مقالات
رئيس بلا وجه!
أنت لست الشخص الذي تظنّ نفسك أنك هو، هل يمكننا القول إنك خلقت للهزائم؟!
وقد قال المتنبي: "لكل امرئ من دهره ما تَعوَّدا". هناك، وفي أحد فنادق الرياض تخلد إلى فراشك مهزوما، وتستيقظ مهزوما، وواهنا، وبلا يقين.
أتطمئن أحيانا إلى كونك رئيسا، وتتساءل عن مَرْتبك بين الرؤساء في العالمين، أنت أقلّ من مسؤول مطلق الصلاحيات، وأدنى من وكيل مرتَشي على حساب الجهة التي يمثلها، وتمضي الحكاية.. العمر ينقضي والأيام المهدورة من عُمر البشر لا تستبدل أو تُعاد، العالم من حولك يتحرّك، لا يتوقف لرُبع ثانية، لقد فقدت كل شيء مقابل حصولك على "ميزانية جيب" من السفير السعودي شهريا، وعلى نهب إيرادات المناطق المحررة، فيما يموت جنودك بلا مرتبات في صحاري ورمال مأرب والجوف، وهم يدافعون عن ما تبقى لك من ماء الكرامة، المُراق على أعتاب فنادق الرياض، يقاتل الجندي وهو يفكّر بيوميات عائلته في مخيّمات النزوح، أو بعُلبة حليب لأطفاله الذين يزعجون سكان الشتات في المخيمات، وهم يبكون من الجوع، ويتضوّرون، قصص مأساوية لا حد لها، وحكايات لا تكفي المجلدات لسردها واستيعاب أحداثها..
لا أدري كيف يمكننا إهدار مزيد من الوقت، ولو ذهنياً، في الحديث عن شرعيتك أيها الرجل "الخَيبة"، والفاقد لكل معاني الإحساس..
منازل اليمنيين تكتظ بعشرات الآلاف من خريجي: الجامعات الحكومية والأهلية، والمعاهد العامة والخاصة، منذ 2014، فيما تكتفي أنت بحشو فمك بالقات الأثيوبي، مطمئنا على مستقبل الأبناء الذي بات مضمونا: رصيد، وشركات، وعلاقات "عامة خاصة"، و"عامة مرئية وغير مرئية"، وحسابات بنكية تطفح بالعُملات الصعبة.
أنا هنا لا أناشد ضميرا أصبح في الثلاجة، أو في أعداد الموتى، بل أناقش مستقبلا بات مظلما في نظر المستفيدين من التغيير عموما/ الشباب، عماد مستقبل اليمن وقد تقطّعت بهم السّبل، وانسدت أمامهم الآفاق، وأظلمت بهم الأنحاء، فلا مستقبل لهم ولا أمل، تحت قيادةٍ من نوعيتك.
كيف وثقنا بك، وقد رأيناك مهرولا إلى عمران بعد سيطرة جماعة الحوثي عليها، وإعلانك بأنها "عادت إلى حضن الدولة"، بعد أن سحقت أهم لواء في الجيش اليمني تشكّل منذ قيام ثورة 26 سبتمبر، وأفرغت خزينة من الرصاص في جسد قائده الشهيد القشيبي!!
كيف لم يستفزنا مشهد ابتسامتك، وأنت ممسكٌ بيد محمد بن زايد بعد أيام فقط من سحق 300 جندي بالطائرات الحربية الإماراتية في مدخل مدينة عدن..
أتدري، إنّني للعام السادس في الغربة، ما قابلت يمنيا واحدا يفكّر بالعودة إلى اليمن، الكل يناقشون فكرة "الخلاص" بالهجرة، لقد زرعت عدم اليقين في قلوبنا، لقد انهزمنا، وتم تطويعنا للغرباء.
نتيجة انعدام إحساسك بالشعب ومسؤوليات الوطن، طعنة حادة تم توجيهها إلى خاصرة كل يمني.
كيف قبلت لنفسك استمراء هذه الحياة، التي تعيشها، وبأي وجه تقابل أولئك السفراء والمسؤولين، وأنت تعيش خارج بلدك للعام السادس على التوالي؟
لماذا لا تفكّر بالعودة لتشغيل الميناء المُعطل والمطار المغلق، لتمنح شعبك الأمل، وإننا بإمكاننا تجاوز هذه الظروف الصعبة..
نحن شعب عزيز، لسنا معوزين ولا فقراء ولا نحتاج "لتمور المملكة"، بل نحتاج لنرى وجه الدولة في المناطق المحررة، وهي تداوي وتجارح وتدفع المرتّب وتمنح الناس الأمل..
لم ينذل اليمني لأحد كما انذل في عهدك، اليمني العزيز المُكافح، التاجر الذي خاض غمار البحار بين الشرق والغرب وطاف العالم، ليبيع ما يُنتج، في وقت كان العالم يعيش على ما تجود به الطبيعة، نحن أهل الحِرف ومضرب المثل في العمل والكفاح والأمانة، لسنا شحاذين ولا فقراء ولا معوزين. نحن اليوم فقط بلا قايد، بلا "رئيس محترم".
نحن لا شأن لنا كيمنيين بأجندة الرياض، ولا بطموح "اسبرطة"؛ نريد استعادة بلدنا، أن نستيقظ غدا وقد عادت مؤسسات الدولة، وجيش بلادنا يهزّ ميدان السبعين في ذكرى الـثورة، وعشرات الآلاف من خريجي الجامعات الحكومية والأهلية منخرطون في سوق العمل، والبلد كلها من أقصاها إلى أدناها ورشة عمل واحدة.. نريد أن نعيش كبقية الشعوب.