مقالات
تراث البردوني
مخطوطة رواية "العم ميمون"، للرائي البردوني، أخذتها بين يدي، وكدت أبكي.
ارتعشت يداي – بحق – وأنا أمسك المخطوطة، التي يتجاوز عمرها 30 سنة.
شعرت برهبة حقيقية، كأنِّي أمسك بيد البردوني نفسه، وأشعر بملمس جلد يديه المجعَّد.
خشيت أن أجرح الورق، أن أجرح يد البردوني نفسه؛ لهذا ارتعشت حرفيا وأنا أمسكها.
استنشقت فيها رائحة البردوني، استنشقت أحزانه وإصراره، سمعت – بين خطوطها – صوته المرتعش، وهو يمليها على الشاطبي، سمعت قهقهاته الخالدة.
تصفحت أيضاً فصول (أو حلقات) من كتابه "الجمهورية اليمنية"، نشر بعضها في الصحف، وبعضها لم ينشر ابدا.
أيضاً، مخطوط لكتاب صغير بعنوان "ثوار في رحاب الله"، عن ثوار مغمورين من ثور سبتمبر المجيدة، وهي حلقات كتبت لبرنامج إذاعي بُثّ في السبعينات تقريباً.
في أحد الأيام كنتُ ضيفاً لدى محمد عبده البردوني، ووالده العم عبده البردوني "ابن أخ الشاعر البردوني"، ورأيت مخطوطات هذه الكتب والدراسات، التي لم تنشر، والدروع والأوسمة، وغيرها مما ترك البردوني.
محمد عبده البردوني شاب روائي رائع وصلت روايته "إرث النكبة" إلى القائمة القصيرة في جائزة السرد "حزاوي"، التي نظمتها دار نشر عناوين للعام 2022، يحلم بنشر ما تبقى من أعمال البردوني ويعي جيداً خسارة أن تظل أعمال البردوني حبيسة المخطوطات.
"لولا المشاكل مع بقية الورثة لنشرتها إلكترونيا ليقرأها الجميع مجانا"، قال لي وهو يعطيني رواية "العم ميمون".
الرواية كانت جاهزة للنشر منذ عام 1993، بحسب مقابلة مع البردوني في العام 98، نشرت في صحيفة الثقافية.
تراث البردوني بحاجة إلى جهة حقيقية تتبناه، وتجمع جميع الورثة لتبت في الأمر، وتطبع ما تبقى من أعماله.
الصورة المرفقة التقطها لي محمد البردوني تحت اللوحة الأصلية، التي رسمها فنان اليمن الكبير هاشم علي لفقيد اليمن الكبير البردوني.