس عن العبيد!!

قالت، وهي محرجة مني وخجلانة ومستحية:
- "أني عبدة".
لحظتها تفاجأتُ، وصُعِقتُ، ودارت الدنيا في رأسي، وبدوتُ خجِلاً من نفسي، وخجلاً من بلدي اليمن، ومن ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، ومن كل الثورات، وشعرت من نظراتها، ومن كمية الخجل والخزي في صفحة وجهها، كما لو أنها تعرّت أمامي، أو كما لو أني نزعت عنها ورقة التوت.
قلتُ لها وأنا ما زلت أجلدها بسوط الجمال:
-لكنك جميلة حتى لو أنت عبدة!!
قالت إنه لا يجوز وأنا رجل وقبيلي أن أقول عنها وهي العبدة إنها جميلة، وأردفت قائلة إن المرأة الجميلة هي المرأة الحرة، والمرأة الحرة هي القبيلية، ولو أنها حرة مثل نساء القبائل لكانت جميلة، ولكان من حقي أن أصفها بالجمال.
وعندئذ عرفتُ السبب الذي جعلها تنزعجُ وتخجلُ، وتشعر بالإحراج وبالخزي عندما قلت عنها إنها جميلة.
لقد كانت تشعرُ في قرارة نفسها بأني أسخرُ منها، أو بأنّي أدينها، والفّقُ لها تهمةً عن جهلٍ وغباء، ذلك لأن الجمال كما تفهمهُ وتحسُّ به هذه المرأة العبدة هو الحرية.

قالت لي، ونحن نعبر الوادي، إنها لو كانت حرة لكان عليها أن تفعل ما تفعله بنات ونساء القبائل اللاتي يمتلكن كامل حريتهن.
قلت لها: وماذا ستفعلين لو أنت حرة؟!
قالت لو أنها حرة يستحيل أن تظهر أمامي، أو أمام أي رجل وهي سافرة الوجه، وسيكون عليها أن تتحجب وتتلثم، وتغطّي وجهها، وتمشي لوحدها، ولا تتكلم مع أي رجل يقابلها في الوادي.
قلت لها: لو واحد من أهلك شافك تمشين معي، وتكلمينا أيش با يفعل؟
قالت -وهي تضحك -إنه لن يفعل بها شيئا، ولن يقدر.
قلت: ليش ما يقدرش؟
قالت -وقد تضايقت من غبائي-:
-يوووووه، قلت لك إني عبدة مش أني قبيلية، ولو أني قبيلية ما كنت خليتك تبصرني، ولا خليتك تلمسني، ولا سايرتك.
ثم التفتت إليّ، وقالت لي وهي تبتسم:
- ذحين أنت مش عيب عليك تمشي معي وأني عبده!!
قلت: من قال لك إنه عيب!!
قالت إن القبائل لو أبصروني وأنا أمشي معها سوف يعيِّروني وينتقصون من قدري
قلت: للمه!!
قالت: ما يمشي مع العبدة إلا عبد مثلها!!
قالت ذلك، وهي تضحك، وتنتظر رداً مني، وكان ردي هو أني سألتُ عن اسمها، وقلت لها: قولي لي ما اسمك؟
لكنها رفضت أن تقول لي اسمها إلا بعد أن أقول لها اسمي.
وسألتها: لماذا تريد مني أن أقول لها اسمي قبل أن تقول لي اسمها مع أنني سبقتها بالسؤال!!
قالت إنني رجلٌ وقبيلي وحر، ولا يحق لها، وهي المرأة العبدة، أن تسبقني في ذكر اسمها.
قلت لها: لا أنا قبيلي، ولا أنا حر، لكن اسمي كيمو.
وبعد أن ضحكت من كلامي، قالت:
-اسمي غرام.
وتفاجأت بجمال اسمها، ووقعت في غرامها من تلك اللحظة، وقلت:
- يا سلام، اسمك جميل.
قالت إنه لا يصح أن أقول عن اسم امرأة عبدة بأنه جميل.
كانت ماتزال عند موقفها من أن الجمال هو الحرية.
قلت لها إنها أكثر حرية من نساء القبائل، ومن نساء صنعاء، وعدن، لكن كلامي هذا أكد لها أني جاهل، أجهل ماذا تعني العبودية، وماذا يعني أن يكون الإنسان عبداً.
وحتى أخفّف من إحساسها بالخجل، قلت لها إن هناك في اليمن رجال قبائل وغير قبائل تنازلوا طواعية عن حريتهم لأحزابهم وجماعاتهم، وصاروا عبيداً برغبتهم وبإرادتهم، لكنهم لا يخجلون من عبوديتهم، وأنها أكثر حرية منهم.
قالت، وهي غير مصدقة:
- مابش قبيلي حر يقبل يكون عبدا.
كانت العبدة غرام شديدة الحساسية من كونها عبدة، وشديدة الخجل، وشعرتُ من كلامها كأن العبودية صخرة عظيمة تجثم فوقها، وتحس بثقلها، وبانسحاقها تحتها.
وحين طلبتُ منها أن أساعدها في حمل الصُرَّة الثقيلة فُزِعَت من طلبي، واستغربت، وقالت لي:
- يووووووه، أنت باين عليك مجنون، قلت لك أني عبدة!!
قلت لها: ولو أنت عبدة أساعدك.
قالت: أنت باين عليك ما تِخْزَاش.
وأوضحت لي أنه من العيب، وأنا قبيلي وحُر، أن أذلّ وأهين نفسي، وأحمل صرتها، وهي امرأة عبدة.
لكني وغصباً عنها مددتُ يدي إلى الصرة، وانتزعتها، ووضعتها فوق رأسي، وراحت هي تتوسل إليّ أن أعيدها إليها، وتقول لي:
-عيب يا كيمو، عيب، قلت لك أني عبدة.
قلت لها -وأنا أتشبث بالصرة-:
- أنت حرة يا غرام، وأنا العبد حقك.
وضحكت غرام، وكادت "تشرق" بالقات من قوة ضحكتها، وقالت لي:
-والله إنك مجنون.
وشعرتُ، وأنا أمشي بجوارها حاملاً صرتها، كما لو أني أحمل عنها صخرة العبودية، ولشدة ما كانت محرجة، قالت إنه لا يجوز لي وأنا رجل حر أن أحمل بدلاً عنها شيئاً يخصها؛ لكني كنت أشعر، وأنا أحمل صرتها وأسير جنبها، بزهو العبد وهو يسير بجوار سيدته.

ولشدة ما كنت مغرماً بسماع ضحكتها، كنت أقول لها كلاماً يدفعها للضحك، وكانت بعد أن تضحك تطلب مني أن أسامحها على ضحكها، وتقول إنه من العيب، وهي عبدة، أن تضحك أمام رجل قبيلي وحر، لكني من إعجابي بضحكتها كنت أغريها بالضحك، وأقول لها كلاما يضحكها.  

وعندما قلت لها إنني عبدها، ومن حقها أن تبيعني، ضحكت من قلبها، وكادت "تشرق" ثانية بالقات.

كان الوادي الموحش والمخيف بصمته المريع والخالي من أي أثر للحياة قد أصبح أقل وحشة، وأكثر حياة وجمالاً بحضور غرام، وبتلك الضحكات التي تطلع من قلبها، ثم إني وبعد أن حملت صرتها شعرت كما لو أن الصرة التي أحملها ليست صرة، وإنما هي صخرة العبودية التي تحملها غرام منذ طفولتها، وربما من قبل أن تلدها أمها.

وطوال سيرنا في الوادي، رحت أدفعها لمزيد من الضحك، وكان الضحك يعزز شعورها بالحرية، وشعورها بالحرية يدفعها إلى المزيد من الضحك. وبعد أن سرنا قرابة ساعة ونصف، وصلنا إلى الجانب الأسفل من الوادي، حيث المياه والينابيع والشجر، وعند وصولنا بدت غرام العبدة ممتنّة ومتجمّلة منّي، ليس فقط لأني ساعدتها في العبور إلى الجانب الآخر من الوادي، وليس لأني حملت صرتها. وإنما لأني أيقظت شعورها بجمالها، وبأنوثتها، وأيقظت كذلك -وهذا هو الأهم- شعورها بالحرية.
وهناك عند ينابيع المياه الدافئة، توقفت غرام وهي تتصبب عرقا.
وبعد أن ذبلت بالقات، راحت تغمس قدميها في المياه الجارية، وتغسل وجهها وشعرها ورقبتها، ثم أخرجت مشطا من صرتها، ومرآة صغيرة، وراحت تمشط شعرها أمامي، لكأنها صدقت بأنني عبدها، وحتى تظهر أمام عبدها كيمو وهي بكامل زينتها، أخرجت أحمر الشفاه، وطلت به شفايفها.
ولن أكون مبالغا لو قلت إنها بدت لي في تلك اللحظة أكثر جمالاً من الإيطالية "صوفيا لورين".

ولشدة ما كنت منبهرا بجمالها، صحت قائلا، وبكل صوتي:
-الله ما أجملك يا غرام!!

لكن الجميلة غرام لم تحتج، ولم تعترض هذه المرة  ولم تقل إنها عبدة، وإنما فرحت وضحكت ضحكةً أحدّ من السكين.

مقالات

حكاية الرجل الصفر

بعد أن التحق ب"فريق المشي المشي وتسلق الجبال" يقنا..، قال لي في ثالث رحلة: - "كيمو.. من حين التحقت بالفريق، وخرجتُ أمشي معكم.. مدري ما حدث لي!!

مقالات

ألاعيب التاريخ مع الديكتاتوريات

التاريخ غريب في إعطاء الدروس للشعوب والحكام معاً، رغم ما تنتظمه من قوانين، أو ما يمكن تسميته بالسُّننْ التاريخية، أو تقلبات التاريخ، وسقوط الدول، وتغيُّر الأنظمة عبر قرون طويلة وآلاف السنين منذ فجر التاريخ، وبقدر ما أصبحت مقدمة ابن خلدون خلاصة للتاريخ فهي أبعد ما تكون عن كل من يصل إلى السلطة.

مقالات

شغل الشاغر ليس الاَّ ..

أدري أن القضايا والموضوعات المرشّحة للكتابة كثيرة، بل غزيرة، أو كما يُقال بالعامية: "أكثر من الهمّ على القلب".. ولذلك، لن يعدم كاتب أو راغب في الكتابة، أو كل من تحكُّه يده للقبض على لجام القلم والشخبطة به، موضوعاً للكتابة مما تتقافز من موضوعات حواليه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.