مقالات
معركة مأرب.. آخر قلاع الجمهورية
دائما ما يقال إن مأرب آخر قلاع الجمهورية وهي تحتضن آلاف النازحين والمشردين من مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.
خلال السنوات الماضية ورغم الحرب، قدمت نموذجا جيدا للدولة والتنمية. سقوطها يعني سيطرة مليشيا الحوثي على كامل جغرافيا الشمال اليمني.
الأهم هو نموذج الدولة الذي تميزت به المحافظة، وهي ربما أيضا آخر الأوراق التي تتستر بها الشرعية في البقاء.
تستميت المليشيا في حشودها ومحاولتها المتكررة لغزو مأرب. الخطورة كبيرة جدا، وتعني فقدان اليمنيين الملاذ الأخير للاحتماء من جحيم المليشيا.
يشبه سقوطها ـ لا قدر الله ـ سقوط العاصمة صنعاء، وبذلك تكون إيران قد ثبتت قدمها في جنوب الجزيرة العربية، وضمن الحوثيون رهانا كبيرا بالسيطرة والتحكم.
كما أن انتفاشتهم ستتوسع وتطغى، بينما ستصيب اليمنيين الحالمين بعودة الدولة في مقتل.
لقد تركت مأرب وحيدة وهي تقدم دفاعا أسطوريا عن الجمهورية. المعركة من أساسها خاطئة حين يتم الرهان على التصدي لهجمات المليشيا.
كان يفترض التركيز على الهجوم بدلا عن الدفاع، ليس في مأرب فقط ولكن في معظم الجبهات وخاصة في معركة نهم والبيضاء والجوف.
لقد تعرضت المحافظة لما يكفي من محاولات الاقتحام والغزو، والمراهنة في كل مرة على انكسار مليشيا الحوثي ليست من استراتيجية الحرب والمقاومة.
لنا أن نتصور حجم المرارة بعد ست سنوات من الحرب، كيف تغيرت استراتيجية المعركة التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي؟.
كانت صنعاء على مرمى حجر. لكن حسابات التحالف وحجم المؤامرات فاقمت معاناة اليمنيين في معركة بدون أفق.
في تقديري أن الخذلان الكبير للجيش الوطني هو في معركة استعادة صنعاء. لا يوجد خذلان فحسب، بل تواطؤ وضرب طيران استهدف قوات الجيش مرارا.
يدرك التحالف، وأعني تحديدا السعودية في معركة مأرب، بأنها آخر أوراق الشرعية في اليمن، والتي بموجبها تدخلت لتنفيذ أجندتها في البلاد.
يبدو أن كثافة الغارات الجوية يعود إلى استشعار خطر اكتساب المليشيا مساحة جغرافية جديدة تسمح لها بالتمدد إلى المحافظة المجاورة وهي الجوف.
بالتالي سيكون الحوثيون على تماس مباشر مع الحدود السعودية في أكثر من محافظة.
لا يعني ذلك أن السعودية لا تدفع الثمن الآن. أضحت الصواريخ البالستية والطائرات الهجومية المسيرة شبه يومية لاستهداف مدن المملكة.
هي فقط تؤجل الخطر الأكبر، وذلك ثمن التآمر على اليمن أرضا وإنسانا.