مقالات
"الحكومة وتضييع الفرص"
لا يمكن لرئيس أن ينام ليلة واحدة هانئة إن كان يحكم بلدا كاليمن في ظروف راهنة كهذه، صعبة ومرهقة.
ومع ذلك تمتلئ الواجهة الخاصة في وكالة سبأ برئيس الجمهورية رشاد العليمي بالتهاني والتعازي للداخل والخارج، وكأنه يحكم واحدة من تلك الدول التي لا يشغلها غير تنمية مواردها الاقتصادية، بحثا وضع أكثر رخاء للمواطنين.
طوال سنوات الحرب التسع لم تقد الحكومة الشرعية مرة واحدة الفعل نحو خطوة جديدة، ولم تتصرف مرة واحدة خارج الخطة السعودية المرسومة لها، ولم تقل يوما إن هذا قراري أو قرار الشعب.
سياسة الحكومة في تضييع الفرص السانحة لتدمير مليشيا الحوثي تنتهي بتصرفات عاجزة ومخيبة للآمال.
أتاحت الأوضاع الداخلية والخارجية للحكومة الشرعية مرات عديدة لتنهي هذه المعاناة الطويلة أو على الأقل لتستعيد الكثير من المناطق التي ما زال يسيطر عليها الحوثي إلى اليوم، لكنها لم تتصرف مرة واحدة بشجاعة كما ينبغي، بل على العكس فهي تمارس سلطتها بحكمة زائدة من الأفضل أن لا يتمسك بها العليمي كثيرا.
في الثاني عشر من نوفمبر حين بدأت عمليات الحوثي المهددة لسفن التجارة العالمية كانت الفرصة أمام الحكومة الشرعية سانحة لتقنع العالم أجمع بالفعل لا بالاستجداء أنها البديل المناسب والقادر على تأمين المنطقة.
لكن ماذا فعل العليمي غير محاولة إقناع الأمريكان، واستجداء الأطراف الإقليمية بالموافقة على استعادة البلاد التي يحكمها العليمي، ويريدها الشعب حرة وديمقراطية وقوية وخالية من المليشيات.
ينتظر العليمي الإذن من العالم، لكن العالم لن يمنح سلطة ضعيفة مشكوكا في قدرتها وغير شجاعة على اتخاذ قرار كهذا.
تركت الحكومة الشرعية محافظة الحديدة نتيجة لضغوطات أمريكية أوروبية انتهت بالقبول باتفاقية ستوكهولم، أما الحوثي فلم يفعل ذلك أبدا.
لم يستأذن الحوثي أحدا حين قرر مهاجمة سفن التجارة في البحر، وما زال يقود الفعل ويتمسك بكل فرصة يمكنها أن تضع المزيد من أوتاد حكمه القائم على النهب والظلم والتمييز الطبقي والقوة الحديدية.
ما زال رشاد العليمي يقود البلد المقسم والمفتت والضعيف بسياسة تقليدية تملأها الكثير مما يعتقد أنه الحكمة في مرحلة لا تحتاج غير إرادة قوية وقرار شجاع.
تعيش أمريكا أضعف فتراتها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وفي حال أضاعت حكومتنا هذه الفرص لتغيير الواقع العسكري في اليمن، فمن يدري أن لا يقايض الحوثيون الولايات المتحدة من خلال إنهاء هجمات البحر الأحمر مقابل الاعتراف بشرعيته.
قد توافق أمريكا الضعيفة والمترددة والتي لا تريد أن تخوض حربا في الشرق الأوسط، فجروحها هناك كثيرة، ومن الأفضل لها أن تُبقي المنطقة هادئة للتفرغ نحو روسيا والصين على أن تملأ رأسها بالمزيد من الصداع.