مقالات

قُم.. نجْد.. وقلبي دود

13/03/2023, 08:45:08

يتحدثون اليوم عن مصالحة مُرتقبة بين إيران والسعودية، بفرحة غامرة، وكأنهم يتحدثون عن نهاية خالصة للحرب القائمة في اليمن. 

وربما كان لديهم بعض الحق في ذلك، فلتلك المصالحة المأمولة ذيول وخيوط لهذي الحرب المجنونة.

نعم، فثمة ذيل هنا وآخر هناك، وثمة خيط بخيط، فمن الحماقة المطلقة غض الطرف الكحيل عن حقيقة أن المتقاتلين في بلادي لسنا نحن - اليمنيين - إنما هم أولاد الهرمة، وما نحن إلاَّ الوقود. وفي أحسن الأحوال: نحن المتفرجون ببلاهة أو بحقارة، لا فرق!

أشدُّ ما يُثقل قلبي ويُقلق راحتي في مشهد هذي الحرب الملعونة ليس منظر الدماء والدموع والدمار، فهذه سُنَّة الحرب في كل زمان ومكان، إنما هو الأكثر إيلاماً من هذا وذاك؛ إنه مشهد السقوط الأكبر، سقوط المرء في مهاوي الخيانة والعمالة والارتزاق!

ظل اليمنيون يقتتلون بأبشع صورة ولأتفه سبب. وبعد أن ينجلي غبار المعارك، يلتقي المتحاربون على كلمة ليست دائماً سواء، غير أن صفحاتهم تكون برغم سوادها واحمرارها خالية من شائبة العمالة ونائبة الارتزاق.

كانوا يقتتلون لأغراض دنيئة في معظمها، لكنها مُطهَّرة من دنس الأصبع الدخيلة. إنما اليوم فقد كشفت هذه الحرب عن نتانة طافحة جامحة كاسحة لدى أطراف الحرب، ولا أستثني أحداً منهم على الإطلاق. فقد انقسموا فسطاطين: خليجي وفارسي.. ولا مكان بينهما لليمن البتة.

لقد كان العملاء والمرتزقة والخونة من أبناء اليمن - في ما مضى - هم أولئك المرتبطون بالسلطات البريطانية أو اللجنة الخاصة السعودية.

كانت لندن كعبتهم وكمال أدهم نبيَّهم وسلطان ربَّهم الأعلى.. فإذا بنا اليوم قبالة أنبياء كثيرين وأرباب أكثر، وثمة كعبة هنا وهناك: في الرياض وأبوظبي وطهران ومسقط.. والسطور تتسع للإضافة.

وكان الخونة والعملاء والمرتزقة من أبناء اليمن - في ما مضى - ينحصرون في فئات الساسة وكبار الضباط وشيوخ القبائل، إلاَّ من رحم ربي، ودعت له أمه الطاهرة.. لكن فئة جديدة أُضيفت إليها اليوم هي فئة المثقفين، بما تحتوي من كُتَّاب وأدباء وصحافيين وأساتذة جامعات ونحوهم.

وكان الخونة والعملاء والمرتزقة من أبناء اليمن - في ما مضى - يخوضون في وحلهم بصمت مُدثَّرين بالخجل وشعور بالخزي وإحساس بذنب عظيم، فيما هم اليوم يُفاخرون بعمالتهم للأجنبي ويُجاهرون بارتزاقهم على قارعة الطريق، كأنِّي بهم يتلذَّذون بوصفهم "قحبة وفي يدها مشعل"!

وهؤلاء بالذات تروح اليوم تبحث عن اليمن في سطور كتاباتهم وأطروحاتهم ومشاريعهم فلا تجدها على الإطلاق. فلست تجد ثمة إلاَّ حمامة ظبيانية ترقد على عروش أفئدتهم، أو غزالة نجديَّة تربض في تلافيف أدمغتهم، أو طاؤوسا فارسيا يختال بين جوانحهم وجوارحهم؛ أما اليمن فهي مجرد منطوق لفظي رخيص في قاموسهم.

أن يسقط زعيم سياسي في بالوعة العمالة، أو يكبو قائد عسكري في وحل الارتزاق، أو يغدو شيخ قبيلة نخَّاس رذيلة في سوق الخيانة، فهذا والله أهون احتمالاً من رؤية مثقف واحد في هذا الموقف.

وأشدُّ ما آلمني أن أرى رفيقي الماركسي القديم، حامل شهادة التختوراه في العلوم المادية التاريخية والجدلية، يخرُّ ساجداً مُتعبِّداً قبالة العقال والريال، أو مطأطىء الهامة في إيوان قُم، في لحظة مكثفة البشاعة وكالحة السوداوية، تجلَّت فيها كل صور السقوط الرخيص ومعاني الانحطاط الأسطوري!

والسلام ختام ...

"قُم وصلِّ نحو قُم

أو إلى نجدٍ، وضُم"!

والتكملة معروفة... ومصروفة.

أما أنا وأنت، وكما كانت تقول أمي -رحمة الله عليها-: "قلبي دود وعكابر سُود"!

مقالات

أكتوبر اليمني.. جذوة التحرير التي أنارت طريق الوحدة

في الذكرى الثانية والستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، تستحضر اليمن اليوم صفحاتها المضيئة من تاريخ وطني عريق، ومسيرة كفاح ضد الاحتلال البريطاني الذي سلب الجنوب اليمني من روحه، وهمّش كيانه، وزرع الانقسام بين أبنائه عبثًا بقدرٍ واحد.

مقالات

الاستقرار غير ممكن لليمن!

عندما نضع اليمن في مقارنة تاريخية مع دول الإقليم والعالم، نكتشف حقيقة واحدة: أن هذه البلاد التي كان يُقال عنها إنها السعيدة، أو "اليمن السعيد"، وارتبط هذا الاسم بهذا الركن من جزيرة العرب، إنما كان حلمًا من أحلام التاريخ، وأحلام اليمنيين، وأشبه ما تكون بأحلام اليقظة التي ظلت تسافر لزمن طويل في كتب المؤرخين والرحالة وكتب الجغرافيا والتاريخ.

مقالات

التحالف القبلي–السلالي: البنية التاريخية لدوام الاستبداد

يُشكّل التاريخ السياسي لليمن مثالاً فريداً على تفاعل الدين بالقبيلة في بناء السلطة وتوارثها. فمنذ أن دخل الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى صعدة أواخر القرن الثالث الهجري، نشأت نواة نظام سياسي ديني استند إلى نظرية “البطنين” التي حصرت الحق في الحكم في سلالة بعينها من نسل الحسن والحسين، واعتبرت الإمامة وظيفة إلهية لا يحق لغيرهم تولّيها.

مقالات

إيران وغزة.. نهاية أم بداية نهاية

سواءْ اتفقنا أو اختلفنا مع ما جرى طوال ساعات يوم أمس الأثنين الـ 13 من شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري، من تبادلٍ للأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، وسط مشاهد مؤلمة ومؤثرة، فإن ما حدث يعني نقطة تحولٍ بالغة الأهمية، رغم كل الصعوبات التي اعترضت سبيل الوصول ألىهذه النتيجة، بل والثمن الباهظ الذي دفعه سكان قطاع غزة وشعوب المنطقة كافة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.