مقالات

عن "المعاناة في عصر السوق"

27/11/2024, 07:24:24
بقلم : زهير علي

أصبح السوق هو المكان المشترك، الذي يتطلع إليه معظمنا، في عصر تسود فيه ثقافة تجعل من الاستهلاك مصدرا للسعادة المأمولة.

وهذا لا ينطبق فقط على من يملكون الكثير من المال، بل هو الحلم الذي لا يغادر ذهن أكدح الناس، ممن لا يستهلكون شيئا يُذكر من السلع والأشياء، فثقافة الاستهلاك غير مقصورة على المجتمعات الرأسمالية المستقرة، بل موجودة حتى في أفقر الدول في العالم.

فالإعلام بكل وسائله الحديثة لم يترك بيتاً ولا فرداً -تقريباً- دون أن يصل إليه، ويستفز بداخلنا حب الاستهلاك لما هو مهم وما هو غير مهم، بل أصبح يشكّل أحلامنا ويعيد صياغة رؤيتنا، وغالباً دون إدراك منا، كما لاحظ الكثير من المهتمين بالدراسات الاجتماعية -بمن فيهم أستاذنا المسيري- وهذه الثقافة لها استثناءات بالطبع، وهي نتاج عن النظام الاقتصادي والسياسي، والتوجه الإعلامي السائد في عصرنا.

وهذا الواقع يسبب لنا الكثير من العناء والألم، خاصة نحن الكبار آباء وأمهات، بل قد يجعل حتى البعض ممن يدركون هذه الظاهرة غير قادرين على تجاوز معظم آثارها، ويعانون من أجل كسب المال، ليس فقط لتوفير متطلبات العيش الضرورية، بل لتوفير أي قدر من الكماليات لمن يعولون، فما بالكم بحجم الألم والشقاء الذي نعيشه عندما يتعثر الأب ولا يتمكن حتى من توفير ما هو ضروري؟!

في وسط عالم يحاصرنا من كل مكان، ويجعلنا ومن حولنا نشعر بالحرمان الدائم!

فالسوق اليوم لا يوفر احتياجات الإنسان كما في الماضي، بل يخلق له كل يوم احتياجات جديدة، ويجعل من الأساسي هامشيا والعكس، وبالتالي لن يغادرنا شعور الحرمان بسهولة.

أذكر هنا قصة حدثت مع أحد الأصدقاء المقرّبين ممن يعيشون في أسرة ميسورة إلى حدٍ ما، ويتمتّع أطفالها بقدر من الرفاه، ومع هذا كانت طفلتهم الصغيرة تبكي -ذات يوم- بحرقة، وتؤكد حاجتها الملحة إلى لُعبة شاهدَتها في إعلان تلفزيوني بقناة مُخصصة للأطفال، ولم تعد ألعابها الكثيرة محط اهتمام، وتشعر بالحرمان الشديد؛ بسبب عدم حصولها على تلك اللعبة!.

وتتعاظم قيمة المال الاجتماعية هنا إلى الحد الذي يسعى فيه البعض لكسبه ليس كغاية في حد ذاته، بل أحياناً لكي يحظى بقدر كافٍ من التعامل اللطيف والحَسن من محيطه الاجتماعي، كما أشار ألآن دي بوتون في كتاب "عزاء الفلسفة".

فالكثير ممن حولنا يصعب عليهم تقييمنا وفقاً لحقيقتنا وجوهرنا الإنساني، ويبنون رأيهم عنا وفقاً لما نملك، أو وفقاً لقدرتنا على الكسب، فكلما زادت قدرتك على توفير المال كان ذلك مؤشراً على أنك شخص ناجح ومقبول اجتماعياً.

لا شك أن هناك الكثيرين ممن يكِنون لغيرهم الاحترام لأسباب غير متعلقة بالمال، مثل مكانتهم العلمية، أو الاجتماعية، أو رصيدهم المعرفي، أو أخلاقهم الحسنة، أو حسن معشرهم، أو حسهم الفكاهي أو غيرها، ولكن كل ذلك يختلف عمّا يحتاجه الإنسان من الأصدقاء، حيث نحتاج أن نكون محاطين بعدد معيّن من أولئك الذي يحبوننا لجوهرنا الإنساني دون شروط.

مقالات

أبو الروتي (9)

كان من حسن حظ أخي عبد الحليم أنه سافر من القرية إلى عدن مع جدي، ونزل في بيت جدي، ودرس على حساب جدي، وتفرّغ كليةً للدراسة.

مقالات

الطلاب اليمنيون في تركيا.. تحديات وآمال

شهدت السنوات الأخيرة، زيادة كبيرة في عدد الطلاب اليمنيين، الذين اختاروا تركيا وجهة للدراسة الجامعية، حيث أظهرت الأرقام الرسمية الحديثة لنظام إدارة معلومات التعليم العالي التركي (Yükseköğretim Bilgi Yönetim Sistemi) تطورًا ملحوظًا في هذا الاتجاه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.