مقالات

سراب السلام

08/04/2022, 19:54:40

تبرز مفردة السلام من بين ثنايا التناولات الإعلامية الواسعة لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن كحلم قريب المنال.

هكذا تصوّر كثير من التناولات الإعلامية الأمر، بالنّظر إلى تقييم شخصيات المجلس، بعد أن ذهبت رئاسته إلى رجل الدولة المعروف رشاد العليمي.

يتم ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي أحاطت تشكيله ومكانه، وكذلك توجّهاته وبيئة الحرب المستمرة في البلد منذ سبع سنوات.
خلال هذه السنوات، لم تُهيأ الساحة اليمنية للسلام إطلاقا، بل على العكس، جرى تلغيمها بالمليشيات، وصناعة مراكز قوى الصراع.

ومن الواضح أن المجلس بتوليفته المتباينة جاء ليشكّل طابع إضفاء سياسي على هذه البيئة الملغّمة بالجماعات، والقوات التي يُراد توحيدها تحت مظلة واحدة.
ظروف تشكيل المجلس لا تؤشر على أن المرحلة القادمة سلام مستقر لليمن، بعد أن  فرضت كثير من القوى والمليشيا سيطرتها على الأرض.

ويبدو أن هناك تدخلات دولية في فرضه، وهو يعبّر أيضا عن توازن قوى التحالف، الذي تقوده السعودية والإمارات، في اليمن.
كما أن أجندة هذا التحالف غير متوازنة، بسبب أطماع الرياض وأبو ظبي في ثروات اليمنيين، وتقاطعهما مع مصالحهم في سلام عادل ومستدام.
لم نكن بحاجة إلى كل هذا الخراب، والصناعة المدمّرة كي نصل إلى هذه المحطة الفارقة.


ونتوقّع صعوبات كبيرة ستواجه هذا المجلس، وهي المشاكل ذاتها التي صنعها التحالف السعودي - الإماراتي، وراكمها حتى بلغت مرحلة معقّدة.
أكبر هذه الألغام هو مليشيا الحوثي، التي باتت تسيطر على كتلة سكانية كبيرة، وجبايات ومنافذ مهمّة في البلد.

والتقدير المؤكّد أن السلام مع هذه المليشيا صعب المنال، بعد تطوير قدراتها الصاروخية والتسليحية، وفرض سيطرتها على الأرض.
تدرك مليشيا الحوثي تماما أن السلاح هو مصدر قوّتها، وبالتالي من الصعوبة بمكان إقناعها بالتخلّي عنه الآن.

كما أن هناك ملفات كثيرة ستواجه المجلس، مثل قدرته على الانسجام، والعمل بروح الفريق الواحد، فضلا عن قضايا التنمية، وفتح الطرق في تعز، وبقية المحافظات.
وكذا ضبط صرف العُملة المحلية مقابل الدولار، وإنعاش قضايا التنمية، ومباشرة تحصيل الإيرادات.

كل هذه القضايا وغيرها مرتبطة أساسا بوضع مستقر، وتواجد دولة عبر تحصيل مركزي، وليس عبر مراكز قوى صراعية، كما يؤشر إليها هذا المجلس.
أما مسألة عودته إلى البلاد، فهذه مسألة أخرى ستقررها مفاوضات السلام المزعوم مع مليشيا الحوثي، التي عبّرت عن رفضها للمجلس، مجرد الإعلان عن اسمه.


ستظل مشكلة العمل على الأرض هي المحك والأساس، ونتوقّع صعوبة كبيرة في ذلك، لأن الأرض غير مهيّأة لتواجد هذه التوليفة غير المتجانسة.

الأطماع كبيرة والمليشيات كثيرة، حيث أضحت مسلّحة  وتتوزّع مناصب ومغانم، ما يعني أن إدارتها ستُنتج تباغضاً وتعارضاً في قرارات كثيرة.
وبالتالي، لا نتوقّع أن تمضي الأمور على وئام وانسجام خلال المرحل المقبلة، حتى في المناطق التي لا تزال بعيدة عن سيطرة الحوثيين.

مرحلة السلام والاستقرار تحتاج إلى نضوج، وهي مجرد سراب الآن، ولاتزال غير مهيّأة من نواحٍ كثيرة، ونحن بحاجة إلى وقت طويل للحُكم على أن مرحلة جديدة قد بدأت.

مقالات

السعودية حين تريد خلع عباءتها

مهما بلغت السعودية من شأن وتطور وحداثة، ومهما حاولت أن تنسلخ عن ثوبها القديم، ستظل النظرة الغربية تلاحقها كظل لعنة أبدية: ابتزاز بالمال والمواقف.

مقالات

الحوثيون بين تهديد السعودية والإمارات واستهداف الكابلات البحرية

تلوّح مليشيا الحوثي مجددًا باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد السعودية، متهمةً الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحضير لمرحلة تصعيد جديدة تستهدف التحالف العربي، وهو خطاب يعيد إنتاج سردية المظلومية التي توظفها المليشيا لتبرير تحركاتها العسكرية وللتغطية على التحول النوعي في أدواتها، إذ باتت تمثل امتدادًا مباشرًا للاستراتيجية الإيرانية في استهداف المصالح الخليجية والدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب والخليج العربي.

مقالات

قراءة في ضباب المشهد العالمي

لم يكن العالم في أي يوم أسوأ مما يبدو عليه اليوم من فوضى وارتباك وتضارب مصالح وضبابية رؤيا، فمن الحرب في أوكرانيا المزدوجة والمعقدة بين روسيا، من جهة، والغرب الأوروبي الأمريكي من جهةٍ أخرى، التي لا تبدو لها في الأفق نهاية، إلى نزاعات الشرق الأوسط بين إيران المصممة كما يبدو على امتلاك سلاحٍ نووي وإسرائيل المهووسة بحلم الدولة |(اليهودية) في واقعٍ لا يحتمل ذلك والطموحات الجامحة لتركيا، وإلى اليمن المنكوب والسودان المتشرذم وليبيا الغارقة في فوضى الميليشات والسلاح المنفلت، وحتى المغرب المضطرب، نرى مشهداً غير مسبوقٍ في التاريخ الإنساني وخارطةً عريضةً من المشكلات المركبة، المتداخلة، المزمنة والعصية على الحل في المدى المنظور.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.