مقالات

في ذكرى "صعوده"

17/07/2021, 17:20:00

ثلاثة عقود ونيف في الحكم، ومات صغيراً. جعلته الجمهورية ملكاً غير متوج، وهو القبيلي العكفي المجهول، ومات منتقماً من اليمن بكلها، حاضرها ومستقبلها.

في جولته الأخيرة، منحته ثورة '11 فبراير' فرصة العُمر ليخرج من داخل جبل أخطائه المتراكمة، بماء الوجه، وبالثروة التي جمعها وبالحصانة!  فتغلّبت عليه غريزة الانتقام، وعاد ليلعب لعبة مميتة أخيرة، كانت طلقتها الأخيرة فوق رأسه.  

حكم اليمن منفرداً بعد حرب 94، حكم الجمهورية اليمنية التي تمتلك ساحلاً يمتد على 2500 كيلومتر على البحرين 'الأحمر والعربي'، وتحت سلطته 300 جزيرة وجرف صخري لا مثيل لها في المنطقة العربية على الأقل، وتحت سلطته بلد بشعب عظيم ونفط وغاز، والأهم من ذلك تاريخ عريق، ومناطق أثرية، لو حازت اليمن الاستقرار، ونالت مناطقها الأثرية والسياحية العناية اللازمة، لتحوّلت اليمن إلى نموذج عربي للااستقرار، والنمو، والجذب السياحي، لكنه كان صغيراً ومدمِناً للدّسائس والحرشة والمماحكات.  

حتى الجانب الإيجابي من وجه نظامه في الثمانينات (حكومة المتعلمين والتكنوقراط، عبدالعزيز عبدالغني والعطار ومكي والإرياني) تلاشى تحت نشوة انتصار نظامه في حرب 94، وصعدت الغرائز كلها لتحكم اليمن بالنخيط والصوالين والمشايخ والمرافقين.  
لعب بالبيضة والحجر، معتقداً أن بإمكان فهلوته أن تمسك بالخيوط كلها في يده إلى ما لا نهاية.

ناور في قضايا تشرخ النسيج الوطني والوحدة الوطنية.
تلبسته ذهنية القبيلي المتعصّب، بينما هو قاعد على كُرسي حكم الجمهورية اليمنية.  
استخدم قضايا صعدة والجنوب كأوراق 'كوتشينة'، وكأنه يلعب في أرض بعيدة في المتجمّد الشمالي، بينما اللاعبون الإقليميون يمرقون من بوابة "فهلوته" وأخطائه، ليعضدون أوراقهم المستقبلية.  

وظّف إمكانيات الدولة للاستقطاب و"الإخصاء" والاحتواء، وعند الضرورة للتصفيات والاغتيالات، وفِي نهاية المطاف كانت النتيجة بلداً ملغماً، ونخبة منخورة، وأرضاً يباباً مفتوحة أمام قنابله المفرخة، وأمام الانبعاثات الماضوية، وأمام التغوّل الخارجي على حد سواء.  

كان بإمكان علي صالح حتى اللحظة الأخيرة، على سبيل المثال، أن يبقى في السعودية أو أمريكا أو إثيوبيا التي عرضت عليه، وأن يحتفظ بثروته، وببعض منطق يحاجج به، فيما لو سقطت الدولة بدون رقصته الأخيرة، لكن قلبه كان أسودَ، ونظرته دامية، وجمجمته أصغر بكثير من أن تستقر على اختيار الترفّع عن الولوغ في الانتقام وخيار 'شمشون'.

لو امتلك أحد المعدمين الشرهين للغرائز والسلطة إمكانية حياة شبيهة بحياته لمدة عام واحد، لخرج منها متسامحاً مع العالم، وكارهاً لكل ما أُتخم به، وما مارسه من إشباع للغرائز والتسلط، لكن جوع صالح كان منغرساً في الروح، ولا شفاء منه.

ما الذي كان يريده أو ينقصه بعد ثلاثة عقود ونيف؟!
لقد أراد أن يرى اليمن صورة طبق الأصل للحطام المنثور في باحة أعماقه. لقد أراد أن يرى اليمن مكسورة مثل ذاته. أراد أن يراها مهزومة مثله. ولا يقدم على هكذا انتقام إلا مسخ متجرّد من كل إنتماء لليمن والقِيم والوطنية والأخلاق والإنسانية.

مقالات

حكاية المُسَفِّلة غيوم عالم (2)

كانت المُسَفِّلَةُ غُيُوْمْ عَالم تدرك بأن عليها لكيما تضمن حرية التنقّل بين العالمين وتمارس مهنتها كمُسَفّلة أن تحتفظ بعذريتها فلا تتزوّج ولا تدع أحدا يقترب منها باسم الزواج، أو باسم الحب، ولأنها جميلة كان هناك من يحوم حولها ظنا منه بأنها، وإن كانت ترفض الزواج، لن ترفض الحب، وكان أولئك الذين خابت آمالهم في الزواج منها يأملون أن يصلوا إلى بغيتهم عن طريق الحب

مقالات

حكاية المُسَفِّلَة غُيُوم عَالم

مثلما يرتدي رجال الفضاء بدلة الفضاء، ويرتدي الغواصون بدلة الغوص، كانت المُسَفِّلة غيوم عالم كلما همَّت بالهبوط إلى العالمي السفلي، ترتدي بدلة التَسَفُّل "الكفن"، وكانت ما تنفك تقول لنساء القرية إنها عندما ترتدي الكفن تشعر كما لو أن روحها خرجت من جسدها.

مقالات

تأملات عن الفرح البشري

للناس طبائع وميولات غريبة في الفرح. فهناك من يفرح بأبسط الأشياء، وهناك من يتكدّر لمجرد أنه ربح كثيرًا، فيما أخّر زاد عليه بفارق قليل في الرِّبح.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.