مقالات

ولليهود أيضاً زنابيل وقناديل!

25/09/2023, 07:21:00

تعرَّفتُ ذات يومٍ بعيد إلى بحار يوناني، كان يعمل على متن باخرة ترسو في ميناء عدن كل بضعة أشهر.

وكان الرجل يعشق عدن، وله فيها ذكريات جميلة. وكلما حطَّت قدماه على أرض المدينة يأتي إلى مقهى اعتدتُ التردُّد عليه في الحديقة الكائنة في حي حافون.

تكررت لقاءاتنا. وذات يوم - وأظنه قد اطمأن إليَّ - أسرَّ لي بأنه يهودي، ولكنه لا يؤمن بالصهيونية، ولا يتفق مع سياسات إسرائيل وممارساتها ضد الشعب الفلسطيني. ولا أدري مدى صدقه في هكذا مزاعم، ولكنه حذَّرني مرة - وكررها مرة - من اليهود، وبالذات اليهود العرب، قائلاً بسخرية: مصيبة هؤلاء أنهم يهود وأنهم عرب في الوقت نفسه!

تذكَّرتُ هذه المقولة للصديق البحار اليوناني اليهودي، فيما أقرأ تقريراً صحافياً مترجماً عن صحيفة تركية. يتحدث التقرير عن خارطة انتشار اليهود الشرقيين "السفارديم" - والعرب منهم بالذات - في المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

ويشير إلى أن عناصر هذه الفئة - أو الطائفة - بالذات في تلك المؤسسات هم الأكثر ولاءً للدولة الصهيونية من "الأشكناز" يهود أوروبا وأمريكا، وأنهم الأكثر خبثاً وقبحاً وشراسة (لاسيما في أجهزة المخابرات والبوليس) في تعاملهم مع الفلسطينيين، إذْ يُبالغون في استخدام وسائل القمع والتنكيل والتعذيب ضد المتظاهرين والمحتجين والمناوئين للسلطات الاحتلالية والاستيطانية من أبناء الشعب الفلسطيني، وبطرائق وأساليب يأنفها الوازع الأخلاقي، ويندى لها جبين الضمير الإنساني.

ويؤكد التقرير - الذي يحمل عنواناً ضمن أخرى، يقول: العرب الأكثر قمعاً للعرب في إسرائيل - أن الكثير من الوشكناز من الرجال والنساء يتأففون من قمع وتعذيب النساء والأطفال بالذات، فيما على العكس من ذلك لا يجد السفارديم والعرب بالذات أدنى غضاضة من ممارسة ذلك، بل باستمتاع واستلاذ غالباً، ومن دون التفكير بأدنى رادع أو محذور إنساني أو قانوني!

وبالرغم من أن السفارديم ظلوا في بؤرة الاحتقار ليس من قِبل الأشكناز فحسب، وإنما أيضاً من قبل قادة إسرائيل ورموزها التاريخيين، وعلى رأسهم دافيد بن جوريون، الذي كتب في مذكراته: "إن يهود أوروبا شكَّلوا شخصية الشعب اليهودي في العالم بأسره، والصهيونية هي في الأساس حركة اليهود الغربيين"، مُشبِّهاً اليهود العرب (العرب بالذات وليس السفارديم إجمالاً) بأنهم مثل "الزنوج الذين أُحضِروا إلى أمريكا كعبيد"!.. إلاَّ أن هؤلاء استمروا واستمرأوا المبالغة في تنكيلهم بعرب فلسطين - المسلمين والمسيحيين على السواء - على نحوٍ سافر وسافل.

وفي السياق ذاته، في تناوله لهذه الحالة، يشير عالم الاجتماع الإسرائيلي، أيهودا شينهاف، إلى الاهتمام الخاص الذي توليه أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية لتجنيد اليهود القادمين من البلاد العربية (لاسيما العراق والمغرب واليمن ومصر )، ليس فقط "لتستفيد من لغتهم وأشكالهم في اختراق محيط الأعداء"، ولكن أيضاً وأساساً لأنهم أظهروا ميلاً واضحاً للانغماس بقوة مفرطة في المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته بأيّ ثمن وعلى حساب أيّ شيْ بما فيه آدميتهم، ولهذا فإنهم لا يتورَّعون في استخدام العنف بإفراط تجاه أصحاب الأرض الأصليين من العرب غير اليهود!
يا ويلك من زنابيل اليهود.. لا من قناديلهم.

مقالات

رحلتي الجهنمية إلى عدن - ٢- (سيرة ذاتية -٢١-)

عند وصولنا آخر منحدر في "نقيل سُمارة" اصطدمت سيارتنا بسيارة بيجو قادمة من أسفل النقيل، ولا أذكر ما الذي حدث بعد ذلك. أذكر فقط أنني وجدت نفسي راقدًا فوق سرير في مستشفى بمدينة إب، وكل عضو من أعضاء جسدي يكاد يصرخ من شدة الألم.

مقالات

الهارب من الجحيم متهم في المخا

في المخا تُعامَل كلّ نفسٍ هاربةٍ من بطش الميليشيا كما لو أنها خيانةٌ تمشي على قدمين. وكأنّ النجاة من الجحيم أصبحت جرمًا يستوجب العقاب، لا حقًّا من حقوق الإنسان والوطن. بيدَ أنَّ من أبسط مقوّمات الانتماء أن يُتاح لليمني أن يعود إلى حضن أرضه، مهما تلطّخ ماضيه بظلال الخديعة

مقالات

مستقبل العمل الإنساني.. إلى أين؟

تتجه أنظار كثيرين حول العالم إلى العاصمة اليمنية صنعاء، حيث أعلنت جماعة الحوثيين الأسبوع الماضي عن تقديم 43 موظفاً في بعض وكالات الإغاثة الدولية، من أصل 59 تحتجزهم الجماعة، إلى المحاكمة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

مقالات

ما وراء حرب الإبادة في السودان

يشهد السودان حربَ إبادةٍ يحاول صُنّاعها تقليدَ ما يجري في غزة، حتى في الحصار والتجويع وقتل الأطفال. السودان متسع كقارة، وله جوار مع سبع دول، وقبلًا مع تسع دول.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.