مقالات
مبارك للأعزاء الكوايتة
يحتفل أهلنا في الكويت في الخامس والعشرين من فبراير من كل عام بالعيد الوطني الكويتي.
والحق أن للكويت وأهلها مكانة وجدانية خاصة للغاية لدى اليمنيين، دون سائر بلاد الجزيرة والخليج، بل ودون سائر بلاد العرب باستثناء مصر.
فلطالما كانت لهذي الدولة وشعبها وأميرها وحكومتها أيادٍ خضراء في غير ميدان وحقل. ولا يتذكّر أبو يمن أن الكوايتة أساؤوا إليه يوماً، وربما كان العكس هو الصحيح في بعض الفترات، جراء نزق بعض الحُكَّام وفداحة بعض السياسات.
ولعلَّ متابعاً مثابراً لسيرة الثورة في فلسطين واليمن -على سبيل المثال لا الحصر- سيكتشف أن عديداً من رموز الثورة في هذين البلدين قد تعرَّف خلال إقامته واشتغاله في الكويت إلى أولى بذور الوعي الثوري وإرهاصات القضايا التحررية، وملامح الفكر القومي.
ففي هذا البلد الدافئ، تخلَّقت أسس الفكرة الثورية والثقافة القومية لدى أشهر قائد في مسار الثورة الفلسطينية هو ياسر عرفات، وعدد من رفاق كفاحه، فيما كان التجمع المهاجر لأبناء اليمن في الكويت منشأ أصيل للانتماء إلى الثورة ضد الإمامة الكهنوتية والاستعمار البريطاني لدى عديد من رموز تلك الثورة، ومن أبرزهم علي عنتر.
وقد كانت الكويت يومها إحدى نقاط التخلُّق والإبداع والانطلاق المضيئة في مسار النضال القومي والتحرري لمن أسسوا يومها حركة القوميين العرب، على سبيل المثال. وكانت مجلة "الطليعة"، الصادرة في الكويت آنذاك، من أبرز المنابر الأيديولوجية للفكر القومي التحرري.
ولا يزال اسم أحمد الخطيب يمثل رمزاً بارزاً بل خالداً في هذا المضمار. مثلما تكوَّنت في الكويت أيضاً مجموعة من الخلايا الطليعية في عديد من التنظيمات والمنابر والتيارات القومية واليسارية والإسلامية والليبرالية.
مثلما غدت الكويت بعدها أرضاً للإبداع والتنوير وتحرر العقل، عبر وسائط وأدوات متعددة في مسالك الآداب والفنون والصحافة وسائر قنوات الثقافة، فيما ازدهرت فيها حركة النشر والتأليف والترجمة على نحوٍ ضاهى مراكز الإشعاع الفكري والفني في الشرق الأوسط يومها كالقاهرة وبيروت وبغداد ودمشق، بل وجاوزها في بعض الحالات والأحايين.
والحق أن الكويت قد استفادت كثيراً وأفادت أكثر من طفرة النفط لأجل خلق صرح ثقافي وطيد الأركان، مترافقاً مع انفتاح على كل الأفكار والمشارب السياسية والأيديولوجية، على العكس تماماً من جاراتها الأخريات!
مبارك العيد الوطني الكويتي، ليس للشعب الكويتي الشقيق وحده، بل لكل الشعوب التي تحب وتحترم الكويت وأهلها.