مقالات
حكاية لُوْلْ شاهر مع زوجها الذي عاد من القبر
في اليوم نفسه، الذي مات فيه زوجها عبده صالح..
وفيما كانت تغطُّ في النوم، استيقظت لول شاهر من نومها منتصف الليل على صوت طرقٍ على الباب، فقفزت من فوق سريرها، وراحت تجري جهة الديوان وهي تتعوَّذ من الشيطان، وتتساءل بينها وبين نفسها:
"من يكون هذا الذي يدق باب بيتها في يوم موت زوجها؟!!".
ومن نافذة الديوان، أطلت برأسها، وقالت تسأل الطارق:
"مِنُوْ يدق الباب؟!".
وترامى إلى سمعها صوتٌ يقول لها:
"افتحي الباب يالول أنا عبده صالح زوجك".
وكان أن سرت في جسدها قشعريرة رعب، فاقفلت الطاقة، وجرت إلى غرفة نومها، واندسّت تحت البطانية.
لكن الخبطات على الباب صارت أقوى وأقوى، حتى إن جاراتها أفقنَ من نومهنَّ، ورحنَ ينادين عليها من سقوف بيوتهن:
"لُوْلْ.. يا لُوْلْ".
وخرجت لول من غرفة نومها لترد عليهن، ومن شدة خوفها صعدت الدرج إلى سطح بيتها على رؤوس أصابعها، وراحت ترد على نداءاتهن بصوتٍ خفيضٍ لا يكادُ يُسمع.
سألنها عن الشخص الذي يدق باب بيتها:
"من هو؟ ومن يكون؟".
قالت لهن بصوتٍ يرتعش من الخوف:
"رجّال يقول إنه عبده صالح زوجي".
وسألنها، وقد سرت في أجسادهن قشعريرة رعب عما كان ردها عليه!!
قالت لهن:
"لما قال لي إنه عبده صالح كشَّتْني الزُّوْبَةْ، وقشْبَبْتُو، وقفّلتُو الطاقة، وجريتو لفوق القعادة، ودخلتو تحت الكُنبُل".
وطلبت لول شاهر من جاراتها أن يقُلنَ لها ما الذي عليها أن تفعلهُ!! وكيف تتصرّف مع هذا الذي أيقظها من نومها مدّعياً بأنه زوجها!!
قالت لها مريم شمسان:
"قولي له: زوجي عبده صالح مات الله يرحمه".
قالت له لول- وقد تشجّعت بوجود جاراتها في سطوح بيوتهن-:
"زوجي عبده صالح مات -الله يرحمه".
وتناهى إلى سمعها وأسماع جاراتها صوته، وهو يحاول استعطافها:
"حرام عليك يا لول، أنا عبده صالح زوجك، سألتك بالله تفتحي لي الباب، أنا بردان، وما فيش فوقي غير الكفن".
ولأن الصوت كان نفس صوت زوجها، فقد خافت ونشف ريقها، ولشدة خوفها رفضت أن تفتح له.
قالت لها فازعة من سقف بيتها تُغشِّشها:
"قولي له: لِمَوْ رجعت من الموت؟ مُوْرجّعك؟".
قالت له لول شاهر:
"لِمَوْرجعت من الموت؟مُوْرجّعك؟".
قال الرجل، الذي يدّعي بأه زوجها، وهو يواصل طرق الباب:
"قبرونا -يا لول- وأنا حي، وكنت متعجِّب وأقول: ما لهم فعلوا بي هكذا!! لمو يقبرونا وأنا حي!!".
قالت لها فازعة تحذرها:
"لا تفتحي له يا لول، لو فتحتي له الباب شسحبك معه للمقبرة، مثلما سحب أحمد النامس مرته زَمْزَم".
وخافت لول شاهر أكثر بعد كلام فازعة، ومما ضاعف من خوفها هو أن حكاية أحمد النامس كانت معروفة، ومتداولة في القرية، والكل يعرفها، وسمع بها، وكانت النساء كلما تذكرنها تسري في أجسادهن قشعريرة رعب، أما بعد أن ذكَّرتهن بها فازعة فقد تجمدن من الخوف، وصار لديهن يقين بأن عبده صالح عاد من الموت ليسحب زوجته لول شاهر إلى المقبرة.
كان عبده صالح مازال يواصل قرع الباب، ويصرخ بكل صوته طالبا من زوجته لُوْل شاهر أن تفتح له، وهي لشدة خوفها من أن يسحبها معه للمقبرة واصلت رفضها، وفيما كانت عمته نُعْم سالم تطلب منها أن تفتح له وتتركه يدخل كانت بقية النساء يحذرنها ويخوّفنها، ويذكِّرنها بحكاية أحمد النامس وزوجته زمزم، ثم إن فازعة كانت بعد أن عاد أحمد النامس من المقبرة، وأخذ زوجته قد راحت في مجلسها تحدث نساء القرية، وتقول لهن:
"الله يا نسوان، حكم على أبونا آدم يموت قبل امنا حواء، وحكم على الرجال يموتوا قبل نسوانهم، لكن الرجال ملاعين ما اعجبهمش حكم الله، وقالوا:
كيف نموت قبل المكالف حقنا!وكيف ننزل القبر وحدنا؟!!".
واردفت قائلة لهن:
"الرجال -يا نسوان- ما لهمش أمان، ولا يحبوا لنسوانهم الخير، وحتى لو ربي شلّهم من قُدَّامكن شرجعوا، لكن من القبر يتقنّشُوْكِن، ما يعجبهمش تربُخَين، وترتاحين في حياتهم، ولا يعجبهم تتزوجين، وتفرحين بعد موتهم".
وفي الليلة نفسها، التي عاد فيها عبده صالح من القبر، أعادت عليهن الكلام نفسه، وصار لديهن يقين بأن عبده صالح عاد ليسحب زوجته إلى المقبرة.
وبعد كلام فازعة عن الرجال، رحن يتشاجرن مع أزواجهن، ويتهمنهم بأنهم أنانيون يعودون من موتهم ليسلبوهن حياتهن، وليحُولوا بينهن وبين الزواج.
ولشدة خوفها من أن يعود إليها زوجها عبد الستار بعد موته، راحت فنون عبد الرب تحذره وتقول له:
"والله -يا عبد الستار- لو مت ورجعت من القبر تدق الباب لا اسكب فوقك ماء حامي يفور، واصمطك من راسك لا ارجلك".
وأقسمت ليلتها بأنها سوف تُسَمِّت قبره حتى لا يعود إليها، وكانت عودة عبده صالح من قبره قد أرعبتها، وأرعبت جميع نساء القرية، وشعرن بأن عودة أزواجهن من الموت بعد موتهم ليس في صالحهن، وأنهن لو سمحن لهم بالعودة لن يكون باستطاعتهن أن يتزوجن، ويستمتعن بحياتهن.
كان عبده صالح يرد على من كل من يسأله عن سبب عودته من الموت بأنه لم يمت، وإنما داخ ودوَّخ، ودخل في غيبوبة، وغاب عن وعيه، وأنهم استعجلوا في قبره، وقبروه قبل أن تحين ساعة موته.
وقال إنه، ومن دون أن يدري ما الذي حدث، استيقظ مثلما يستيقظ النائم من نومه، لكنه استيقظ على كابوس من التراب والحجارة يجثم فوقه، ويضغط عليه، ويحبس أنفاسه، ويكاد يسحقه ويخنقه، وأنه بعد ساعات من الصراع مع كابوس التراب والحجارة تمكن من فتح ثغرة في قبره.
وكان عبده صالح يحكي ما حدث له بألم، ويعيد سرد حكايته، ويتهم أهل القرية بأنهم قبروه قبل أن تحين ساعة موته.
قالت له عمته نُعْم سالم إن الحاج علوان هو من راح يستعجلهم، ويطلب منهم أن يسرعوا في دفنه، وكان الحاج علوان يتمنّى اليوم الذي يموت فيه عبده صالح حتى يتزوج زوجته بعد موته، وكانت لول شاهر قد رفضت الحاج علوان حين تقدم لها، وتزوجت عبده صالح، ليس فقط لأنه كان يحبها وإنما لأنه كان قد اغترب وذهب إلى عدن وإلى الحبشة، فيما الحاج علوان رغم كونه إقطاعيا كبيرا، وأكبر مالك للأرض، إلا أنه لم يكن قد غادر القرية، وكانت الفتيات في "قرية العَكَابِر" يفضلن الزواج بأولئك الذين غادروا القرية، وسافروا بعيدا، وذهبوا إلى الجهة الأخرى من العالم، وعرفوا الجانب الآخر من الإنسان.
وعندما قالت نُعْم سالم إن الحاج علوان هو من استعجل على دفن عبده صالح جن جنون الحاج علوان، وراح من سقف بيته يلعنها، ويتهمها بالكذب:
"لعنة الله عليك -يا نُعْم سالم- يا كذابة".
قالت له نُعْم سالم:
"والله إنك عاجلتهم، وخليتهم يشلوه المقبرة يقبروه، وهي حي، لكن ربي -إن شاء الله- شعجِّل بأيامك".
وراحت عمته نُعْم سالم، وغيرها من النساء اللاتي تربطهن علاقة قرابة بعبده صالح، يطلبن من لول شاهر أن تفتح له الباب:
"إفتحي لزوجك -يا لول- حرام عليك".
وصاحت لول بكل صوتها قائلة:
-"والله ما أفتح له، لو يدق الباب من ذحين ليوم القيامة".
ثم أجهشت بالبكاء، وقالت لهن:
"لمو أفتح له وهو قا مات؟ ولمو رجع؟ مو رجع يعمل؟".
وكانت بنته زينب (عمرها عشر سنوات) قد استيقظت من نومها، وراحت تبكي وتصرخ بكل صوتها، وتطلب من أمها أن تفتح الباب لأبيها:
"إفتحي الباب لأبي يمّا".
قالت لها أمها تنهرها:
"أبوك مات الله يرحمه".
قالت زينب، وهي تواصل البكاء:
"والله إنه أبي، قلبي يقول لي إنه أبي، الصوت صوته، يمّا إفتحي له يمّا أني فدا لك يمّا".
وعندما قالت لها أمها إن أباها عاد من الموت لأخذها، قالت لها:
"يمَّا أبي قبروه وعاده ما متش، إفتحي له أني فدا لك".
وبعد أن رفضت أمها أن تفتح له الباب، راحت تتوسّل لعمها (مرشد)، وتطلب منه أن يقنع أمها بفتح الباب لأبيها:
"أني فدا لك -يا عم مرشد- قل لأمي تفتح لأبي الباب".
قال لها عمها مرشد مُحْتَداً:
"أنت بعقلك -يا زينب- والا تجننت!! كيف تِشَيْنا أطلب من زوجة أخي الميِّت تفتح الباب لواحد غريب!!".
قالت زينب:
"مش هو غريب -يا عم مرشد- هو زوج أمي، وهو أبي، وهو أخوك، ولو أنت خايف على ادأمي افتح له باب بيتك".
لكن عمها مرشد أنكر أن يكون الرجل الذي بالباب أخاً لهُ، وقال يرد على ابنة أخيه:
"من قال لك -يا زينب- إنه أخي؟! ادأخي عبده صالح مات، وقبرناه، الله يرحمه".
قال عبده صالح، وقد سمع رد أخيه مرشد:
"لو أخي مرشد أنكر إننا أخوه، وأنكرت لول زوجتي إننا زوجها، بنتي زينب مش ممكن تنكر أننا أبوها".
وصاحت زينب بكل صوتها، وقد هزَّ كلام أبيها مشاعرها:
"أنت أبي يا با، أحبك يا با، ما فيش معي أب غيرك يا با".
وتذكّرت زينب بأن جارهم عبد الستار زوج فنون كان صديق والدها، وكانا لا يفترقان كأنهما شخص واحد، وقالت له، وهي مقهورة من أمها ومن عمها مرشد:
"يا عم عبد الستار افتح لأبي، وخلُّوه يدخل يرقد عندك للصبح".
قال لها عبد الستار -وقد سرت قشعريرة في جسده-:
"من قال لك إنه صاحبي يا زينب؟ صاحبي عبده صالح مات -الله يرحمه".
عندئذٍ لم يبق أمام الطفلة زينب سوى البكاء تلوذُ به.
ومن شدة قهرها وحزنها على أبيها انفجرت تبكي بصوتٍ مزّق نياط قلوب أهل القرية.
ولشدة ما أوجعهم بكاؤها، ارتفعت أصوات من سطوح البيوت تطلب من الفقيه سعيد أن يفتح له باب المسجد:
"يا فقيه سعيد إعمل أجر وافتح له باب المسجد".
لكن الفقيه سعيد رفض رفضا قاطعا، وقال لهم:
"كيف تطلبوا مني افتح له باب المسجد وانتم داريين أن عبده صالح عمره ما دخل مسجد!!".
وأردف قائلا:
"الموت نعمة من نعم الله على عباده، ورجوع عبده صالح من الموت عقاب من الله".
وحين سألوه عن السبب في أن الله يعاقبه، قال لهم:
"كان قاطع صلاة، وقاطع الصلاة ملعون، والملعون لا يموتُ ولا يحيا، وعبده صالح لا هو حي ولا هو ميّت".
وبعد كلام الفقيه سعيد شعر أولئك الذين كان ضميرهم يعذبهم بأن عبده صالح شخصٌ ملعون ومطرود من رحمة الله، ولا يستحق أن يتعاطفوا معه.
وحتى زوجته لول، التي كانت تعيش حالة صراع مع نفسها ومع ضميرها، شعرت بعد كلام الفقيه بأنها متصالحة مع نفسها، ومع ضميرها، ومع الله.
لكن فازعة بعد أن سمعت صراخ وبكاء زينب بنته، وسمعت ما قاله الفقيه سعيد من سقيفة بيته، صعدت إلى سقيفة بيتها لتستقبل وحيا تنقض به كلام الفقيه، وكانت الكافرة شجون ناشر تشيع بأن الوحي يتنزَّل على فازعة، وبأنها حين تصعد لسقيفتها تنزل ملائكة من السماء تكلمها. وليلتها، وبعد أن صعدت إلى السقيفة، راحت فازعة تخاطب لول شاهر، وتقول لها:
"إفتحي له الباب -يا لول".
قالت لها نساء القرية:
"كيف هذا الكلام حقك -يا فازعة- أول قلتِ لها لا تفتحش الباب، ولو فتحت شدخل عبده صالح يتقنشها ويشلها معه للمقبرة، وذحين تقولي لها: افتحي".
قالت لهن فازعة إن الكلام، الذي قالته عن عودة الموتى لأخذ زوجاتهم، مجرد خبابير (أساطير)، وأن ما تقوله الآن هو كلام الوحي، ومن سقف بيتها قالت لهن الكافرة شجون ناشر:
"كلام الفقيه سعيد كلام شيطاني، وكلام فازعة كلام رباني".
وبعد أن طلبت فازعة من لول شاهر أن تفتح الباب لزوجها، قال الفقيه سعيد من سقيفة بيته مخاطبا لول شاهر:
"لا تصدقي فازعة يا لول.. لا تفتحي له الباب".
وكان بين السقيفتين (سقيفة فازعة وسقيفة الفقيه سعيد) تباين وتعارض وتضاد، وليلتها كانت فازعة تطلب منها أن تفتح لزوجها، وتدعه يدخل، وكان الفقيه سعيد والحاج علوان يخوفانها ويطلبان منها عدم فتح الباب، وكانت لول شاهرومحتارة لا تدري ماذا تفعل، وكيف تتصرف، وهل تفتح الباب أم لا؟!
وفي تلك اللحظة، وهي تخوض صراعا مع نفسها، قالت لها فازعة:
"الحب -يا لول- أقوى من الموت، وعبده صالح من حبه لك رجع لك من القبر".
وطلبت منها أن تسرع، وتفتح الباب له، قبل أن يموت من القهر والبرد، وعندئذ حملت لول شاهر فانوسها، وهبطت الدرج تجري، وفتحت الباب، وعندما سمعت النساء صوت صرير الباب وهو ينفتح، سرت قشعريرة رعب في أجسادهن.
وفي الصباح، نهضن قلقات ومرعوبات من نومهن، ورحن من سطوح بيوتهن ينادين لول شاهر:
"لول.. يا لول".
وكان أن توجسن خوفا من عدم ردها، وخامرهن شعور بأن زوجها سحبها معه إلى المقبرة، ومما أكد صحة هواجسهن هو أن لول شاهر كانت تنهض من نومها باكرا، وقبل شروق الشمس، ثم إن زينب بنتها حين رحن ينادينها ليسألنها عن أمها لم ترد هي الأخرى.
ولشدة ما كُن قلقات على مصيرها، بقين في سطوح بيوتهن إلى أن حان وقت صلاة الظهر، وعندئذ أبصرن لول شاهر في سقف بيتها وهي بكامل زينتها لكأنها عروس، وحين رحن يسألنها عما حدث، راحت تضحك من قلبها، وعلى غير عادتها، وساورهن شعور بأنها جُنَّت، وحين سألنها عن السبب الذي يدعوها إلى الضحك، قالت لهن، وهي تواصل الضحك:
-"أستحي أقول لكن يا نسوان".
وكانت النساء يزددن فضولا، ويطلبن منها أن تقول لهن السبب الذي يدفعها لكل هذا الضحك:
" قولي لنا -يا لول- مو هو الخبر؟! ولمو تضحكي من قلبك ؟!".
وللمرة الثانية، قالت لهن إنها تستحي أن تقول لهن، وفي العصر حين جئن لزيارتها طلبن منها أن تخبرهن، بدت خجولة ومستحية، وقالت لهن:
"أستحي أقول لَكِنْ يا نسوان".
قالت لها الكافرة شجون ناشر:
"سألتك براس عبده صالح اللي رجع لك من القبر وخليك تفرحي وتضحكي تقولي لنا مو وقع!!".
عندئذ راحت لول شاهر تحكي، وتقول لهن إن عضو زوجها عبده صالح كان ميتا من قبل أن يموت بعامين، وأنه بعد عودته من القبر جامعها عدة مرات، وبطريقة لم تعهدها، حتى في ليلة عرسها، وكانت وهي تحكي لهن تحلق بعيدا من فرط نشوتها، وهُن مستمتعات بحكيها، ومنتشيات.
وفي عصر كل يوم، كانت النساء يحضرن لزيارتها، ويطلبن منها أن تحكي لهن ما حدث ليلة عودة زوجها من القبر.
وحين كانت تعتذر، وتقول لهن إنها قد حكت، يطلبن منها أن تحكي وتعيد، وكانت لول شاهر تفرح وتحكي لهن ما سبق أن حكته بشكل أفضل، وبأداء أحسن، وبنشوة أعظم، كانت قد تحررت من خجلها.
وكانت وهي تحكي ما حدث معها بعد عودة زوجها من القبر، تحكيه كما لو أنه حدث مع امرأة أخرى غيرها، وكان ذلك يفاقم من شعورهن بالمتعة، وحتى لقد رحن يحسدنها، ويتمنين لو أن أزواجهن يموتوا ويعودوا من قبورهم ليفعلوا معهن ما فعله عبده صالح معها، وأما فنون زوجة عبد الستار، التي أقسمت بأنها سوف تستخدم الأسمنت وتسمِّت قبر زوجها عبد الستار حتى لا يخرج من قبره، فقد ندمت على كلامها، وراجعت نفسها، لكنها راحت تدعو عليه بالموت.